فور أن وطئت قدماي أرض مطار «بانكوك» التي زرتها بدعوة من «هيئة السياحة التايلاندية» للاحتفال بمرور 50 عاماً على تأسيسها، لمست السعادة والاحترام اللذين يشعّان من وجوه التايلانديين مُرحِّبين بالسيّاح لاختيار بلدهم وجهة سياحية، ما جعلني في غاية الفضول لاكتشاف هذه الحضارة التي أفرزت شعباً بسيطاً وودوداً وسعيداً.
بدأت جولتنا السياحية بين ربوع مدينة «بانكوك»، فكانت زيارتنا للآثار والمعابد البوذية والمتاحف والمعالم السياحية البارزة، وفي مقدّمتها «القصر الكبير» الذي يعتبر المقرّ الرسمي لملوك «تايلاند» ويعود تاريخه إلى العام 1782 في عهد الملك راما الأول عندما انتقل إلى العاصمة «بانكوك» وقرّر بناء قصر جديد، وكذلك مركزاً للحكومة. وتدخل خامة الذهب في تصميم هذا القصر الذي بدأ تشييده في 6 مايو (أيار) 1782 ليضمّ مجموعة من المباني الخشبية تحيط جوانبه الأربعة مع الجدار الدفاعي للقصر والذي يبلغ طوله 900 متر. وتبلغ مساحة هذا القصر الاجماليّة 218.400 متر مربع. واستمر الملوك يسكنون فيه حتى راما الخامس الذي قرر أن يحظى بقصر خاص. ولكن، ماتزال المراسم الملكية تنظّم في داخل «القصر الكبير» الذي يظلّ شاهداً على أصالة وعراقة التقاليد التايلاندية الملكية المتوارثة.
«فينيسيا» الشرق الأقصى
تشكّل زيارة السوق العائمة تجربةً لا تُنسى، اذ تنظّم فعاليات هذه السوق كل صباح، حيث تعرض البضائع على متن قوارب أو في محال تقع على جوانب القناة، وتشمل الطعام والفاكهة والخضر والهدايا التذكارية والتحف. وفي هذا الاطار، يمكن السير عبر القناة بكل سهولة أو التوقف عن التجذيف لشراء الأشياء التي تحتاجها، إضافة إلى القيام برحلة نهرية في القناة التي يقبع على ضفافها عدد من المعالم السياحية والفنية.
وتعجّ «بانكوك» بالأماكن المخصّصة للتسوّق حيثُ المعروضات الجيدة والأسعار الرخيصة، مما يجعل منها مركزاً هاماً للتسوّق، كما تحتضن العديد من العروض الفنية أبرزها عرض Siamniramit الساحر الذي يرصد تطوّر الحضارة التايلاندية بلغة فنية وأداء راقٍ ومُتناغم مع المؤثرات البصرية والسمعية، مع الاستعانة بالأفيال التي تتحرّك وسط الجمهور. وقد نال هذا العرض جوائز عالميّة.
«شانج راي»
ودَّعت «بانكوك» الساهرة حيث كانت اقامتي في فندق «دوست» الذي يتمتع بأعلى معايير حُسن الضيافة والكرم، وقصدت «شانج راي» الهادئة التي تقع في أقصى شمال «تايلاند» حيثُ الطبيعة الخلابة الساحرة. هنا، يفترش اللون الأخضر الجبال والهضاب في مشهد يُنسي الهموم! وقد أقمت في فندق Anantara Golden Triangle Resort & Spa الذي يعد منتجعاً للاسترخاء والاستجمام، حيث يستمتع الزائر بمسابقة «البولو» للأفيال والتي تستقطب عدداً من الفرق للتنافس على لقبها، كما ركبت الفيل في مغامرة تستحق التجربة رغم مشقتها لغير المعتادين عليها. ولكنّ العودة على ظهر الفيل إلى الفندق ممتعة، بعد أن تتعلَّم لغة التفاهم معه، فلكلّ لغته التي ما إنْ تتمكن منها حتى يسهل عليك توجيهه، ليُكافئك عبر اللعب معك ورشِّك بالماء، مما يضفي جوًّا من الاستمتاع بالطبيعة.
وكانت زيارتنا لـ «حديقة الزهور» بهيجة، حيثُ تتداخل الورود والنباتات مع شلالات المياه في مشهد بديع يدفع الى التصوير في جنباتها المختلفة، مع رغبة في عدم مبارحتها أبداً.
وفي الموازاة، تعدّ الجولة في أركان «متحف زهرة الخشخاش» ممتعةً للغاية، نظراً الى ندرة الفكرة وجمالية التصميم الذي يرصد كيف تحوّل الخشاش من مخدّر إلى دواء، وذلك بالصوت والصورة والمؤثرات المختلفة. وتبدو المؤثرات المستخدمة قوية بحيث تشعر المشاهد بأنّه في قلب المعاناة والوجع الذي يمر به كل مدمن للمخدرات، خصوصاً أن المشهد الأخير في المتحف يرصد كيف مات وضاع عدد من المشاهير من جرّائها.
وتزخر «تايلاندة» بعدد من الوجهات السياحية المفضّلة عالميًّا، ومن بينها «بوكيت» و«بتايا» و«شانج راي» والتي استطاعت بفضل جمالها الخلاب وطبيعتها الساحرة جذب مزيد من السيّاح عاماً بعد عام.