معدتك هي بيت الداء ...

يشكّل الطعام صيدليتنا الطبيعية التي يمكن أن تقينا من عدد من الأمراض أو تخفّف من حدّة أعراضها أو تساهم في السيطرة عليها. وقديماً، قالوا إن المعدة هي بيت الداء، وبالتأكيد هي بيت الدواء أيضاً.

اختصاصية التغذية البريطانية جنيفر مارتن تقدّم لقارئات «سيدتي» جانباً من دراستها الطبيّة حول بعض الأمراض الشائعة ومدى علاقتها بما نضعه على مائدة طعامنا اليومية، مع بعض الوصايا التي تعينك على الأكل بحكمة وتساعدك على تنويع مائدة العائلة وإغناء الوجبات بما هو صحي ومفيد وآمن.

 

1- أمراض القلب التاجية

تعود أسباب حدوث هذه الأمراض إلى الضيق الذي يعتري الشرايين الصغيرة التي تزوّد القلب بالدم بسبب تبطّنها بطبقة داخلية تقلّل من قطرها وتقيّد تدفّق الدم بما يعرف علمياً بمرض «الخناق الصدري» أو يسبّب الأزمات القلبية أو الجلطات الدموية في حال انسداد الشرايين بالكامل.

هل أنت معرّضة للإصابة؟

تقف الأمراض القلبية وراء عدد من أسباب الوفيّات في العالم. وفي بريطانيا، ثمة شخص من بين كل 4 رجال يصاب بهذه الأمراض وامرأة من بين كل 6 نساء،  وهنالك ما يزيد عن 300 ألف إنسان يصابون بهذه الأمراض. وتشير الدراسات إلى أن %38 من أسباب الإصابة تعود إلى قلّة الحركة والخمول و47% منها تعود إلى ارتفاع «الكوليسترول» في الدم و%6 إلى الزيادة في الوزن. ويمكن أن يصيب هذا المرض المرء في أية فترة عمرية تتراوح ما بين العشرينيات وحتى التسعينيات، كما أن ثمة عوامل تساعد في تفاقمه من بينها: الطعام غير الصحي والتدخين والإصابة بالسكري وضغط الدم المرتفع والوراثة والإجهاد النفسي.

صيدليتك الغذائية

يشكّل التقليل من نسبة «الكوليسترول» في الدم الخطوة الأولى للوقاية. وفي هذا الإطار، يجدر الابتعاد عن الدهون الحيوانية المشبّعة المتواجدة في الزبدة واللحوم الحمراء والألبان الغنيّة بالدهون والوجبات السريعة والمعجنات، مع استبدالها بالخضر والخبز الأسمر وخبز الشعير ورقائق الذرة والشوفان لأنها قليلة الدهن وكثيرة الألياف ويمكن أن تقلّل من احتمالية الإصابة بنسبة قد تصل إلى %25! ويجدر عدم إغفال أن كميّة الفاكهة يجب ألا تقلّ عن خمس حبّات في اليوم الواحد، مع الحرص على تناول الأسماك الغنيّة بالزيت (السلمون والسردين) لمرّة واحدة في الأسبوع على أقلّ تقدير لأنها تزوّد الجسم  بعنصر «أوميغا 3».

 

2- السرطان

السرطان هو الاسم  الطبي للنمو الشاذ وغير المسيطر عليه للخلايا التي تكوّن أعضاء أو أنسجة الجسم، كالرئة والثدي والأمعاء والجلد والرحم والدم. ويمكن لهذا النموّ السريع أن يدمّر الأنسجة ويتلفها، وأن ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم. ولعلّ ما يزيد من خطورة السرطان هو أنه قد يكون صامتاً في بعض الأحيان، لا تظهر أعراضه سوى بعد فترة متأخّرة من الإصابة به.

هل أنت معرّضة للإصابة؟

يهاجم السرطان البشر من الأعمار والأجناس كافّة. وتشير الدراسات إلى أن شخصاً من بين كل 3 بريطانيين يمكن أن يصاب بالسرطان طوال فترة حياته، وأن السرطان هو المسؤول الرئيس عن الوفيّات في هذا البلد بنسبة 1 من كل 4. وتلعب الوراثة دوراً في استعداد الجسم للإصابة، إضافة إلى عوامل أخرى تتعلّق بنوعيّة الأكل وأسلوب الحياة والتدخين والتلوّث البيئي والتعرّض لأشعة الشمس القوية لفترات طويلة والكسل والخمول وقلّة الحركة.

صيدليتك الغذائية

في دراسة نشرت مؤخراً في صحيفة «بريتش مديكال جورنال» Medical Journal  British، تبيّن أنّّه يمكن منع وتجنّب %80 من سرطانات الأمعاء والثدي والبروستات عن طريق التغذية الصحيّة المتوازنة، من خلال تناول الخبز الأسمر الغني بالألياف مع 5 أنواع من الفاكهة والخضر يومياً والتي يمكن أن تقلّل من خطر الإصابة بنسبة %20، كما أنها تمنع نموّ وانتشار خلايا السرطان في الجسم. ويأتي «البروكولي» على رأس القائمة التي ينصح بها الاختصاصيون. ويجب التقليل من تناول اللحوم الحمراء بحيث لا تزيد الكميّة المستهلكة عن 140 غراماً في اليوم الواحد، مع الحرص على عدم الإفراط في تناول الطعام من أجل الحفاظ على وزن صحي، علماً أن السمنة تزيد من مخاطر الإصابة بسرطان الثدي والأمعاء.

 

3- فقر الدم (الأنيميا)

يطلق مصطلح فقر الدم على الحالة المرضية التي تكون فيها كميّة «الهيموغلوبين» قليلة للغاية في الدم. و«الهيموغلوبين» هي المادة الحمراء التي تنقل «الأوكسجين» من الرئة إلى بقيّة أنحاء الجسم.

وتشمل أبرز أعراض هذا المرض: الشحوب والاصفرار داخل العين وباطن الكفين والقدمين والتعب الشديد والصداع وضعف التركيز وبعض أنواع الحساسية وقصور التنفّس.

هل أنت معرّضة للإصابة؟

ربما تكون «الأنيميا» أو فقر الدم هي من بين أكثر الأمراض التي تتعلّق بالتغذية، وأكثر أسباب حدوثها يعود إلى قلّة وجود الحديد أو انعدامه في وجبات الطعام. وتشير الدراسات العلميّة إلى أن واحداً من بين كل 10 من الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم الخامسة معرّضون للإصابة بهذا المرض في بريطانيا، وكذلك الحال بالنسبة للنساء في فترات الولادة والإرضاع، وأن واحداً من بين كل 25 رجلاً مصابون بفقر الدم. أمّا عن الشابات الصغيرات، فإن حاجتهن للحديد تزداد  بعد سنّ البلوغ لتصل إلى 14.8 غرامات يومياً.

صيدليتك الغذائية

لعلّ أول ما يجب أن تتأكّدي منه عند تهيئة الوجبات اليومية لعائلتك هو وجود الكميّة الكافية من الحديد والتي تتوفّر بكثرة وبشكل مثالي في اللحوم الحمراء والكبد ورقائق الذرة المدعّمة بالحديد والخبز الأسمر والأسماك الزيتية (السلمون والسردين). كما يتواجد الحديد بدرجة مقبولة في لحوم الدجاج والسمك بأنواعه والخبز بأنواعه والبازيلاء والخضر الورقية الخضراء (الكرفس والنعناع والشبث والبقدونس والكزبرة...)، كما في المكسرات والفاكهة المجفّفة والشوكولاته السوداء.

 

4- هشاشة وترقّق العظام

تنتج عن فقدان العظام لصلابتها وقوّتها، ممّا يجعلها هشّةً وسهلة الكسر. ومن أعراض هذا المرض: فقدان بعض الطول وتقوّس العمود الفقري ووجع الظهر الشديد وصعوبة أو استحالة التئام العظام المكسورة.

هل أنت معرّضة للإصابة؟

تشير الدراسات إلى أن واحدةً من بين كل 3 نساء، وواحداً من بين كل 12 رجلاً معرّضون للإصابة بهشاشة العظام والتي تبدأ بالضعف والترقّق بعد سنّ الأربعين، وتزداد ضعفاً كلّما تقدّمت المرأة بالعمر، خصوصاً بعد التغييرات الهرمونية التي تصحب انقطاع الدورة الشهرية. ولعلّ ما يزيد من احتمالية الإصابة قلّة الكالسيوم في الطعام والوزن الأقل من الطبيعي وقلّة الحركة والتدخين والعوامل الوراثية والانقطاع المبكر للدورة الشهرية.

صيدليتك الغذائية

كلّنا يدرك أهميّة «الكالسيوم» في تقوية العظام وحمايتها من الهشاشة والضعف، وأن النظام الغذائي الجيد يمكن أن يلعب دوراً كبيراً جنباً إلى جنب مع الرياضة في بناء عظام قوية تقاوم الزمن. ويمكن الحصول على «الكالسيوم» في الألبان. لذا، ضعي في لائحة طعامك اليومية حوالي 200 ملليلتر من الحليب أو حليب الصويا و35 غراماً من الجبن و15 غراماً من اللبن الرائب أو «الكاسترد». ولا تنسي أيضاً عصير البرتقال والخبز الأبيض والخضر والتين الجاف واللوز وفيتامين «د» المتواجد في  الأسماك الزيتية والبيض والخضر وحبوب الصويا سواء كانت على شكل حليب أو كريما أو حبوب. ولا تحرمي نفسك أيضاً من أشعة الشمس الدافئة لأنها تساعد جسمك على الإستفادة من الفيتامين «د»، واحصلي أيضاً على «البوتاسيوم» و«الماغنيسيوم» من الفاكهة التي يجب ألا تخلو منها وجباتك اليومية لأنها تفيد أيضاً في تقوية العظام. وحافظي على وزنك ولا تصلي إلى مرحلة النحافة الزائدة، مع تجنّب الكميّات الكبيرة من الكافيين (الشاي والقهوة) والملح الزائد. وإذا كنت من المدخنات (السجائر والشيشة)، أوقفي هذه العادة الضارّة بدون تردّد.

 

5- اضطرابات ما قبل الدورة الشهرية

هي مجموعة مركّبة من الأعراض الجسميّة والعاطفيّة والنفسيّة التي تصيب عدداً  من النساء في الفترة التي تسبق الدورة الشهرية بأسبوع إلى أسبوعين. ومن أعراضها: التحسّس النفسي غير الطبيعي وعدم القدرة على احتمال بعض الظروف التي تكون مقبولة في الأيّام العادية، إلا أنّها تتضخّم وتأخذ أبعاداً أخرى في خلال هذه الأيام وأيضاً الاكتئاب والتعب والإنهاك وتحسّس الثديين وآلام الظهر والصداع وانعدام الشهيّة للأكل.

هل أنت معرّضة للإصابة؟

يمكن أن تعاني غالبيّة النساء من هذه العوارض أو بعضها في بعض الأوقات من حياتها، إلا أنّ واحدةً من بين كل 20 امرأة تعاني بشكل كبير يمكن أن يؤثّر على حياتها الزوجيّة أو العمليّة. ورغم أنّ هذه العوارض ما تزال مجهولة الأسباب، إلا أن الدراسات تؤكّد على أنّها يمكن أن تقلّ وتهدأ قليلاً إذا ما أحسنت المرأة اختيار وجبات الطعام التي تتناولها يومياً.

صيدليتك الغذائية

هنالك 3 برامج غذائية يمكن أن تساعدك في التغلّب على هذه العوارض، ويمكن أن تجرّبي أحدها لمدّة شهرين أو 3 أشهر. وإن لم تجدِ نفعاً، انتقلي إلى البرنامج الغذائي الثاني أو الثالث إلى أن تستقرّي على البرنامج الغذائي الذي يناسبك، بدون إهمال الالتزام بالنشاطات اليومية والابتعاد عن الخمول والكسل ومحاولة إيجاد الحلول لعدد من مشكلات وضغوط الحياة قدر الإمكان.

1- البرنامج الغذائي الأوّل: تناولي وجبات منتظمة ومتوازنة تضمّ الفاكهة والخضر والخبز الأسمر ورقائق الذرة والشوفان، وقلّلي قدر المستطاع من الكافيين (القهوة والشاي والمشروبات الغازية) وملح الطعام، وابتعدي تماماً عن اللحوم الحمراء الغنيّة بالدهون المشبّعة.

2- البرنامج الغذائي الثاني: تناولي وجبات غذائية تعتمد على «الكربوهيدرات» بشكل أساسي (البطاطا والأرز والخبز والمعجنات والعسل وبعض أنواع الخضر)، وتناولي بعض الأطعمة الخفيفة بين الوجبات ما يساعد على دعم المزاج العام وزيادة مستوى «السيروتونين» المتعلّق بتحسين الوضع النفسي بشكل عام.

3- البرنامج الغذائي الثالث: أكثري من الأغذية الغنيّة بـ «الماغنيسيوم» و«الكالسيوم» والفيتامين «ب 6» المتواجد في الصويا والبطاطا. وتلعب كل هذه العناصر الغذائية دوراً حيوياً في موازنة هرمونات الجسم وتغيير المزاج العام.

 

 

النوع الثاني من السكري

ينتج عن وجود كميّة كبيرة من "الغلولكوز" في الدم تتجاوز حاجة الجسم بسبب عدم قدرة الجسم على انتاج "الانسولين" الذي يسيطر على كميّة "الغلولكوز" في الدم او عدم قدرة الجسم على الاستفادة من "الانسولين" بالشكل المطلوب.وتتمّ العلاجات عادةً عن طريق التغذية الخاصّة أو الدمج بين التغذية والدواء معاً أو الغذاء و"الانسولين".

هل أنت معرّضة للاصابة؟

يعاني أكثر من مليون شخص في انكلترا وحدها من النوع الثاني من السكري، بدون اغفال عدد المصابين الذين لم يتمّ تشخيصهم بعد بسبب عدم استشارتهم للطبيب.وهو يصيب المرء عادةً بعد سن الأربعين بشكل خاص، وتعدّ العوامل الوراثية مسؤولة عن الاصابة، بالاضافة الى السمنة التي يمكن ان تزيد من احتمالية الاصابة بنسبة تفوق الخمسين مرّة، خصوصاً السمنة المتمركزة في منطقة الخصر.وتتمثّل أعراض المرض، في:الشعور الدائم بالعطش وكثرة التبول خصوصاً في الليل والشعور بالتعب والوهن وخلل الرؤية والتهابات الفم.ويمكن أن يزيد من احتمالية الاصابة بأمراض القلب والجلطات الدموية والكلى والعيون.

صيدليتك الغذائية

تلعب التغذية دوراً حيوياً في الحدّ أو الوقاية من هذا المرض عن طريق المحافظة على الوزن الطبيعي وعلى قياسات خصر معقولة وصحيّة (تذكري أن مقاس الخصر الذي يتراوح ما 37 الى 40 انشاً بالنسبة للرجال و32 الى 35 انشاً بالنسبة للنساء  هو علامة على زيادة في الوزن ).

حاولي أن تضعي على مائدتك الأسماك الزيتية الغنية بعنصر "أوميغا 3"، وحافطي ايضا على نشاطك وداومي على أداء التمرينات الرياضية لمدة نصف ساعة في اليوم على أقلّ تقدير وبما لا يقلّ عن 5 مرّات أسبوعياً.