تكمن المشكلة الرئيسية في داء السكري في أن سنوات عدّة تمرّ عادةً قبل أن يتمّ تشخيصه،
إذ يكون مستوى السكر في الدم مرتفعاً للغاية والأوعية الدموية الشعرية الرئيسة
والأعصاب متضرّرة. ويتطوّر هذا الضرر تدريجياً بدون ملاحظة المصاب، بسبب تدهور
قدرته على الشعور بالألم. وينتج عن ذلك مضاعفات قد تكون خطيرة.
وقد بيّنت الأبحاث الحديثة أن معرفة سبب الخلل والعلاج المبكر بواسطة «الأنسولين» أو بالعلاجات الحديثة قد يحمي المريض، ويعيد إلى الخلايا وظيفتها الأساسية.
لمناسبة اليوم العالمي للوقاية من السكري، «سيدتي» تستعرض أحدث إحصائيات هذا الداء في الدول العربية، والجديد في مجال البحوث والعلاجات، من خلال الحوار الآتي نصّه، مع الإختصاصي في أمراض الغدد والسكري الدكتور شارل صعب.
ما هو الجديد على مستوى البحوث في مجال داء السكري؟
تتركّز البحوث الجديدة التي تتناول داء السكري في كل دول العالم على معرفة السبب المسؤول عن الخلل في إفرازات «الأنسولين» لخلية «بيتا سيل»، وبالتالي الضعف في الإفرازات. وقد بيّنت بعض الدراسات أن السكري يصيب خلية «البيتا» كما خلية «الألفا»، ولا يقتصر على مشكلات «الأنسولين»، بل ينتج كذلك من خلل في إفراز هرمون «الغلوكاغون» وعمله الذي يرفع نسبة السكر في الدم. وتتّصل هذه الهرمونات صلةً مباشرةً مع هرمونات «الاينكريتين» التي تفرزها المعدة والأمعاء.
وكانت الدراسات قد أفادت أن ستّ دول من بين دول المنطقة، هي: الإمارات العربية المتحدة والبحرين والكويت والمملكة العربية السعودية ومصر والأردن، ترتفع فيها معدّلات الإصابة بالسكري لدرجة تصنيفها من بين أعلى 10 معدّلات في العالم. وينطبق الحال عينه على هذه الدول لجهة ارتفاع نسبة الغلوكوز في الدم، وهي مرحلة تسبق الإصابة بالسكري مباشرةً. وفي عدد من الدول الأخرى التي ينتشر فيها داء السكري، لا تظهر الإصابة بالنوع الثاني من هذا المرض في سنّ مبكرة. كما أشارت بعض الدراسات إلى أن الضبط الصحيح لمستوى السكر في الدم يمكن أن يقلّص خطر الإصابة بالأمراض الثانوية الناجمة عن السكري.
أرقام مقلقة في العالم العربي
- ما هو السبب المسؤول عن تزايد نسبة السكري، في العالم العربي؟
يجب التمييز بين النوع الأول والنوع الثاني من السكري، إذ يصيب الأول 80 في المائة من الحالات لدى الأطفال قبل سن العشرين، وينتج عن خلل في المناعة الذاتية. وفي هذه الحالة، يظهر السكري بدون سابق إنذار، ويشكّل نحو 5 إلى 10 في المائة من أمراض السكري عموماً. بالمقابل، تعود أسباب النوع الثاني وهو الأكثر انتشاراً، إلى سبب جيني وبيئي. وقد أدّت البدانة المتزايدة وقلّة الحركة إلى زيادة مخيفة في انتشار النوع الثاني من السكري، خصوصاً لدى صغار السن، إذ يعتبر السكري اليوم وباءً عالمياً حسب تصنيف منظّمة الصحة العالمية.
وبيّنت بعض الإحصائيات أن نسبة البدانة في الدول العربية، وتحديداً في الخليج، تتراوح بين 40 و80 في المائة لدى النساء والرجال الذين تتجاوز أعمارهم الأربعين عاماً. وتؤدّي كل هذه المعطيات إلى ارتفاع نسبة السكري في تلك البلدان بنسبة 3 أضعاف.
ولدى الإصابة بالنوع الثاني من السكري أي عندما تتجاوز نسبة السكر في الدم قبل تناول أي طعام أو شراب (على الريق) 126 غراماً/ديسيليتر لمرّتين متتاليتين، تكون خلايا «البيتا» في البنكرياس قد فقدت نصف حجمها الطبيعي. وابتداءً من اكتشاف المرض، هناك معدّل نحو 15 عاماً لكي يفقد المصاب خلايا «البيتا» كليّاً، وهي المسؤولة عن إفراز «الأنسولين»، إذا لم تتمّ معالجة السكري بطريقة فعّالة، منذ البداية.
- ما هي أبرز العلاجات الجديدة؟
ذكرت آنفاً أن هرمونات «الانكريتين» تتفاعل مع البنكرياس، وذلك من خلال تفعيل إفراز الأنسولين من جهة وتخفيض إفرازات «الغلوكاغون» من جهة أخرى. وفي هذا الإطار، هناك نوعان من العلاجات:
شبيه «الانكريتين» المصنّع، ويأتي على شكل حقن.
مثبّتات «دي بي بي 4»، وهي «الأنزيم» الذي يبطل عمل «الانكريتين»، وتحمل شكل حبوب فموية.
ومن فوائد هذه العلاجات أنه يستفيد منها عدد كبير من الأعضاء في الجسم، من بينها البنكرياس، كما أنها تبطئ عملية الهضم في المعدة ما يعني بطئاً في عملية إفراز السكر في الدم وخفض الشهية، فضلاً عن خفض العوامل التي تؤدّي إلى تصلّب الشرايين.
إذا أردتم المزيد من المعلومات عن الأنسولين البخاخ بالإضافة إلى التوصيات الحديثة لمريض السكري. اقرأوا العدد رقم 1479 من مجلة "سيدتي".