طفلك واحترام الخصوصيات

تقع على عاتق الأهل ضرورة تعليم أطفالهم كيفية احترام حقوق الغير من خلال تعاملهم مع الأشخاص والأشياء من حولهم، وذلك عبر بعض الوسائل التربوية الهادفة. إختصاصية التقويم التربوي في مركز «مآب» للتأهيل سوزان عبد الواحد حسن تطلعك على أبرز النقاط في هذا المجال.


لطريقة تعامل الأهل مع خصوصيات الغير أمام الطفل وقع مؤثّر على سلوكيات هذا الأخير. فعلى سبيل المثال، إذا كان الوالدان لا يراعيان في تصرّفاتهما احترام حقوق الجيران أو يتسبّب أحدهما في إفساد بضاعة أثناء التسوّق ويدعها بلا مبالاة أو يرمي المخلّفات في الشارع ممّا يسبّب الأذى للمارّة في الطريق، فإنه يصعب على الطفل تفهّم هذه القيم، باعتباره والديه مرآةً له ويستقي منهما السلوك المناسب. ولعلّ الأكثر وقعاً في نفسية الطفل يتمثّل في طريقة تعامل الوالدين تجاه خصوصياته، ما يفتح الباب واسعاً أمام السؤال عن وجود الخصوصيات في ما إذا كان الطفل لم يتجاوز الرابعة من عمره. وفي هذا الإطار، تجيب الإختصاصية حسن «أن الطفل يشعر بصورة تلقائية بالحاجة إلى الملكية الخاصة مع نهاية العام الأول من عمره تقريباً، وعندما يكبر قليلاً تكون لديه أشياء تخصّه من ألعاب وأغراض معروفة يحتفظ بها، إلا أن بعض الأطفال يحتفظ بأشياء غريبة كعلبة فارغة من الكرتون أو أوراق ممزّقة قد تجد الأم أنه يجب التخلّص منها، ولكن الطفل يتمسّك بها ويحزنه فقدانها لأنه يستخدمها أثناء لعبه وتخيّلاته»، مضيفة «أن هذه الأخيرة تعتبر من خصوصيات الطفل التي يتوجّب إيداعها له طالما أنها
لا تشكّل خطورة على سلامته».

وفي الموازاة، يجب طرق باب غرفة الطفل قبل الدخول أو الإستئذان منه عند الحاجة لاستخدام شيء من أغراضه وعدم التجسّس عليه لمعرفة ما يدور من نقاش بينه وبين أقرانه، إذ من المهم احترام ملكيته وخصوصياته أولاً إذا كان يُتوقّع منه احترام ملكية وخصوصيات الآخرين.

 

خصوصية الوالدين

إن تعويد الطفل على احترام خصوصية وملكية الوالدين، يعتبر صورة مصغّرة ترسم طريقة تعامله مع الآخرين في ما بعد. وفي هذا الإطار، لا بدّ أن تصدر عن الطفل تصرّفات كإحداث ضجة وإزعاج أثناء نوم الوالدين أو أحدهما، أو الدخول إلى غرفة نومهما في وقت الراحة وعدم الإستئذان قبل الدخول، وكذلك العبث بمحتويات حقيبة يد الأم أو محفظة النقود الخاصة بالأب أو العبث بهواتفهما النقّالة  أو أجهزة الحاسوب الخاصة بهما، وفتح الأدراج والتفتيش في الأوراق الخاصة بهما أو استراق السمع إلى مناقشاتهما وحواراتهما. ويجدر بالوالدين، لدى حدوث هذه السلوكيات، أن يقوما بعمل تقويم رادع يمنع الطفل من تكرارها حتى إذا اضطرّا إلى عقابه بلا قسوة، كالحرمان من مشاهدة برنامجه المفضّل أو إلغاء النزهة الأسبوعية.

 

أخطاء تربوية

يولّد كل من الصرامة وتشديد العقوبة على الطفل لدى صدور تصرّف منه ضد حق الوالدين أو الآخرين كبتاً غير مضمون النتائج، فقد يدفع الطفل للسرقة للهروب من العقاب أو يولّد لديه شعوراً بالعدائية ضد من يمتلك أشياء يتمنّاها، وغيرها من الأمراض الســــــلوكية. وكذلك التهاون الشديد في تنبيه الطفل على احترام ممتلكات الغير، يجعل منه طفلاً فوضوياً سيّئ السلوك. وقد يهمل بعض الأهل تحديد ما يمتلكه الطفل وما لا يمتلكه، فيدعونه بدون ممتلكات أو يشترون ألعاباً يتشارك فيها مع باقي إخوته بدون تمييز! وبالطبع، يشكّل الأمر خطأ لأن الطفل الذي لم يتدرّب منذ الصغر على الفصل بين ممتلكاته وممتلكات غيره، قد يصعب عليه القيام بذلك في المستقبل، بل قد يصبح أكثر ميلاً للإعتداء على حقوق وخصوصيات غيره. وقد يبالغ البعض في تحديد ملكية الطفل لبعض الأشياء والتعامل معها على أنها محظورة على الآخرين، ما ينمّي الجشع والأنانية وحب التملّك في نفسه.

وعن أفضل الوسائل التربوية التي يمكن للأهل اتّباعها، تشير حسن إلى أن تحديد نظام مع توضيح الحدود وتعويد الطفل على عدم تجاوزها يعتبر من أفضل الطرق لتعليم الطفل احترام خصوصيــــات الآخــريـــن. ولكن، لا تعني هذه الحدود أن نسلبه حقـه كطفل له دوافــع غريزيـة للعب والإكتشاف، وإنما نعلّمه أن لكل فرد حرمــات وحقوقــاً، وأن حريتــه الشخصية تنحصر في حدود حقوقه.