ثمة مشكلات صحيّة ترتبط بعدم انتظام السكر في الدم، فإذا كان معدّل «الغلوكوز» في الدم مرتفعاً سيخزّن هذا الفائض على صورة دهون وكيلوغرامات إضافية في الوزن، أمّا إذا كان معدّله منخفضاً فسيضعف الجسم ويحول دون قيامه بالأنشطة البدنية اليومية ما يصعب إحراق الدهون ويقلّل من كفاءة عمليّة التمثيل الغذائي في الجسم. وفي هذا الإطار، أثبتت دراسة حديثة صادرة عن «منظمة الغذاء والدواء الأميركية» FDA أن 9 من بين كل 10 أشخاص قد يعانون من مشكلات الوزن الزائد ويجدون صعوبة في الحفاظ على معدّل السكر في دمهم معتدلاً، ما يؤدّي إلى إصابتهم بالإرهاق وزيادة أوزانهم، كما وجد أن الأشخاص الذين يعانون من البدانة معرّضون 77 مرّة أكثر للإصابة بالسكري مقارنة بغيرهم.
«سيدتي» اطّلعت من أستاذة التغذية العلاجية سمية صالح عن أهمية نظام «هولفورد»
The Holford Low GL Diet الغذائي في ضبط سكر الدم:
يرتكز نظام «هولفورد» الغذائي على
5 مبادئ أساسية تمثّل الطريقة الأسرع والأكثر أماناً وفعاليّة لخسارة الوزن، وهي:
1- توازن معدّل السكر في الدم:
لا تعتمد السيطرة على معدّل السكر في الدم على نوعيّة الطعام حصراً، بل تتعدّاها إلى كيفيّة وتوقيت تناول الطعام. وفي هذا الإطار، قام الباحثون بتحديد أنواع الأطعمة المختلفة التي تثبّت معدّل السكر في الدم والمعروف بـ Glycemic Load (GL)على نحو يساعد على سرعة إحراق الدهون. وتعتبر طريقة GL مؤشراً لقياس مستوى السكر في الدم، إلى جانب معرفة نوعية «الكربوهيدرات» التي يحتويها الطعام وتحديد ما إذا كانت سريعة أو بطيئة الاحتراق ومدى سرعة إطلاقها في الدم. وهي تتمّ من خلال القيام بعملية حسابية بسيطة، تأخذ في الحسبان كلاً من: كميّة الكربوهيدرات الموجودة في الطعام (بالغرام) ومؤشّر التحلية الخاص بها GI (النوعية)، وذلك عبر العملية التالية:
وإذا كانت النتيجة للحصة الواحدة من الطعام تساوي 10 أو أقل فهي جيدة، أما إذا كانت تتراوح بين 11 و 14 فهي مقبولة إلى حدّ ما، في حين إذا تجاوزت 15 فهي سيّئة.
2- تناول الدهون الجيدة:
تعتبر الأحماض الدهنية الأساسية من أنواع «أوميغا 3» و»أوميغا 6» و«أوميغا 9» من الدهون الجيدة التي تشكّل ربع وزن المخ، وبالتالي لا يستطيع هذا الأخير أن يقوم بوظائفه الحيوية بدونها. وقد يسبّب عدم تناولها تدنّي معدّل الذكاء وضعف الذاكرة والإصابة بالاكتئاب، بالإضافة إلى خلل في إفراز الهرمونات التي تؤدّي إلى تقلّب المزاج وجفاف البشرة واشتهاء المزيد من السكريات واكتساب الوزن الزائد. وفي هذا الإطار، يؤكّد الباحثون على ميل غريزي لدى الإنسان إلى تناول الدهون الأساسية والبحث عنها في الأطعمة المختلفة، ما يدفعه أحياناً إلى تناول الدهون السيّئة الموجودة في الأطعمة المقليّة والدهون المصنّعة التي تحتوي عليها الوجبات السريعة.وقد أثبتت الدراسات الحديثة أنه عند تناول دهون «الأوميغا» بأنواعها والمتوافرة بكثرة في أسماك التونة والسلمون، تقوم أجهزة تحسّس الدهون الموجودة في الفم بإرسال إشارات إلى المخ وإخباره بأن حاجته من الدهون الأساسية قد تمّ إشباعها ما يقلّص الرغبة في تناول الأطعمة المحتوية على الدهون المشبّعة الضارّة بالصحة، بالإضافة إلى أهمية الأحماض الأساسية في تنظيم عملية الأيض والمساعدة في إحراق الدهون غير المرغوب بها. في المقابل، ينتج عن تناول الدهون المشبّعة الموجودة بكميّات كبيرة في «البرغر» و«الدونات» ورقائق البطاطس المقليّة زيادة في حاجة الجسم لتناول كميّات زائدة من الدهون في اليوم التالي نتيجة عدم تلبية احتياجاته من الأحماض الأمينية الأساسية.
3- التخلّص من حساسية الطعام:
وجد العلماء أن حساسية الجسم تجاه تناول بعض الأطعمة تعتبر أحد الأسباب المسؤولة عن اكتساب الوزن الزائد والشعور بالصداع والإرهاق وتقلّب المزاج ومشكلات في الجهاز الهضمي (سوء الهضم والانتفاخ). ومن هذا المنطلق، يعمل نظام «هولفورد» على اكتشاف هذه النوعية من الأطعمة التي لا يحتملها الجسم.
4 تناول المكمّلات الغذائية المناسبة:
هنـــاك أنـــواع كثيـــرة من الفيتامينات والمعادن الضرورية لسدّ حاجات الجسم من العناصر الغذائية والتي يصعب الحصول عليها بالكامل من الغذاء. وفي هذا الإطار، يساعد تناول أقراص فيتامين «سي» C، على سبيل المثال، على تنشيط عملية الأيض وإحراق الدهون عبر إعادة برمجة الجسم في تحويل الطعام إلى طاقة بدلاً من تخزين الفائض كدهون موضعية يصعب التخلّص منها، كما يساعد تناول معدن «الكروميوم» على تنظيم الشهيّة والوقاية من الهبوط المفاجئ للنشاط من خلال فعاليته في تثبيت معدّل السكر في الدم، بالإضافة إلى قدرة الحمض الأميني HCA المستخرج من القشر المجفّف لثمار التمر الهندي على إبطاء إنتاج الدهون والحدّ من الشهيّة ومنع «الأنزيمات» التي تحوّل السكر إلى دهون، ما يعزّز إحراق السعرات الحرارية ويرفع مستويات الطاقة. وفي هذا الإطار، ينصح الخبراء بتناول المكمّلات الغذائية المثبّتة لمستوى السكر في الدم خلال الأشهر الثلاثة الأولى من اتّباع نظام «هولفورد» الغذائي، وذلك بتناول حبّة منها قبل نصف ساعة من موعد تناول الطعام مرّتين في اليوم، بعد استشارة الطبيب المتخصّص.
5- ممارسة الرياضة لمدّة 15 دقيقة في اليوم:
يعتمد نظام «هولفورد» على ممارسة الرياضة بشكل معتدل لمدّة 15 دقيقة يومياً، ممّا يعمل على تنظيم القابلية على تناول الطعام وزيادة سرعة الأيض. ويؤكّد الخبراء على أن الجمع بين هذا النظام والتمرينات المناسبة يعتبر أفضل طريقة لخسارة الوزن عبر إحراق الدهون الزائدة بدون فقدان حجم الكتلة العضلية في الجسم. لذا، يُنصح بممارسة التمرينات التي تنشّط الدورة الدموية وتقلّل من خطر الإصابة بترقّق العظام وأمراض القلب والنوع الثاني من السكري، كما تساعد على ضبط الضغط العصبي والحدّ من التوتر العصبي كالمواظبة على المشي السريع وركوب الدرّاجة والسباحة والرقص الإيقاعي والتمرينات السويدية و«الايروبيك» و«البيلاتس».
نصائح خاصة
- يوصي نظام «هولفورد» الغذائي بالإمتناع الكلّي عن تناول المنبّهات المحتوية على الكافيين (القهوة والشاي والمشروبات الغازية)، ما يخفّض معدّل الضغط النفسي ويمنح المخ فرصة جيدة لإعادة بناء خلاياه والتحرّر من وطأة التوتر. وفي هذا الإطار، أثبتت الدراسات الحديثة أن الضغط النفسي قد يؤدّي إلى إفراز هرمون «الكورتيزول» بكميّات كبيرة على المدى الطويل والذي قد يسبّب تلف أنسجة المخ.
- أكثري من تناول التفاح والشوفان، فهما ينتميان إلى فئة السكريات بطيئة الاحتراق التي تخفّف معدّل إطلاق «الأنسولين» في الدم وتزيد قدرة الجسم على إحراق الدهون بطاقة عالية، كما أن «الكربوهيدرات» الموجودة في الشوفان تحتاج إلى الهضم الكثيف ليتم تكسيرها إلى قطع صغيرة في الجهاز الهضمي، ما يتطلّب وقتاً أطول قبل إطلاق «الغلوكوز» في الدم، وبالتالي ضمان عدم حدوث ارتفاع هائل في معدّل السكر في الدم.
- لا تكثري من طهي الطعام المحتوي على «الكربوهيدرات» لأن من شأن ذلك أن يزيد من سرعة إطلاق السكر في الدم، فالبطاطس المشوية تحتوي على مؤشر تحلية GL يبلغ 85 ما يجعلها أسوأ من البطاطس المسلوقة والتي يبلغ معدّلها 57 فقط!
- تجنّبي ممارسة التمرينات في وقت متأخّر من الليل، فقد وجد أن القيام بها قبل النوم مباشرةً يعمل على تنشيط هرمون الأدرينالين والكورتيزول الذي يجب أن يكون في أدنى معدّلاته ليلاً كي
لا تصعب عملية النوم. ومعلوم أن ممارسة الرياضة في الصباح الباكر تساعد البشرة على إنتاج فيتامين «دي» D الذي يقوّي العظام.
- احرصي على أخذ قياسات الوزن عند البدء في اتّباع هذا النظام، ثم في نهاية كل أسبوع. ويُنصح بأخذ الوزن دوماً عند الصباح وقبل تناول الفطور، مع الاستمرار في القياس أسبوعاً بعد أسبوع حتى تصلي إلى مرحلة الوزن المثالي والثبات عليه.
- يدعم نظام «هولفورد» الغذائي تناول البروتين (اللحوم والأسماك والدجاج) بنسبة %25 من إجمالي السعرات الحرارية اليومية، إلى جانب تناول «الكربوهيدرات» منخفضة مؤشر التحلية GL ما يعمل على إبطاء عملية الهضم وتقليل معدّل إطلاق السكر في الدم، وبالتالي تقليل إفراز هرمون الأنسولين بعد تناول الوجبات والذي تؤدّي الزيادة في قيام الجسم بإنتاجه إلى ارتفاع معدّل تخزين الدهون في الجسم وزيادة الوزن.
- في حال تخلّصك من وزنك الزائد وقدرتك على الحدّ من شهيّتك تجاه تناول الأطعمة الغنيّة بالسكر وتمتّعك بالصحة والحيوية، فلن تحتاجي إلى الاستمرار في تناول «البروتين»، ويمكنك حينها خفض مقدار ما تتناولينه منه إلى %15 فقط من إجمالي السعرات الحرارية اليومية.
- إذا أردت خسارة الكيلوغرامات الإضافية والشعور بصحّة جيدة، يجب تفادي الأطعمة ذات مؤشر التحلية الذي يتجاوز 40 في اليوم، على أن يتم توزيع مؤشر التحلية على10 لكل وجبة رئيسة و5 لكل وجبة خفيفة يتمّ تناولها مرّتين في اليوم.
5 فوائد
1- تضمن هذه الحمية الحفاظ على نشاط الجسم، فلا يشعر متتبعها بهبوط في مستوى الطاقة ولا يصاب بالإرهاق المفاجئ أو التعب الجسدي.
2- تحقّق بشرة ناعمة أكثر شباباً وحيوية، نتيجة تناول أنواع الطعام ذات المعدل GL المنخفض بطيء الاحتراق، ما يقلّل إطلاق السكر في الدم.
3- تخفض معدل حمض Homocysteine الأميني، علماً أن ارتفاع معدّل هذا الحمض السام في الدم يشير إلى استعداد حقيقي للإصابة بأمراض السرطان والقلب، كما تعمل على تحسين المناعة وتقوية مواد مضادات الأكسدة في الجسم.
4- تساعد على رفع معدلات "السيروتونين" وهي المادة الكيميائية التي ينتجها المخ وتسبب الشعور بالسعادة وتحد من اشتهاء السكريات و"الكربوهيدرات"، ما يحافظ على اعتدال معدل السكر في الدم وثبات الطاقة.
5- تقلّل فرص الإصابة بـ "الالزهايمر" ومخاطر التبلد الذهني وضعف الذاكرة نتيجة غناها بدهون "أوميغا 3" وفيتاميناتE وC، ودفعها الى ممارسة التمرينات التي تساعد على موازنة معدل السكر في الدم وتحسين الصحة وصفاء الذهن ومضاعفة القدرة على التركيز.