كلنا يعرف أن الطفل عندما يملك أصدقاء تصبح لديه شبكة دعم يتشارك معها الهموم والمشاكل الصغيرة، وأوقات السعادة والفرح، وأن الصداقة تجعل الطفل يدرك مكونات شخصيته وصداها على الآخرين؛ فوجود الصديق يجيب بدون صوت وبلا كلمات عن سؤال حائر يتردد في ذهن كل طفل: هل أنا شخص لطيف ومقبول، أم أنني غير مُرحب بي بين الزملاء؟
ولأن مَعِين قصص الأطفال وحكايات قبل النوم لا تنضب ولا تنتهي، اختارت" أم علي" اليوم قصة عن الصداقة وأهمية وجود الصديق في حياة الطفل، لتحكيها لطفلها "علي"، الذي جاء بعد أيام قليلة من دخوله المدرسة حزيناً باكياً، وهو يقول: لماذا انتقلنا إلى هذا البلد؟ لماذا لم يسافر أبي وحده؛ فهذا عمله؟ ما ذنبي أن أترك زملائي القدامى؟ لا... لن أذهب للمدرسة بعد اليوم، دعيني أدرس وأمتحن من المنزل.
قصة: علي والأصدقاء الجدد
الأم لم تترك علياً يتمادى في غضبه وبكائه، ولم تتركه أيضاً يستكمل صراخه أكثر من ذلك، طلبت منه الذهاب لغرفته لخلع ملابسه والاستعداد لتناول طعام الغداء، وقالت له حتى تهدئ انفعاله: لحديثنا بقية!
هذه المرة لم تأخذ الأم وقتاً في إعداد موضوع جديد لحكايتها التي ينتظرها علي كل يوم قبل النوم، لقد خططت واختارت ابنها علي ليكون بطل قصتها عن الصداقة وأهمية وجود الصديق، فقالت بصوتها الحنون الدافئ:
انتقل الطفل علي -8 سنوات- مع عائلته إلى مدينة جديدة بسبب عمل والده، وكان علي يشعر بالحزن والقلق لأنه ترك أصدقاءه ومدرسته القديمة، وفي اليوم الأول في مدرسته الجديدة، جلس علي في الصف ولم يكلمه أحد، وفي وقت الاستراحة جلس وحيداً تحت شجرة في ساحة المدرسة.
كان يشاهد الأطفال الآخرين:
يشاهدهم يلعبون، وكان يسمع صوت ضحكاتهم تجيء وتروح وهم يمرحون، لكنه كان يخجل من الاقتراب منهم، وفجأة اقترب منه طفل يحمل كرة وقال: مرحباً أنا خالد، هل تريد اللعب معنا؟، تفاجأ علي وقال بتردد: أنا؟ نعم، أود ذلك.
أخذ خالد "علي" إلى المجموعة وقدمه لهم، لعبوا معاً وضحكوا كثيراً، شعر علي بالفرح لأول مرة منذ وصوله إلى المدينة، وبعد انتهاء وقت المدرسة، دعا خالد علياً للانضمام إلى فريق كرة القدم في الحي، ووافق علي بسعادة بالغة.
في اليوم التالي، ذهب علي إلى الملعب والتقى بأطفال آخرين من عمره، كانوا جميعاً ودودين ورحبوا به عضواً في الفريق، وهكذا بدأ علي يقضي وقتاً ممتعاً مع أصدقائه الجدد، والذين كانوا يساعدونه في فهم الدروس، ويشاركونه ألعابهم، ويتبادلون معه القصص.
ما رأيك في الاطّلاع على قصة.. "سَعادة بائعة اللبن"؟
وجود الأصدقاء يجعل علياً يشعر بالانتماء والسعادة
وذات يوم طلب المعلم من علي أن يقدم مشروعاً مدرسياً، لكنه واجه صعوبة في إكماله، وعندما علم أصدقاؤه بذلك، اجتمعوا لمساعدته، قال خالد: لا تقلق يا علي سنساعدك، وقضوا المساء معاً، يعملون على المشروع ويتبادلون الأفكار، وبفضل مساعدتهم تمكن علي من تقديم مشروع رائع، فشكرهم قائلاً: أنتم أفضل أصدقاء، لولاكم لما استطعت القيام بذلك.
وفي يوم آخر، رأى علي طفلاً جديداً يجلس وحيداً في الصف، فتذكر كيف كان يشعر عندما وصل لأول مرة، اقترب منه وقال: مرحباً أنا اسمي علي، هل تريد الجلوس معي؟ ابتسم الطفل وقال: شكراً لك، أنا أحمد، بعد دقائق بدأ علي وأحمد يتحدثان، وسرعان ما أصبحا صديقين.
وكبرت دائرة الأصدقاء
وفي اليوم التالي قدّم علي أحمد لأصدقائه الآخرين، وكبرت دائرة الأصدقاء، وهنا أدرك علي أن الصداقة لا تجعلنا نشعر بالسعادة فقط، بل تحفزنا على الشعور بالانتماء أيضاً وعلى مساعدة الآخرين.
قال علي لأصدقائه: الأصدقاء مثل العائلة، يدعموننا ويساعدوننا في الأوقات الصعبة، وافق الأصدقاء وقالوا: معاً، نستطيع أن نجعل كل يوم أفضل، منذ ذلك الحين، أصبح علي أكثر ثقة وسعادة، وعرف أن الأصدقاء كنز ثمين، وأن وجودهم يجعل الحياة مليئة بالفرح والمغامرات.
انتهت حكاية (علي والأصدقاء الجدد)، وبعدها قرر علي أن يبادر بعرض الصداقة على الآخرين إن أراد، وعليه أن يظهر استعداده للعب معهم ومشاركتهم.
لم يكتف علي هذه المرة بسماع الحكاية، فقد بادر أمه بسؤال وكان متلهفاً على سماع إجابته وهو: من هو الصديق الحق يا أمي؟
هل تودين قراءة قصص قصيرة للأطفال تعلِّم القيم الأخلاقية؟
الصديق الصادق المحب
- من يحب صحبتك دون ملل، يفرح لفرحك، ويحزن لحزنك، لا يتحدث عنك بالسوء في غيابك.
- لا يرضى لأحد أن يسيء إليك أمامه، ويدعو لك بالخير في العلانية والخفاء، ووقت حضورك وغيابك.
- إذا غِبْتَ عنه حزِن لغيابك، ومتى قابلته وجدت رفيقاً لابتساماتك، وفكاهاتك، ومعاملاتك.
- لا ينافق في الصداقة، ولا يجامل، ولا ينمُّ عن صديقه، ويحمل همَّ الصديق إذا أصابه سوء.
- إذا رأى فيك خيراً، أو سمع عنك خيراً، استبشر ثم نشره، وإذا سمع عنك عيباً، دافع عنك بعدلٍ.
- من صدَّق في قلبه لا بلسانه، وأعانك بعلمه، وماله، وقوته، وحياته دون إفراط ولا تفريط.
- هو الشخص الذي تثق به وتشترك معه في مستوى عميق من التفاهم والتواصل.