لا تنتج مقاومة الجسم لعملية خفض الوزن عن سوء النظام الغذائي أو الإختلال في أسلوب الحياة، فرغم أن كثيرين يتبعون نفس الأنظمة الغذائية الصارمة والبرامج التدريبية الشاقّة التي يتبعها آخرون، إلا أنهم لا ينجحون في بلوغ أهدافهم، ما يشعرهم بالإحباط واليأس في التخلّص من الدهون المتراكمة في المناطق الواقعة في أسفل الجسم وتحت الجلد، كالأرداف والأفخاذ والذراعين وحول محيط الخصر وأسفل البطن. وفي هذا الإطار، إستطاع باحثو التغذية التوصّل إلى الأسباب الحقيقية التي تكمن خلف هذه المشكلة والتي تُعزى إلى أسباب مرضية أو وراثية يتحدّث عنها لـ «سيدتي» رئيس قسم الكيمياء الحيويّة بكلية العلوم في جامعة الملك عبد العزيز الدكتور جلال أعظم جلال:
1- خمول في الغدة الدرقية
يعاني بعض ممّن يحاولون إنقاص أوزانهم من خمول في الغدة الدرقية والتي تقوم بإفراز الهرمون الدرقي ببطء. وفي بعض الحالات المتطوّرة، قد تتوقّف هذه الغدة كليّاً عن إفراز الهرمون، ما يؤدّي إلى ضعف نشاط التمثيل الغذائي أو توقّفه أحياناً، وبالتالي انخفاض مستوى الإحراق بالجسم إلى أدنى نسبة له، ليبدأ بتخزين السعرات الحرارية المتناولة عبر الطعام في صورة دهون زائدة وزيادة غير مرغوبة بالوزن، إلى جانب ظهور بعض الأعراض المرضية وأبرزها عدم القدرة على تحمّل البرودة والشعور الدائم بالإرهاق وسقوط الشعر والإصابة بالإمساك وضعف الذاكرة وحدوث تغيّرات في تكوين البشرة، ما يلزم الخضوع إلى تحاليل معملية لوظائف الغدة الدرقية من خلال إجراء فحص الدم الذي يحدّد نسبة الهرمونات الدرقية التي تعرف بـ TSH، وهو هرمون «الثيروتروفين» المحفّز للغدة الدرقية على إنتاج الهرمون الدرقي T3 و T4. وقد أثبتت الدراسات أن ارتفاع نسبة هرمون TSH في الدم إلى معدّل يتراوح ما بين 4 إلى 5 يشير إلى وجود مشكلة في إنقاص الوزن، وإلى أن الجسم بحاجة إلى زيادة النشاط الدرقي ليحسّن عملية الإحراق ويرفع معدّل الأيض، بينما تعني النسب المنخفضة من الهورمون الدرقي Free T3 أو Free T4، أن نشاط عملية التمثيل الغذائي تتمّ ببطء شديد، وأن عملية حرق السعرات الحرارية لا تكفي لتوليد الطاقة، ما يؤدّي إلى زيادة الرغبة بتناول المواد السكرية، كالحلويات بأنواعها والشوكولاته والعصائر المحلاّة لإمداد الجسم بالطاقة اللازمة للقيام بنشاطه اليومي، ما يؤدّي إلى فشل الجسم في إنقاص الوزن.
2- المتلازمة الأيضية
سلسلة من الإضطرابات التي ينتج عنها قيام الجسم بتحويل كميّات كبيرة من السعرات الحرارية المتناولة يومياً إلى دهون مختزنة، ما يسبّب مشكلات في السكر وزيادة في دهون الدم. وقد أكّد الباحثون على أن الإفراط في تناول الطعام وقلّة النشاط الرياضي يشكّلان عاملين رئيسيين في الإصابة بالمتلازمة الأيضية، التي قد تمهّد إلى الإصابة بالأزمات القلبية والسكتة الدماغية والدرجة الثانية من داء السكري وأمراض الكبد، ما ينعكس سلباً على كيمياء الدم والتمثيل الغذائي بالجسم. وتشمل المتلازمة الأيضية عناصر عدّة، أبرزها: سمنة البطن وارتفاع نسبة السكر بالدم عن المعدّل الطبيعي له وانخفاض نسبة الكوليسترول الجيد HDL وارتفاع نسبة ثلاثي «الجليسريد» في الدم وارتفاع في ضغط الدم. وفي هذا الإطار، ينصح اختصاصيو التغذية برفع معدّل النشاط اليومي والعمل على إنقاص الوزن بنسبة تتراوح ما بين 6 إلى %10، لكي يتمكّن من علاج المتلازمة والتغلّب عليها، ما يساعد على تحسين أسلوب تعامل الجسم مع نسبة السكر في الدم وتعزيز عملية التمثيل الغذائي.
3- خلل في نسبة «الإستروجين»
يمثّل «الإستروجين» الدور الرئيس في إعادة تنظيم عملية تخزين الدهون بجسم المرأة على مدار المراحل العمرية المختلفة: ففي مرحلة الثلاثين والأربعين، تتكوّن معظم الدهون الزائدة في منطقة الذراعين والفخذين، بينما في سن الخمسين والستين فإن معظم تلك الدهون تتركّز حول محيط الخصر. وأشار الباحثون إلى أنّ النسب المرتفعة من «الإستروجين» في الدم قد تعمل على زيادة تخزين الدهون الناتجة عن البطء الشديد في عملية التمثيل الغذائي وزيادة الشهيّة لتناول أنواع الطعام ذي المحتوى الدهني العالي، وكلاهما سببان لاكتساب الوزن الزائد، إذ أثبتت الدراسات أن %45 من النساء اللواتي يعانين زيادة كبيرة في الوزن، يفقدن القدرة على إنقاص أوزانهن بسبب خلل في نسبة «الاستروجين» الناتج عن اتّباع نظام هرموني بديل أو تناول أقراص منع الحمل، ما يؤدّي إلى تكوين كميّات زائدة غير صحيّة منه، وبالتالي يعمل على تخزين الدهون في المناطق الموضعية بالجسم، بالإضافة إلى أن زيادة الإستروجين تؤدّي إلى الإصابة بتقلّب الحالة المزاجية وحساسية الثدي وتغيّر في الطمث والسخونة والتعرّق الزائد. وفي هذا الإطار، ينصح المتخصّصون بإجراء تحليل بول لمعرفة الخلل في نسبة «الإستروجين» والذي يجب أن يتراوح معدّله الطبيعي بين 70 إلى 90 ملليمتراً لمرحلة ما قبل سن اليأس و130 ملليمتراً ما بعد سن اليأس، ما يمثّل خطورة ترتبط بصعوبة إنقاص الوزن.
4- شكل الجسم
يميل الجسم الشبيه بالتفاحة إلى اكتساب الوزن الزائد وتخزينه حول منطقة الخصر والبطن، بينما تختزن الدهون الزائدة بقدر أكبر في منطقتي الأرداف والفخذين في الجسم شبيه الكمثرى، وذلك لأسباب عدة، أبرزها:
- يعاني من يتمتّعون بجسم يشابه شكل التفاحة من مشكلة في التمثيل الغذائي للمواد الكربوهيدراتية، ما يعدّ مؤشّراً على زيادة نسبة الأنسولين بالدم، حيث يقوم الجسم بزيادة إفراز الأنسولين في محاولة لإنقاص نسبة السكر بالدم. ونظراً إلى أن الخلايا الدهنية في منطقة البطن تتّسم بحساسيتها للأنسولين بشكل كبير، تخزّن الشحوم في منطقة الخصر وأسفل البطن.
- يعاني الجسم الذي يحمل شكل الكمثرى من وجود خلل في نسبة «الإستروجين» بالدم، ما يؤدّي إلى زيادة تراكم الدهون في النصف السفلي من الجسم. وقد يزداد الأمر سوءاً إذا صاحب ارتفاع «الإستروجين» إصابة بخمول الغدة الدرقية، ما يؤدّي إلى انخفاض معدّل الإحراق بالجسم، وبالتالي صعوبة في إنقاص الوزن.
نصائح علاجية
- استشيري طبيبك حول الفيتامينات والمعادن المقاومة لعفقدان الوزن والتي تحتوي على العناصر الغذائية المهمة وتعمل على ضبط معدّل السكر بالدم وتحسّن معدّل الأيض.
- لا تستخدمي العناصر الغذائية المكملة بديلاً لأسلوب الحياة الصحي، فلا بد من اختيار النظام الغذائي المعزّز والمناسب لحال جسمك في مقاومته لفقدان الوزن، مع المواظبة على برنامج رياضي يومي.
- في حال الإصابة بخمول في الغدة الدرقية، ينصح المتخصّصون بتدعيم العلاج الطبي بخطّة غذائية صحية تحتوي على أطعمة ذات قيمة غذائية عالية ، كما يُنصح بإتباع برنامج رياضي يشتمل على تدريب لحمل الأثقال.