كلما أصبح الاتصال بالإنترنت أسهل زاد الإغراء الذي يفرزه العالم الافتراضي، فالإنترنت أصبح كالعنكبوت بعدة أرجل، منها ما تنصب الأفخاخ للآخرين، ومنها ما ترخي العنان؛ لتطلق فريسة كانت على وشك الاختناق.
تطرقت كلية العلوم التكنولوجية؛ التابعة لجامعة ساوباولو المسماة «جامعة أوسب» إلى دراسة تحدثت عن جوانب محددة من التطور الكبير في عالم الإنترنت، وبخاصة تلك المتعلقة بالعلاقات الإنسانية، وتأثرها بالعالم الافتراضي.
قالت الدراسة: إن الغالبية العظمى من الناس في العالم يتواصلون عبر الإنترنت، الأصدقاء يسألون عن بعضهم عبر الإنترنت، فيما تقل الزيارات الشخصية. وهناك أناس جدد يتعرفون على بعضهم، وغرف المحادثة المسماة «تشات رومز»، يتواعدون في نقاط التقاء؛ فيتقابلون، إما للصداقة أو لإقامة علاقة غرامية، أو حتى للزواج، إذا جرت الأمور بشكل جيد.
ولكن ليس كل نقاط الالتقاء آمنة، وقد يكون الإنترنت النافذة التي يطل منها المجرم المنحرف للالتقاء بالضحية والانقضاض عليها. وأوضحت الدراسة أن نسبة الجرائم الناجمة عن الإنترنت المسجلة في سجلات الشرطة البرازيلية وحدها ازدادت من 16 % العام الماضي إلى 24 % لهذا العام، ووصل عدد الضحايا في مدينة ساو باولو وحدها إلى 450 قتيلاً منذ بداية العام، وحتى شهر يوليو «تموز».
خيانة زوجية أسهل
إن الخيانة الزوجية أصبحت في يومنا هذا سهلة جداً باستخدام الإنترنت، يدخل الشخص إلى غرفة محادثة في الإنترنت؛ فيتعرف على امرأة افتراضية في البداية، ومن ثم تتحول إلى حقيقية لاحقاً، فمن كان مستعداً للخيانة الزوجية يذهب ويلتقي بمن تعرف عليها عبر الإنترنت، وتبدأ العلاقة، أما الزوجة فربما لا تشك؛ لأن لكل عنوانه البريدي الإلكتروني الخاص به وشيفرة، لكن قد تنكشف اللعبة، وتحدث الكارثة وتنتهي العلاقة الزوجية.
إن هذه السهولة لا تنطبق على الرجال فقط، بل يمكن للزوجة أيضاً إيجاد عشيق لها عبر الإنترنت، فتدخل في المحادثة في غياب زوجها، ويقع الزواج في الهاوية.
أحاديث بريئة
أضافت الدراسة: في كثير من الحالات؛ يدخل الشخص إلى غرفة المحادثة في الإنترنت، وليس في ذهنه إيجاد شريك أو خيانة الزوجة، تبدأ الأحاديث بريئة ليس فيها نوايا سيئة، لكنها سرعان ما تتطور؛ ليتحول العالم الافتراضي إلى بداية؛ للدخول في عالم الفرص وكيفية استغلالها عندما تتوافق مع مصالح شخصية؛ فيتواعدون للتعارف أو الذهاب إلى السينما، ولكن ما يحدث بعد ذلك يعتمد على الجانب النفسي لكل شخص، لكن الخطر موجود دائماً وفي كل الأحوال.
الوقوع فريسة لخطر ما يعتمد أيضاً، طبقا للدراسة، على الحظ؛ فمن المعروف أن الناس الذين يحاولون التعرف على الآخرين ويدمنون على الدخول إلى غرف «التشات» هم عادة أناس يحبون العزلة أو يعانون من مشكلة نفسية ما، فتتحول غرفة المحادثة عبر الإنترنت إلى وسيلة للتنفيس والحديث عن مواضيع لا يمكن التطرق إليها عبر الوسائل العادية لالتقاء الناس.
وبحسب الدراسة، فإن الشريحة الأخرى المدمنة على الإنترنت هم أشخاص يعانون من العاهات الجسدية أو من مشاكل جنسية لا يبوحون بها في الأحوال العادية، وأكدت الدراسة أن هذه الشريحة تكتفي بالبقاء في العالم الافتراضي دون مواعيد للالتقاء الشخصي.
تهديد مستمر
حتى إذا لم يؤدِ الإنترنت إلى تدمير العلاقة الزوجية؛ فإنه يبقى بمثابة تهديد مستمر، إنه تهديد للزوجة والزوج والأولاد. ودعت الدراسة الأهالي إلى مراقبة أولادهم، عندما يدخلون العالم الافتراضي للإنترنت.
وفي النهاية، أكدت الدراسة، أنه هناك دائماً ثمن يدفعه الناس نتيجة التطور المتسارع للتكنولوجيا بشكل عام وتكنولوجيا العالم الافتراضي للإنترنت بشكل خاص، هذه التحذيرات لا تعني أن الإنترنت هو غول أو وحش طوال الوقت، بل إن الحياة خيارات، فمنهم من يختار السير على الطريق الصحيح، ومنهم من يجلب المشاكل لنفسه. النوافذ مفتوحة دائماً للرياح الدافئة المنعشة وللرياح العاصفة المدمرة، وما على الشخص سوى الاختيار.