سيدتي الأم والمربية الفاضلة: الموضوع أكبر من توجيه الطفل لعدم إنفاق مصروفه فيما لا يفيد، أو تدريبه على احترام قيمة المال، أو لا تسرف يا طفلي كل ما في الجيب انتظارًا لما يأتي به الغيب، إنما أنت بتوجيهاتك ترسين قواعد مستقبل مالي واعٍ لطفلك يبدأ من الطفولة!
بجانب أن مهارة الادخار إن اتبعها طفلك فهي تعد خطوة أساسية في بناء شخصيته المالية، وتحقيق حياة مستقرة ومستدامة له؛ وغرس هذا المفهوم منذ الصغر لا يعزز وعي الطفل بأهمية المال فقط، بل يساعده أيضًا على التخطيط لمستقبله وتحقيق أهدافه؛ ليصبح تعليم الأطفال كيفية التعامل مع المال مهارة حياتية لا غنى عنها.
في هذا التقرير تناقش معنا الدكتورة نوال أحمد السمري، أستاذة طب النفس وتعديل السلوك، الطرق الفعّالة لتعليم الأطفال الادخار، وكيف يمكن للأهل أن يساهموا في خلق ثقافة مالية صحية للطفل .
أهمية تعليم الطفل الادخار
تعزيز المسؤولية: عندما يتعلم الطفل كيف يدخر، فإنه يتعلم تحمل المسؤولية تجاه قراراته المالية. يصبح أكثر وعيًا بقيمة الأشياء التي يمتلكها وبالجهد المطلوب للحصول عليها.
التخطيط للمستقبل: تعليم الادخار يساعد الأطفال على فهم أهمية التخطيط. سواء كان ذلك بهدف شراء لعبة يريدونها، أو تحقيق حلم أكبر في المستقبل، فإن هذه العادة تبني لديهم مهارات تنظيمية مبكرة.
مواجهة الأزمات: تعليم الأطفال كيفية الاحتفاظ بجزء من أموالهم لمواجهة الظروف الطارئة يجعلهم مستعدين لتحديات الحياة.
خطوات البداية في تعليم الطفل الادخار
الحديث عن المال منذ الصغر:
ابدأ بشرح بسيط لمفهوم المال، وكيف يتم الحصول عليه. على سبيل المثال، يمكنك أن توضح أن المال يُكتسب من خلال العمل، وأنه ليس مصدرًا لا ينضب.
منح مصروف أسبوعي:
حدد للطفل مبلغًا بسيطًا ليبدأ التعامل مع المال. يمكنك تشجيعه على تخصيص جزء صغير من هذا المصروف للادخار.
كلمات قليلة تُعلم الطفل قواعد الادخار..هل تعرفينها؟
تحديد هدف للادخار:
شجع طفلك على تحديد هدف يرغب في تحقيقه من خلال الادخار، مثل شراء لعبة معينة أو زيارة مكان يحبه، وجود هدف واضح يجعل عملية الادخار أكثر تشويقًا بالنسبة له.
استخدام حصالة:
اقتناء حصالة بألوان جذابة يمكن أن يشجع الطفل على وضع النقود فيها،احرص على أن تكون شفافة ليشاهد نمو مدخراته بمرور الوقت، مما يمنحه شعورًا بالفخر.
تعليم الطفل الفرق بين الحاجة والرغبة:
ساعد طفلك على فهم الفرق بين ما يحتاجه وما يرغب فيه. هذه الخطوة تعزز من قدرته على اتخاذ قرارات مالية واعية في المستقبل.
تشجيعه على التبرع بجزء من المال:
علم طفلك أن الادخار لا يقتصر فقط على تحقيق أهدافه الشخصية، بل يمكن أن يكون وسيلة لمساعدة الآخرين، هذا يعزز لديه قيم العطاء والمسؤولية المجتمعية.
أدوات حديثة لتعليم الادخار للأطفال
التطبيقات الذكية..هناك العديد من التطبيقات المصممة لتعليم الأطفال أساسيات المال والادخار بطريقة تفاعلية ومسلية. على سبيل المثال، تطبيقات مثل "PiggyBot" أو "Rooster Money" توفر تجربة تعليمية ممتعة للأطفال.
بطاقات الخصم المخصصة للأطفال: بعض البنوك تقدم بطاقات خصم مخصصة للأطفال، ما يتيح لهم تعلم كيفية إدارة الأموال في بيئة آمنة تحت إشراف الأهل.
دور الأهل الكبير في تعزيز ثقافة الادخار
القدوة الحسنة: يجب أن يكون الأهل قدوة لأطفالهم في الادخار، إذا رأى الطفل أن والديه يدخران بانتظام ويخططان لأهداف مالية، فسيحاكي هذه السلوكيات.
إشراك الطفل في النقاشات المالية: ناقشي مع طفلك بعض القرارات المالية البسيطة التي تخص العائلة. على سبيل المثال، يمكن أن تطلب منه مساعدتك في مقارنة الأسعار أثناء التسوق.
الاحتفال بالإنجازات: عندما يحقق طفلك هدفه الادخاري، احتفل به وشجعه على تحديد هدف جديد.
تحديات تعليم الادخار وكيفية التغلب عليها
- الرغبة في الإنفاق الفوري: قد يواجه الطفل صعوبة في مقاومة الرغبة في إنفاق أمواله فور حصوله عليها، لتجاوز هذا، يمكنك تشجيعه على التفكير في مدى أهمية الهدف الذي يدخر من أجله.
- عدم الصبر: الادخار يتطلب صبرًا، وهذا قد يكون تحديًا للأطفال، ساعد طفلك على رؤية التقدم من خلال تقسيم الهدف إلى مراحل صغيرة.
- الإغراءات الخارجية: الإعلانات والضغوط الاجتماعية قد تؤثر على رغبة الطفل في الادخار، هنا يأتي دور الأهل في تعزيز قيم الاكتفاء بما لديهم.
- تعليم الطفل الاكتفاء بما لديه يبدأ بشكل تدريجي: بأن تنتقلي من إعطاء ابنك المصروف بشكل يومي إلى إعطائه المصروف بشكل أسبوعي ثم شهري، وفقًا لسنوات عمره.
- ما يعلمه الإنفاق بشكل معتدل طوال الشهر، ويعد من الأمور التي تُدخل السرور إلى قلب الطفل، وتدفعه للإحساس بأنه ليس بطفل صغير بعد.
- الأبناء لا يتعلمون قيمة وأهمية الادخار إذا لم يعتادوا عليه منذ الصغر، على أن يكون ادخاراً بهدف شراء شيء معين، لهذا ومن باب التشجيع: قومي بزيادة المصروف إذا شعرت بأن الابن يدخر من المصروف فعليًا، ليتمكن من شراء شيء يريده، شرط ألا يؤثر هذا الادخار على شراء حاجاته اليومية.
- علّمي ابنك أن الادخار عادة جيدة: لكن يفضّل عدم المبالغة لدرجة أن تصبح هي القضية الأساسية أو الغرض الأهم من إعطائه المصروف، ويكفي ادخار -10-15% منه، تعلم الابن الادخار يعد أفضل الطرق لتنشئة رجل مسؤول.
- جميع الدراسات تؤيد أنّ الطفل بحُكم وجوده الدائم مع الأم فهي القُدوة الحسنة له، وذلك إذا كانت ترغب فعلياً في تعليم الابن مهارة إدارة المال، وكيفيّة توفيره وصرفه.
- تحدثي مع الابن والابنة ودعيهم يعرفون؛ من أين يأتي المال اللازم؟ إذ أكدت الدراسات أنّ الطفل الذي يحصل على زيادة غير مشروطة وبانتظام؛ لا يستطيع تكوين فكرة عن المال ومن أين يأتي!
- احذري: إعطاء المال مُقابل كلّ عمل روتيني بسيط يوكل إليه، مثل ترتيب غرفته، المذاكرة، وضع أشيائه في مكانها.. إلخ؛ لأنّه يُعلّم الطفل أنّه لا ضرورة في أن يكد ويشقى ليكسب المال.
- كما أن الطريقة التي تتكلّم بها الأم عن المال، وطريقة تعاملها مع المال، تؤثر بشدة في طريقة تعلُّم المراهق كيفية التعامل مع المال.
- لا مانع من مشاركة الطفل في وضع خطط الإنفاق المنزلي، وإطلاعه على المبالغ التي تُدفع إلى الكهرباء والماء والضرائب والإصلاحات مما يساعده على تعلُّم عادات جيدة في الإنفاق ووضع الميزانية.
- يجب أن تجتمع العائلة مرةً واحدة على أقل تقدير؛ للبحث في الشؤون المالية للأسرة، ووضع ميزانية للصرف خلال الفترة المقبلة، ما يساعد المراهق على معرفة كلفة الأشياء وخطط الصرف.
قصص نجاح لتشجيع الأطفال:
قصة الطفل المستثمر:
من الأمثلة الملهمة، طفل يبلغ من العمر 10 سنوات بدأ بادخار مصروفه اليومي ليشتري مجموعة من الأسهم البسيطة، بعد سنوات، أصبحت هذه الأسهم مصدر دخل إضافي له أثناء دراسته الجامعية.
قصة المشروع الصغير:
طفلة أخرى استخدمت مدخراتها لشراء مواد أولية لصناعة الأساور اليدوية وبيعها في الحي، هذا المشروع الصغير علّمها كيفية تحويل الادخار إلى استثمار ناجح.