ربع سكان العالم سيصابون بمرض نفسي في مرحلة ما من حياتهم

  تشيع الأمراض النفسيّة في الآونة الأخيرة بين سكان العالم نظراً إلى الضغوط والتحوّلات الحياتيّة. وقد توقّعت "منظمة الصحة العالميّة" أنّه بحلول العام 2020 سيصبح الاكتئاب الداء الثاني الذي يتسبّب بأكبر قدر من الإنفاق الصحي العالمي، وسيصاب ربع سكان العالم بمرض نفسي في مرحلة ما من حياتهم، وستشكّل الأمراض النفسية أحد الأسباب الرئيسة للوفاة والعجز والعبء الاقتصادي في أنحاء العالم شتى.


الاستشاري في الطب النفسي في مستشفى "عرفان" البروفيسور أحمد سعد يتحدّث لقارئات "سيدتي" عن اضطرابات المزاج:

 

تحمل اضطرابات المزاج Mood disorders شكل الاكتئاب أو الحزن أو الابتهاج أو المرح، تستمرّ لأسبوع أو أكثر، وتنتج عن ضغوط بيئية واضحة أو غيرها من الأسباب، ويصاحبها تغيّر واضح في السلوك والتفكير والنوم وتقدير الذات. وتنقسم هذه الاضطرابات عند الراشدين إلى قسمين:


1 اضطرابات الاكتئاب Depressive disorders: تعتبر من بين أخطر أنواع الاضطرابات وأكثرها شيوعاً، علماً أن ثمة فارقاً بين مشاعر الحزن والكآبة التي يمرّ بها المرء من وقت إلى آخر نتيجةً لعوامل خارجية محزنة أو مؤلمة تزول في ساعات أو على مدى يوم أو يومين والاكتئاب الذي يستمر لأشهر ويحتاج إلى تدخّل علاجي. وتتضاعف احتمالية إصابة الإناث بالاكتئاب مقارنة بالذكور، إذ أن احتمالية الإصابة بالمرض في مرحلة ما من مراحل الحياة تقدّر بـ 5 % لدى الذكور، وترتفع إلى ما بين 10 و20% لدى الإناث، وقد تحدث العوارض الاكتئابية الأولى ما بين سنّ العشرين والثلاثين، إلا أنّها قد تصيب سنّ الطفولة أو الكهولة أيضاً. وتؤكّد الدراسات الغربية أن امرأة من بين كلّ 6 نساء تعاني أعراضاً نفسيّة، وأن 80% من النساء يعانين من الضغط والإجهاد والتوتّر والقلق ومن أمراض جسديّة مختلفة مقابل معاناة رجل واحد من هذه الأعراض من بين 9 أو 10 رجال، في حين أن 10 % ممّن يراجعون عيادات الأطباء العامين يمتلكون شكاوى وثيقة الصلة بالمشكلات النفسية والعاطفية، وأن أسرة من بين كلّ 5 أسر قد يصاب أحد أفرادها بمرض نفسي!

وتشمل أعراضه: الشعور بالإرهاق أو فقد الطاقة وتبدّل الشهية نحو الطعام وبالتالي تبدّل الوزن وإهمال الأمور الحياتية أو الشخصية مقارنة مع السابق وفقد الشعور بالاستمتاع أو اللذة للأشياء التي كان المرء يمارسها من قبل والشعور بالقلق والتوتر والأرق أو زيادة ساعات النوم والهياج أو البطء النفسي الحركي أي قد يكون المريض متهيّجاً أو ساكناً بطيء الحركة والإحساس بالصداع وعسر الهضم والشعور بالانتفاخ وصعوبة في التركيز والانتباه وفي اتخاذ القرار والإحساس بعدم القيمة أو الأهمية وافتقاد الثقة في النفس والمبالغة في الشعور بالذنب والتفكير في الموت أو الانتحار أو التخطيط له أو محاولته.

 ولتشخيص المرض، لا بدّ أن تكون الأعراض المذكورة آنفاً مستمرة معظم اليوم ولمدة أسبوعين على الأقل، وهي تسبّب الألم الشديد أو التدهور في عناية المريض بنفسه أو أدائه الأسري أو المهني أو الاجتماعي.

 


2 اضطراب ثنائي القطب Bipolar Disorder: يتسبّب في إصابة الفرد بحالة من الاكتئاب تتخلّلها فترات من الابتهاج والضحك المستمرين، وقد يقوم ببعض التصرفات الطائشة بدون وعي أو تركيز أو مبالاة بالعواقب التي قد تنتج عنها. وتتساوى نسبة الإصابة لدى الإناث والذكور، ‏وعادة ما يستهلّ هذا الاضطراب بنوبة اكتئاب في سن المراهقة أو أوائل سن الرشد. وتتباين طول مدة الدورة من ذروة الهوس إلى الاكتئاب العميق، من شخص إلى آخر. ويزداد خطر التفكير في الانتحار بين المصابين، حيث تبلغ نسبته شخصاً واحداً من بين كل أربعة أشخاص، وينجح في الانتحار بالفعل شخص واحد بين كل عشرة أشخاص!

ويؤدي وجود تاريخ عائلي للاكتئاب ضمن الأسرة إلى رفع احتمالية إصابة أطفالها، وفي حال الإخوة الأشقاء يتضاعف خطر الإصابة إلى مرّات عشر مع وجود أخ مصاب، وفي حال التوأم يبلغ 70% إذا كان أحادي البويضة، ولكنه لا يزيد عن 14% في حال التوأم ثنائي البويضة. أمّا إذا كان أحد الوالدين مصاباً بالاضطراب ثنائي القطب، فإن احتمالية إصابة الطفل ترتفع إلى 25%، فيما إذا كان الأبوان مصابين معاً، فإن احتمالية إصابة طفلهما ترتفع إلى 50%.

وتشمل أعراضه: التهيّج أو ارتفاع المزاج (زيادة الفرح) وانخفاض الحاجة إلى النوم وضعف الشهية للطعام والإفراط في اللهو وإمتاع النفس كصرف الأموال بشكل طائش على الملذّات الشخصية والغرور أو الإعجاب بالذات وتسارع الأفكار حيث ينتقل المُصاب من فكرة إلى أخرى وحدوث واحدة أو أكثر من نوبات الهوس المصحوبة بالاكتئاب والثرثرة غير العادية وزيادة النشاط الحركي والتململ وسيطرة أفكار الموت ومحاولات الانتحار على التفكير.

ويشمل العلاج العقاقير التي تتمثّل، في: مضادات الاكتئاب ومضادات القلق والتوتر والمهدّئات وحاصرات قنوات الكالسيوم ومضادات الذهان ومثبّتات المزاج. أمّا العلاج النفسي فيتمّ عبر التحليل النفسي والعلاج السلوكي المعرفي أو الجماعي أو عبر المخاطبة.

وتفيد الأبحاث النفسية الحديثة إلى أن تزامن العلاجين بواسطة العقاقير والسلوكي المعرفي يساعد على التحسّن بنسبة 90% مقارنة بتناول العقاقير الطبيّة حصراً والتي تصل إلى 60% وتساعد على منع الانتكاسات النفسية. وقد تكون هناك خيارات بديلة مثل: الطب البديل/ التكميلي والعلاج بالضوء والعلاج الكهربائي.