تعرّفي إلى نقطة تمركز الوزن للتخلّص من الكيلوغرامات الزائدة المرهقة

يعتقد خبراء في "الجمعية الأميركية للحمية" ADA The American Dietetic Association أن لكلّ امرئ بالغ وزناً محدّداً يحاول الجسم أن يتمركز عنده، وقد يتذبذب هذا الأخير صعوداً أو هبوطاً حول هذه النقطة والتي يطلق عليها الخبراء اسم "نقطة تمركز الوزن" Weight set point أي النقطة التي يحدث عندها التوازن بين السعرات الحرارية التي يحصل عليها الجسم من الغذاء والسعرات الحرارية التي يفقدها من خلال قيامه بوظائفه الحيوية ونشاطه البدني.ويبيّنون مجموعة من العوامل المحدّدة المسؤولة عن نقطة تمركز الوزن لكل جسم، ومن بينها العوامل الوراثية وعوامل سوء التغذية التي تتعلّق بتكوّن الخلايا الدهنية في فترة الطفولة نتيجة الإسراف في تناول الطعام، علماً أن هذه الخلايا الدهنية حين تتكوّن في الجسم لا تزول بل تبقى منتظرة لإعادة ملء نفسها.


"سيدتي" تطلع من أستاذة التغذية العلاجية ورئيسة قسم التغذية بمستشفى الملك سعود نوال البركاتي على التفاعلات التي تحدث في الجسم عند البدء في اتّباع برامج إنقاص الوزن والتي تصل به إلى نقطة تمركز الوزن.

 

يتّفق الخبراء على أن الجسم يمرّ بمجموعة من التفاعلات الكيميائية خلال الأيّام الأولى من اتباع أحد  برامج إنقاص الوزن، ينتج عنها تحريك مخزون الطاقة الزائد داخله واستهلاكها في شكل فقد لبعض المركبات العضوية في الجسم، أهمها:


1 مخزون السكر في الجسم: توصّل باحثو التغذية في "جمعية الغذاء الصحي الكندية" Canadian Health Food Association (CHFA) إلى أن مخزون السكريات هو ما يبدأ الجسم في استهلاكه أولاً، بهدف تعويض نقص الطاقة الناتج عن خفض كميّة السعرات الحرارية المتناولة من الغذاء. فمن المعروف أن السكريات الزائدة تتحوّل بفعل عمليات التمثيل الغذائية إلى مركبات عضوية سكرية تسمّى بـ "الجليكوجين" Glycogene تختزن في عضلات الجسم وتحتوي على 80% من وزنها من الماء. وفي هذا الإطار، يوضح الخبراء أن نقص الوزن في الأيام الثلاثة الأولى من اتباع إحدى الحميات الغذائية يكون ناتجاً عن استهلاك الجسم لمخزون "الجليكوجين" في الكبد وإحراقه أثناء قيامه بأي مجهود عضلي أو نشاط بدني كممارسة الرياضة مثلاً، ما يخلّف كميّات كبيرة من الماء يطردها الجسم في شكل تعرّق أو تبوّل.

 


2 البروتينات: يستمر الجسم، بعد ذلك، في استهلاك ما لديه من بروتينات ليحصل على الطاقة اللازمة للقيام بوظائفه وأنشطته، علماً أن استهلاك الجسم للبروتين يؤدي إلى:

-                      فقد كميّة أخرى من الماء في صورة تعرّق، ما يسبّب نقص معدّل السوائل في الجسم وإصابة الخلايا والأنسجة بالجفاف. 

-                      توافر مخلّفات من عمليّات التمثيل الغذائية للبروتين، وهي أملاح تحتوي على نسبة عالية من "النيتروجين" كالحمض البولي والنشادر، يتخلّص الجسم منها عن طريق التبوّل. ومن هذا المنطلق، يؤكد الخبراء على ضرورة تناول كميّات كبيرة من الماء والسوائل (من لترين إلى لترين ونصف اللتر) يومياً لمساعدة الجسم على التخلّص من هذه المخلّفات عن طريق التبوّل.

-                      إجهاد الكلى نتيجة أيض البروتين ونقص السوائل في الجسم.

-                      ترسّب مخلّفات أيض البروتين على مفاصل الجسم وزيادة فرص الإصابة بالنقرس.

 


 

3 الدهون: يذكر باحثون في "جمعية التغذية الأميركية"  أنّه بعد أيّام عدّة من بدء اتباع نظام إنقاص الوزن (من 3 إلى 5 أيام)، يبدأ الجسم في استهلاك مخزونه من الدهون، علماً أن مخزون الدهون هو الخيار الأخير الذي يلجأ إليه الجسم لتعويض نقص الطاقة فيه. كما يجدون أن تكوّن الدهون على أنسجة الجسم يتمّ بسهولة نتيجةً للإسراف في تناول الطعام، فيما أن التخلّص من هذه الدهون هي أصلاً عملية شاقّة وتحتاج إلى وقت طويل. 

ومن جهة أخرى، تؤكّد دراسة طبية نشرت في "جريدة السمنة الدولية"International Journal of Obesity أن استمرار النقص في إمداد الجسم بما يحتاجه من سعرات حرارية لفترة طويلة يدفعه إلى إحراق كميّات صغيرة من الدهون يومياً للحصول على الطاقة الناقصة من الغذاء. وتضيف أنه أثناء مزاولة نظم إنقاص الوزن، تقوم الخلايا الدهنية بإفراغ محتوياتها تدريجياً وببطء شديد، فتنكمش وينقص الوزن، ولكن عند التوقّف عن اتباع تلك النظم، تعود هذه الخلايا للامتلاء مرّة أخرى بشراهة أكبر وبكميّة أقل من السعرات الحرارية فيزداد الوزن أكثر ممّا كان عليه قبل البدء في الحمية الغذائية!وتعرف هذه الظاهرة علمياً باسم "اليويو"  yo – yo effect The، وتشكّل السبب الرئيس في فشل غالبية نظم إنقاص الوزن.

 

 

معتقدات خاطئة

ثمة معتقدات خاطئة تؤدّي إلى تمركز الوزن وصعوبة التخلّص منه، أبرزها:

- أن القيام بمجهود عضلي شاق أو مزاولة التمرينات الرياضية العنيفة لفترات طويلة يؤدي إلى احتراق الدهون المتراكمة في خلايا الجسم قبل البدء باستهلاك النشاء الحيواني (الجليكوجين) المختزن في الكبد والعضلات نتيجة استنشاق كميات كبيرة من الأوكسجين أثناء ممارسة هذه التمرينات، ما يدخل الجسم في عملية من أكسدة الدهون واحتراقها الفوري. ولكن الحقيقة العلمية التي يثبتها الخبراء تفيد أن ما يحدث في جسم المرء، عند القيام بأي نشاط بدني، خفيف أم عنيف، هو البدء باستهلاك "الجليكوجين" المختزن في العضلات والكبد الناتج عن تناول الكم الكافي من "الكربوهيدرات". فإذا امتنع المرء عن تناول "الكربوهيدرات"، كما تنصح بعض نظم إنقاص الوزن، فإن الجسم يبدأ في استهلاك بروتين العضلات للحصول على الطاقة. وفي هذه الحالة، لا يفقد الجسم غراماً واحداً من الدهون المتراكمة فيه بل يحتفظ بها لاستخدامها عند مواجهة نقص  كبير ومستمر في إجمالي الطاقة التي تصل إليه (المجاعة)، ما يؤدي إلى تمركز الوزن وصعوبة التخلّص منه.

- أن ممارسة الرياضة العنيفة لمدة طويلة تسمح بتناول كميّات كبيرة وغير محدّدة من الطعام أو المشروبات الغازية الغنية بالسكر. ولكن، يحذّر الباحثون في "منظمة الصحة العالمية" من خطر زيادة السعرات الحرارية التي تصل الجسم بواسطة الغذاء، متضمّناً ذلك المجهود البدني. ويكمن الحل الأنسب في شرب المياه المعدنية بدلاً من الغازية، فضلاً عن التحفّظ في التهام الطعام بحيث تقلّ السعرات الحرارية التي تصل إلى الجسم عن احتياجه اليومي.

- أنه يجب إمداد الجسم بالماء فقط، بدون احتساب الشاي والمشروبات العشبية في كميّة السوائل اللازمة للجسم. ولكن، يمكن إمداد الجسم بأي نوع من السوائل خصوصاً عند اتباع نظم إنقاص الوزن لتخطّي نقطة تمركز الوزن، بالإضافة إلى عصائر الفاكهة غير المحلاة أو المضاف إليها الماء لخفض كمية السكريات بها. وتجدر الإشارة إلى أن الشاي يحتوي على مادة "تيوفللين" Theophylline التي تؤدي إلى زيادة سريان الدم للكلى، فتنشط وتدرّ قدراً أكبر من البول خلال مدّة قصيرة يعوّضها الجسم بما يصل إليه من سوائل.

- أنه يجب أن يحدث نقص مباشر في الوزن في اليوم التالي من الامتناع عن تناول أحد أنواع الأطعمة الغنيّة بالسعرات الحرارية والدهون. ولكن الحقيقة الثابتة علمياً أن الجسم يحتاج إلى أيّام عدة متتالية قد تمتدّ إلى بضعة أسابيع للتخلّص من التأثير الضار لهذه الأطعمة في الخلايا الدهنية، إذ يحتاج الجسم إلى فقد 7000 سعرة حرارية للتخلّص من كيلوغرام واحد من الدهون.