الصالونات النسائية: مشاريع ريادية تنجح بالتخطيط وتسقط بالعشوائية

الصالون النسائي مشروع ريادي ينجح بالتخطيط
الصالون النسائي مشروع ريادي ينجح بالتخطيط

تنطوي مشاريع الصالونات النسائية على العديد من التفاصيل المهمة التي يجب أخذها بعين الاعتبار، إذا ما قررت كرائدة أعمال استثمار الوقت ورأس المال والجهد فيها كمشروع ربحي خاص، وهي تعتبر من أهم المشاريع الاستثمارية المربحة، ليس فقط في المملكة العربية السعودية وإنما في كل دول العالم، لكنها كأي نوع آخر من المشاريع؛ ترتبط بتحديات معينة قد تضعف من فرصها بالنجاح، أو العكس إذا ما تم التعامل معها بطريقة علمية احترافية.
وفي ضوء القوانين التنظيمية والشروط الواضحة التي حددتها وزارة العمل السعودية، يمكن القول إن المملكة توفر بيئة آمنة وفعالة ومشجعة لهذا النوع من المشاريع، وللحديث عن هذه المشاريع وأساسيات نجاحها والثغرات التي قد تؤدي بها إلى الفشل، استضفنا الخبير في تحليل المنظمات والتخطيط التشغيلي والإستراتيجي نشأت الدكليلي، وهو متخصص في إعادة هيكلة الصالونات النسائية، ووضع خطط عمل لها.

من أكثر القطاعات المربحة


يؤكد نشأت الدكليلي أن هذا القطاع هو من أكثر القطاعات التي تكون نسبة الربح فيها عالية جداً، وذلك لأن الفرق ما بين تكلفة المنتج / الخدمة والتسعير (قيمة الخدمة) أو الفرق ما بين التكلفة والإيراد عالية جداً، ويضيف: "من خلال خبرتي في دراسة هذه المشاريع، فقد وجدت أنها تقدم أعلى نسبة أرباح لمنتج أو خدمة من بين جميع القطاعات، حتى إنها تتفوق على المصانع والمقاولات والتطوير العقاري، وحتى القطاعات الصحية، وهذا ما يجعله مشروعاً ريادياً رائعاً لأي سيدة أعمال".
لكن هذا النوع من المشاريع وفق قوله "يثير قلق أي شخص يريد الاستثمار فيه؛ بسبب كثرة تفاصيل وتخصصات المشروع وتشعب المهام والتجهيزات، حيث يظهر على أنه استثمار معقد للغاية ويحتاج لدراسة وخبرة ومهارات كثيرة، لكنه ليس بتلك الصعوبة وذلك التعقيد، بل قد يكون سهلاً وبسيطاً للغاية إذا ما تم بالطريقة الصحيحة".

ثغرات وتحديات

الخبير في تحليل المنظمات والتخطيط التشغيلي والإستراتيجي نشأت الدكليلي - الصورة من المصدر


يشير نشأت الدكليلي إلى أن عمل الصالون وفق خطة إستراتيجية أو دراسات؛ يقوده إلى تضخم الأرباح بشكل كبير، مبيناً أنه من خلال متابعته لهذا النوع من المشاريع تبين له أن معظم الصالونات النسائية لا تقام وفق دراسات ولا خارطة طريق ولا قياس مؤشرات الأداء، وقال: "بناء على دراسات قمت بها على واقع الصالونات النسائية في المملكة، تبين لي أن جميع الصالونات النسائية تعاني من مشكلتين أساسيتين؛ هما: الازدحام والانتظار، وهذا يعني أن الأمور تتم بطريقة عشوائية غير مدروسة، كذلك هناك ساعات كاملة خاملة تماماً في عمل الصالونات، وهذا يجعل التكلفة أعلى من الدخل خلال هذه الساعات، كذلك التكرار والتقليد، فنجد أن الخدمات والعروض متشابهة بين مختلف الصالونات، نفس النهج والطريقة والتسويق وهي غير مدروسة كلياً، كذلك معظم هذه الصالونات تعمل وفق قاعدة إدارية اسمها 20 / 80؛ أي أن العمل يكون قائماً بشكل كامل على 20% من الموظفات الفنيات، وبالتالي فإن 80% من الدخل أو الإيراد يكون معتمداً على هذه الـ 20% من الموظفات الفنيات، والباقي يكون زيادة عدد وتكلفة فقط، لأنه ليست هناك دراسة رقمية للمشروع، ويكون فقط مشروعاً قائماً على أفراد وبدون معايير ومقاييس، ولو خسر الصالون الموظفات اللواتي يعتمد عليهن بشكل كامل سيقع وينتهي".
وأضاف: "من التحديات التي يواجهها هذا النوع من المشاريع أيضاً مضاربة الأسعار، فبعض الصالونات تخفض بالأسعار بطريقة مبالغ بها لكسب الزبائن، وهنا لا ينصح بالوقوع في هذا الفخ؛ لأن هذا قد يعطي انطباعاً سلبياً بأن هذا الصالون ليس صالوناً احترافياً، ومن أبرز النقاط السلبية التي تواجهها هذه المشاريع أنها لم يبرز منها مشروع يفكر خارج الصندوق أو يتميز بمنتج أو خدمة أو هدف غير متوقع أو خارج المنافسة".

أدوات أساسية للنجاح

أساسيات وشروط لنجاح المشروع - الصورة من freepik


يؤكد الخبير أن هناك أدوات مهمة مطلوبة للنجاح في عالم الصالونات النسائية، وهي وفق قوله:

  • أولاً: العنصر الأول والأهم هو خارطة الطريق، فالبحث عن الربح من دون رؤية أمر خاطئ تماماً، وهنا لا بد من الاطلاع على قوانين تنظيم هذا القطاع ودراسة السوق والمنافسين لتحديد عناصر القوة.
  • ثانياً: اختيار الثروة البشرية الصحيحة الفنية والإدارية، أو اختيار الفريق على أعلى مستوى، وهذا يعني ألا يكون التوظيف عشوائياً.
  • ثالثاً: اختيار منتجات وخدمات ذات جودة عالية، لأن المنافسة عالية في هذا القطاع والتميز يكون بشكل أساسي في جودة العمل.
  • رابعاً: ليكون المشروع مستداماً وسباقاً، هناك أداة مهمة وهي التدريب التطبيقي بشكل دوري على مدار السنة، وهي غير موجودة في معظم الصالونات.


بالمناسبة، هل تعرفون ما هو هيكل التكاليف؟ ولماذا يُعد مهماً ضمن نموذج العمل؟.

التفوق على المنافسين

شدد الدكليلي على أنه لا بد من تأسيس هذا المشروع وفق خارطة طريق وخطة عمل واضحة وطويلة الأمد، مؤكداً أنه: "لو استغلت كل نقاط الضعف الموجودة في السوق وتم العمل باحترافية وفق الأركان الإدارية الأساسية للمشاريع (المالية – الإنتاج – الموارد البشرية – تقنية المعلومات – التسويق)، وتم بناء هيكل إداري، وإجراء تقييم الموظفين الفنيين والإداريين، هذا سيجعل أي صالون نسائي يسبق منافسيه بأشواط".
وأضاف: "لا بد أن يكون المشروع مدروساً ضمن المراحل الأربع المكتملة، وهي: مرحلة جمع المعلومات، مرحلة التخطيط والدراسات، ومرحلة الإعداد والإنشاء، ومرحلة الانطلاقة والتنفيذ، ولكي يحقق المشروع أصداء عالية؛ يجب أن يخرج من إطار التسويق التبعي وغير المدروس، وللأسف لم يستطع أي من الصالونات استغلال نقطة الضعف هذه لدى المنافسين حتى اليوم".

كيفية تأسيس المشروع

اختيار فريق العمل أمر مهم لنجاح هذا المشروع - الصورة من freepik


تم تنظيم هذا القطاع بالعديد من القوانين والشروط التنظيمية لكنها أتت سهلة ومرنة، بحيث تكون مشجعة لشريحة واسعة من المجتمع من المختصين في هذا المجال ومن المهتمين به أيضاً، وفي هذا السياق قال الدكليلي: "سمح القانون للسيدات السعوديات فوق سن الـ 25 سنة بتأسيس مشروع صالون تجميلي، مع السماح لمن هن دون هذا السن بذلك، شرط حيازتهن على شهادة دبلوم في التجميل، ومن الشروط التنظيمية كان تزويد الصالون بكل الأجهزة والمعدات اللازمة للتشغيل، مع مراعاة معايير الأمان والسلامة، مع بعض الشروط الإدارية والتوظيفية وغيرها المتعلقة بالتراخيص والمستندات والموقع وغير ذلك".
وأضاف: "بعد استيفاء تلك الشروط، يمكن البدء بالتأسيس وهي خطوة تتشابه في مختلف أنواع المشاريع، وكما ذكرنا سابقاً فأول خطوة هي إجراء الدراسات، ثم تحديد عدد عناصر الموارد البشرية، وما هي أعلى طاقة إنتاجية يمكن إنتاجها، وإجراء دراسة مالية، ودراسة مؤشرات قياس الأداء، ووضع الخطة التشغيلية وهي الأهم على الإطلاق لأي مشروع كان، وبالذات الصالونات، فأي صالون يقوم بعمل خطة تشغيلية واضحة ومبسطة وقابلة للتطبيق قادر على أن يصبح الأول في المملكة".
وختم حديثه بالقول: "إن تم عمل هذا المشروع وفق طريقة أكاديمية صحيحة، فلن يواجه تحديات؛ لأن جميع المنافسين الموجودين في السوق يفتقدون لهذا العنصر ويعتمدون على العلاقات والفنيات المبدعات فقط، لكن النسبة العالية في الأرباح تخفي هذه الثغرات وعشوائية العمل، والأخطاء الإدارية لا تظهر بسبب هامش الربح العالي، لكن بوجود دراسة مشروع متقنة؛ يمكن ضمان النجاح ومضاعفة الأرباح بشكل مذهل".
وأخيراً يهمنا أن نقول لرائدات ورواد الأعمال: اطلعوا على سر تعثر الشركات والمشاريع وفق خبراء