"الرماتويد": الأدوية البيولوجية تثبت فعاليتها في الشفاء

يصيب التهاب المفاصل الرثياني (الرماتويد) النساء بمعدّل يفوق إصابته للرجال بنحو 3 أضعاف. ولذا، قد تعاني كثيرات من آلام في المفاصل أو الظهر، خصوصاً في المرحلة الممتدة بين الأربعين والستين من أعمارهن. وتسجّل معدّلات حدوث المرض حالة واحدة لكل مائة فرد.  

ومؤخراً، أثبتت الأدوية البيولوجية فعاليتها في الشفاء مقارنة بالأدوية التقليدية، وتعتمد آلية العلاج البيولوجي على تركيبة تحقن بالوريد أو تحت الجلد تقضي على بروتين ضار بالجسم مسؤول عن مهاجمة العظام والغضاريف والأربطة. وتشير الدراسات إلى ظهور علامات مشجّعة للحدّ من نشاط المرض الروماتويدي.

"سيدتي" تسأل رئيس شعبة الروماتيزم بمستشفى "هيتيزنج" في النمسا الباحث البروفيسور جوزيف سمولن عن هذا الداء، على هامش "المؤتمر الأول للجمعية السعودية لأمراض "الروماتيزم".

 

كيف يمكن الاستدلال بصورة مبكرة على الإصابة بـ "الروماتويد"؟ 

التهاب المفاصل الرثياني المعروف بـ "الروماتويد" هو مرض روماتيزمي يصيب غضاريف المفاصل، ويمكن أن يؤثّر على الأعضاء الداخلية في الجسم (الرئة والقلب  والعين). ويستهدف مفاصل عدّة، وبشكل متوازٍ بين طرفي الجسم، فإن حدث التهاب في مفصل اليد اليمنى، فلابدّ من حدوث التهاب مماثل في اليد اليسرى، إلا أنّه يؤثّر بشكل رئيس على مفاصل اليدين والمرفقين والكتفين والركبتين والكاحلين والقدمين. ويؤدي إلى ألم واحمرار وتورّم، فضلاً عن إحساس بالحرارة حول المفصل الملتهب. ويصيب مفصلي الوركين أحياناً، فيشعر المصاب بتصلّب فيهما في الصباح ويلازمه هذا الشعور لما يزيد عن ساعة. وقد يؤثّر هذا الداء على مفاصل الرقبة، لكنه لا يسبّب التهاباً للفقرات الظهرية أو القطنية (البطنية) أو لمفاصل منطقة الحوض.

 

مناعة ووراثة

ما هي الأسباب المسؤولة عن الإصابة بـ "الروماتويد"؟

ينتج "الروماتويد" عن خلل في جهاز المناعة، ما يجعله يهاجم غضاريف المفاصل وأجهزة الجسم الأخرى مثلاً مسبّباً التهابها وتلفها، وتلعب الوراثة دوراً في هذا المجال، إذ لوحظ أنّه لدى بعض المصابين أقرباء يعانون من الحال عينها، إلا أن هذه العلاقة لم تؤكّد لأنّ وجود هؤلاء المصابين لا يعني أنّ المرض يمكن أن يصيب جميع أفرادها! وثمة اعتقاد لدى بعض الباحثين بأنّ "الروماتويد" يصيب المرء بعد تعرّضه إلى أمراض جرثومية أو فيروسية تثير جهاز المناعة فيهاجم الجسم.

 

تشغل تداعيات المرض بال النساء. حدّثنا عن خطورته تحديداً؟

لنتخيّل أنّ مريضة لا تستطيع استخدام أحد مفاصلها، علماً أن هذه الآلام والالتهابات تنتهي بتلف وتحطّم المفصل في نهاية المطاف إن لم تعالج مبكراً، فهذا يعني ببساطة عجزها عن أداء مهامها الحيوية اليومية!

من ناحية أخرى، تؤثّر تشوّهات المفاصل التي يحدثها المرض على جمال الجسد، فعندما يتحطّم المفصل من الداخل سيدع تشوّهاً كبيراً على شكله الخارجي.

وتعتبر هشاشة العظام من بين تداعيات هذا المرض عندما يكون هناك ضمور في العضلات، وينتهي الأمر بانكسار المفاصل والعظام وتشوّهها من جهة المفصل العضلي. أمّا من جهة أعضاء الجسم الأخرى، فقد يتسبّب في تليّف الرئة وتجمّع السوائل بين أغشيتها الداخلية والخارجية، كما يمكن أن تتأثّر العين ويصيبها العمى في نهاية المطاف عندما تكون المضاعفات خطرة. وقد تتأثّر الأعصاب الطرفية والكلى!

ويمكن أن يؤدي الالتهاب الروماتويدي الحاد إلى إيقاف حركة بعض الأجزاء في الجسم (الأصابع ومفاصل الركبة والحوض ومفصل الكتف)، وقد يبلغ الأمر شللاً شبه حركي ينتج عن تهتك وتلف المفصل.

 

- هل من أهميّة خاصّة للاكتشاف المبكر لهذا المرض؟

إن التّشخيص الصحيح والمبكر هام للغاية، لأنّه يجنّب المريض الإعاقة أو التّشوّه ويمنع أو يؤخّر تلف المفاصل، كما يقي من المضاعفات. ويستطيع الطبيب المتخصّص أن يشخّص المرض من خلال أعراضه والفحص السريري، وقد يطلب من المريض الخضوع إلى بعض الفحوص المخبرية والأشعة للعظام والمفاصل للتأكّد من التشخيص، كما تحديد مستوى تأثير المرض على الجسم ومدى نشاطه.

ولتمييز هذا المرض عن الأمراض الروماتيزمية الأخرى التي قد تشابهه في أعراضها، ثمة اختبارات عدّة: اختبارات الدّم، وتشمل سرعة ترسّب الكريات الحمر وعامل الروماتيزم. وتظهر صور الأشعّة درجة تآكل الغضاريف. وربما يحتاج الطبيب إلى أخذ عيّنة من سائل المفصل لكي يتأكد من خلوّه من الالتهابات البكتيرية.

 

آلية مواجهة المرض

- ما هي آفاق العلاج؟ 

يغيب العلاج الذي يقضي على الأمراض الروماتيزمية بشكل نهائي، إلا أن بعض البحوث العلمية الحديثة تتبنّى علاجات تحدّ من شدّتها. وتشمل العلاجات التقليدية الأدوية المضادة للالتهاب، وتستهدف تخفيف الألم والتورّم والتصلّب والالتهاب. لكن تناول هذه الأدوية قد يزيد من احتمالية حدوث آثار جانبيّة على المعدة (القرحة والنزيف).

وهناك أدوية تهدف إلى تعديل طبيعة المرض. كما يستخدم "الكورتيزون" للتقليل من حدوث الالتهاب والتورّم، إلا أن تناوله لفترات طويلة وبجرعات كبيرة قد يتسبّب في حدوث آثار جانبية كهشاشة العظام. 

ومؤخراً، تثبت الأدوية البيولوجية فعاليتها في الشفاء مقارنة بالأدوية التقليدية، وتعتمد آلية العلاج البيولوجي على تركيبة تحقن بالوريد أو تحت الجلد تقضي على بروتين ضار بالجسم مسؤول عن مهاجمة العظام والغضاريف والأربطة. وتشير الدراسات إلى ظهور علامات مشجّعة للحدّ من نشاط المرض الروماتويدي. وبعد إقرار فاعليته من قبل "هيئة الغذاء والدواء الأميركية"، يشرع الاختصاصيون في علاج الروماتيزم في أوروبا وفي عدد من بلدان العالم باستخدام العلاج البيولوجي (أكتمرا) Actemra لالتهاب المفاصل الروماتويدي. وهذا الأخير واعد لقدرته على تثبيط المرض وإيقاف تطوّره وتسكينه بنسبة عالية، فهو يستهدف مادة "أي أل- 6" Interleukin-6 وهي من "السيتوكينات" الأكثر وفرة في السائل الزلالي المفصلي، ويعطى بشكل حقنة وريدية مرة واحدة كلّ شهر.

 

نصائح للنساء

- أنصح النساء بممارسة التمرينات المناسبة في الأوقات المناسبة يومياً.

- لدى أداء المهام اليومية في العمل أو المنزل، يجب أخذ قسط من الراحة بين نشاط وآخر.

- توخّي الحذر عند حمل الأشياء الثقيلة، إذ يجب أن يتمّ هذا الأمر بالطريقة السليمة.

- الحفاظ على الظهر مستقيماً عند الجلوس، مع تجنّب البقاء في الوضعية عينها لفترات طويلة، كما الحذر من الأوضاع غير المريحة وتلك المؤثّرة على المفاصل والأربطة.

- استخدام المرتبة الطبية أثناء النوم للحفاظ على العمود الفقري في وضع صحي، إذ أن المرء يقضى ثلث يومه تقريباً على السّرير.

 

هام لك...

لا ينصح بعمل التمرينات الرياضية أثناء نشاط المرض وشدّته، فالمفاصل عند التهابها تحتاج إلى الراحة. لكن، يمكن التحكّم بنوبة نشاط المرض عبر ممارسة التمرينات والعلاج الطبيعي بشكل تدريجي، ويمكن للمريضة ممارسة تمرينات تساعدها على تقوية العضلات وتحريك المفاصل لتلافي فقدانها الحركة، مع الحفاظ على وزن طبيعي. ومن المعروف أنّ تمرينات التحمّل تقوّي القلب وتمنح الجسم طاقة وتساعد على التحكّم بالوزن، وتشمل: المشي والسباحة وركوب الدرّاجة. وتختلف التمرينات حسب المنطقة المصابة، فهناك مجموعة للأصابع واليدين والأقدام والركبة والرقبة وسائر الأماكن المصابة، ويحدّد الطبيب نسبها وفقاً للحالة.