برنامج "لتأكل النصف" يخلّصك من الوزن الزائد

تفيد دراسة علمية صادرة حديثاً عن "هيئة التغذية الأميركية" (ANA) American Nutrition Association أن زيادة وزن الجسم عن المعدل المثالي (حسب المقاييس المتّفق عليها عالمياً) يمكن أن تحدث بآلية سريعة ومتراكمة، لدى إهمال الطرق الوقائية التي تمنع حدوث هذه الزيادة، علماً أن محاولات التخلّص من الدهون المتراكمة في أنسجة الجسم هي عملية شاقة وأكثر تعقيداً تحتاج إلى جهد كبير وإرادة قوية في التخلّص منها. ومن هذا المنطلق، تقترح مجموعة من الباحثين فكرة برنامج "لتأكل النصف" Eat Half الذي لا يهدف إلى إنقاص الوزن فحسب، إنما الاحتفاظ بالوزن الجديد بعد الوصول إليه على الدوام.

"سيدتي" تطلع من أستاذ التغذية العلاجية أكرم رشيد عن أهم المعايير التي ترتكز عليها فكرة البرنامج وكيفية تنفيذها في إطار النظام الغذائي السليم.

 

 

 

 

تعتمد فكرة برنامج "لتأكل النصف" على حساب معدّل كتلة الجسم BMI الذي يتمّ وفقاً له تحديد ما يجب تناوله من السعرات الحرارية عند اتباع النظم الغذائية، فإن دلّ هذا المؤشر على وجود زيادة متوسطة في الوزن تتراوح بين 4 إلى 5 كيلوغرامات عن الوزن الطبيعي، يجب أن تكون متطلّبات الجسم من الطاقة 24 سعرة حرارية لكل كيلوغرام من الجسم. أمّا إذا تجاوز معدّل كتلة الجسم 30 (وهي الحالة التي يصنّفها الخبراء بالسمنة المفرطة)، فيُوصى بإنقاص إجمالي السعرات الحرارية في اليوم إلى ما لا يقلّ عن 1200 سعرة حرارية موزّعة على الوجبات الثلاث أو الخمس حسب توصيات طبيب التغذية.

 

وفي هذا الإطار، يقدّم خبراء التغذية 5 أسس لكيفية تطبيق برنامج "لتأكل النصف"، وهي:

 

1 تناول "نصف الكمية" من الطعام المفضّل




ينصح برنامج "لتأكل النصف" بتناول أنواع الأطعمة المفضّلة بدون الحرمان من أحدها، ولكن بنصف الكميّة. وفي هذا الإطار، يضع الخبراء بعض الوسائل التي تساعد على إنجاح فكرة "النصف من الطعام"، أبرزها:

-        خفض كمية استهلاك الطعام إلى النصف شريطة الحفاظ على أن يكون الغذاء متكاملاً ومتوازناً ويضمّ المواد الغذائية الأساسية كافّة من بروتينات و"كربوهيدرات" ودهون.

-         يساعد تناول كوبين من الماء عند الشعور بالجوع وقبل الشروع في تناول الطعام على خفض الكمية المتناولة من الطعام وزيادة الاستمتاع به.

-       إن تحديد الكميات المتناولة من الطعام واختيار نوعيتها مسبقاً يساعدان على زيادة الالتزام بعدد السعرات الحرارية المفروض تناولها في نطاق نظام إنقاص الوزن "لتأكل النصف" وعدم تجاوزه.

-       يساعد استخدام أطباق وأدوات المائدة الصغيرة أثناء تناول الطعام على التخفيف من الكمية المتناولة منه إلى النصف تقريباً.

-         يبدأ الشعور بالشبع بعد حوالي 20 دقيقة من بدء تناول الطعام طبقاً لـ "منظمة الصحة العالمية"، ما يؤكّد أن المضغ الجيد بمعدّل يتراوح بين 20 إلى 22 مضغة في المرّة الواحدة يساعد على تناول كميّة أقل منه، بالإضافة إلى أهمية التوقف عن تناوله وقت الشعور بالشبع. 

 

 

2  تركيبة الطعام 


 


مما لا شك فيه أن معرفة تركيبة الطعام تساعد على الإجابة عن السؤال التالي: من أين نبدأ خفض السعرات الحرارية؟ ولأن الدهون تحتوي على أكبر قدر من السعرات الحرارية (9 سعرات حرارية لكل غرام من الدهون)، يؤكد الباحثون من خلال توصيات الهرم الغذائي، على ضرورة تناول غرام واحد من الدهون لكل كيلوغرام من وزن الجسم الذي يكون مؤشر كتلته طبيعياً (من19 إلى 24). ولكن، يجدر خفض هذه الكمية إلى النصف في حالات الزيادة المتوسطة في الوزن والتي تتراوح من 4 إلى 5 كيلوغرامات، وإلى ثلث غرام فقط من الدهون في حال السمنة الزائدة.

وتظهر دراسة "منظمة الغذاء والدواء الأميركية" FDA أن هناك نقطتين يمرّ بهما المرء عند تناول الطعام، هما: نقطة بدء الشعور بالشبع ونقطة امتلاء المعدة، ما يفسّر المشكلة التي تواجه غالبيّة البدناء وهي اعتيادها على ملء معدتها بالطعام إذ لا تكفّ عن تناول الطعام عند النقطة الأولى، بل تستمر في التهام المزيد منه إلى أن تشعر بالشبع الممتع الذي يحدث عند امتلاء معدتها بالطعام! وتجدر الإشارة إلى أن التوقف عن تناول الطعام في نقطة بدء الشعور بالشبع يؤدي إلى تناول نصف كميّة الطعام. وبناءً عليه، يوصي الخبراء باستخدام نصف كمية الدهون المعتاد عليها عند إعداد الطعام، ما يعمل على خفض كمية السعرات الحرارية إلى النصف، علماً أن محاولة تناول النصف من الطعام سيستمر إلى أسابيع عدة متتالية، وذلك حتى يتمكّن الشخص من التغلّب على شعوره المستمر بالجوع، بجانب زيادة قدرته على التوقف عن تناول الطعام عند النقطة الأولى من الشبع بسبب صغر حجم المعدة وعودتها إلى حجمها الطبيعي.

 

3  تغيير عادات تناول الطعام 


-         تجنّب تناول الطعام أثناء القيام بالأعمال المكتبية أو إجراء مكالمات هاتفية أو مشاهدة التلفاز لما يسبّبه هذا الأمر من اضطرابات في المعدة والجهاز الهضمي، علاوة على عدم الشعور بالكمية المتناولة منه ما يؤدي إلى الإسراف فيها.

-        يفضّل أن يكون تناول الوجبات الغذائية الرئيسة في وجود أفراد من العائلة أو الأصدقاء، مع الحرص على تبادل الأحاديث الهادئة بينهم، الأمر الذي يستهلك معظم الوقت لحين بدء الشعور بالشبع.

-        تفادي الإسراف في تناول "المسليات" والمكسرات المملّحة إذ يحتوي كل 100 غرام من اللب المقشر على 550 سعرة حرارية، كما يحتوي كل 100 غرام من الفول السوداني أو اللوز على 600 سعرة حرارية!

-         يُنصح عند بلوغ سن الأربعين وما فوق بتقليل 100 سعرة حرارية من إجمالي السعرات الحرارية اليومية كل سنتين على الأقل، نظراً إلى أن وظائف الجسم تعمل ببطء في تلك المرحلة، ما يقلّل من احتياج الجسم من الطاقة.

-         تفادي الإفراط في الطعام أثناء الدعوات أو الحفلات. وفي حال وجود الطعام المفضّل فلا مانع من زيادة الكمية المأخوذة منه، ولكن على حساب نقص نوع آخر من المأكولات، مع محاولة إيجاد التوازن بين المكونات الأساسية للغذاء وخصوصاً البروتينات و"الكربوهيدرات" والخضر والفاكهة والقليل من الدهون.

 

4  زيادة استهلاك الطاقة بزيادة الحركة 



يشدّد الباحثون على ضرورة استخدام المجهود البدني في القيام بالأعمال اليومية الروتينية كصعود الدرج بدلاً من استقلال المصعد أو المواظبة على مشي المسافات القريبة من المنزل بدلاً من استخدام السيارة للتخلّص من السعرات الحرارية الزائدة. ويثبت بعض اختصاصيي اللياقة في "المعهد الأميركي للطب الرياضي" Medicine Institute (ASMI) American Sports في هذا الإطار، أن القيام باستهلاك الطاقة في الأنشطة اليومية العادية قد يخلّص الجسم من 100 سعرة حرارية في اليوم على الأقل والتي كان سيتم تخزينها في خلايا الجسم الدهنية، ما يؤدي إلى حدوث زيادة  في الوزن تتراوح بين 5 إلى 8 كيلوغرامات سنوياً، علماً أنّ كيلوغراماً واحداً من الدهون المتراكمة حول البطن والخصر يحتوي على 7000 سعرة حرارية، ما يعني أن خفض 100 سعرة يومياً قادر على تخليص الجسم من كيلوغرام واحد من الدهون في فترة 70 يوماً! ومن جهة أخرى، تعمل زيادة الحركة وممارسة الأنشطة البدنية على سرعة استهلاك المخزون في الكبد وعضلات الجسم من "الجليكوجين"، ما يمكّن العضلات من استقبال كميات جديدة منه، وبالتالي منع تحويل غلوكوز الدم إلى دهون بواسطة الأنسولين. 

 

5  إنقاص الوزن ببطء





إن الهدف الحقيقي من برنامج "لتأكل النصف" ليس إنقاص الوزن فحسب إنما الاحتفاظ بهذا الوزن الجديد لفترات طويلة بعد الوصول إليه، وبالطبع لا يتمّ هذا الأمر سوى عند إنقاص الوزن ببطء. وفي هذا الإطار، ينصح بعض الباحثين في "المركز الكندي للغذاء والتغذية" بعدم إنقاص الوزن بمعدل يزيد عن 400 إلى 500 غرام في الأسبوع أي  كيلوغرامين في الشهر، ويعزون الأمر إلى أسباب عدة، أبرزها:

-         إن التخفيف من كميّة الطعام أو السعرات الحرارية التي اعتادها الفرد يومياً ليست بسهلة، إذ يجدر بمتتبّعي الحميات الغذائية إعطاء أجسامهم فرصة للاعتياد على الوضع الجديد ببطء.

-         يحاول جسم الإنسان غالباً العودة إلى النقطة التي كان قد بلغها قبل بدء اتباع نظام إنقاص الوزن، وهي النقطة التي اعتادها لفترات طويلة. لذا، ينصح الخبراء بتجنّب السرعة في إنقاص الوزن وإعطاء الجسم الوقت الكافي لتقبّل نقطة التمركز الجديدة له.

-         يلاحظ بعد فترة من بدء النظام (حوالي 6 إلى 8 أسابيع تقريباً) أن معدّل إنقاص الوزن انخفض أو توقّف تماماً، وقد يستمر هذا الوضع إلى أسبوع أو أسبوعين. وفي بعض الحالات، قد يزداد الوزن مرّة أخرى حوالي نصف كيلوغرام، ما يفسّر محاولة الجسم الرجوع إلى وزنه الأصلي! وفي هذه الحالة، يتفق العلماء على بذل المزيد من النشاط الرياضي واتباع إرشادات الحمية المتبعة لمساعدة الجسم في الخروج من نقطة تمركز الوزنWeight – set – point .

-         إن التذبذب في وزن الجسم يخضع لعوامل مختلفة، أبرزها كمية الماء المختزنة أو التي تخلّص منها الجسم نتيجة تأثير تناول بعض الأطعمة على خلايا الجسم. فهناك أنواع معينة من الطعام تحفّز الخلايا على تخزين الماء كالأطعمة الحرّيفة أو المملّحة، بينما هناك أنواع أخرى تؤدي إلى إدرار البول بكثرة كالفاكهة وخصوصاً البطيخ والشمّام.