سنوات المراهقة مرحلة انتقالية حساسة تمتلئ بالتحديات؛ حيث يبدأ المراهقون في البحث عن هويتهم، وشق طريقهم الخاص في الحياة وفقاً لأفكارهم الخاصة سلبية كانت أو إيجابية، وتبعاً لنوعية الأصدقاء من حولهم، بجانب دور الآباء وأسلوب تربيتهم الذي يزيد من ارتباط الابن بالأصدقاء أو العكس؛ بحيث يكون للآباء الأولوية حالة طلب المعونة أو الاستشارة؛ ما يدعو إلى التساؤل: لماذا يعتبر تأثير الأصدقاء قوياً في مرحلة المراهقة؟ وكيف يحدث هذا التأثير؟ وما هي النتائج التي يمكن أن تترتب على ذلك؟
في التقرير التالي نتعرف إلى تفاصيل وأفكار جديدة يعرضها الدكتور عصام الشاذلي أستاذ طب النفس بمركز البحوث، مفسراً الضغوط الاجتماعية التي تجعل الأصدقاء ينساقون لبعضهم البعض، ثم تأثير النتائج السلبية المترتبة، وفي النهاية نتعرف إلى دور الأهل أمام توابع هذه المشكلة.
سر تأثير الأصدقاء على قرارات المراهقين
الحاجة إلى الانتماء
المراهقون يشعرون بحاجة ملحة للانتماء إلى مجموعة، سواء كانت دائرة أصدقاء صغيرة أو مجتمع أوسع، هذه الحاجة تُشبع لديهم الرغبة في التقبل الاجتماعي وتعزز من ثقتهم بأنفسهم.
التغيرات النفسية
خلال مرحلة المراهقة، ينفصل المراهقون تدريجياً عن التوجيه المباشر للوالدين ويبدأون في تكوين آرائهم الشخصية، هنا تظهر أهمية الأصدقاء، حيث يُعتبرون مرجعية للمراهق تساعده على اتخاذ القرارات.
الفضول والتجربة
المراهقون يميلون إلى استكشاف تجارب جديدة، سواء كانت إيجابية أو سلبية، الأصدقاء غالباً ما يلعبون دور الحافز أو المحفز لهذه التجارب.
دراسات كثيرة تؤكد: تصالح المراهق مع نفسه أولى خطوات الثقة
كيف يؤثر الأصدقاء على قرارات المراهقين؟
القرارات الأكاديمية
تأثير الأصدقاء يظهر بشكل كبير في الخيارات الدراسية، على سبيل المثال؛ يمكن لصديق مجتهد أن يُلهم زملاءه لتحقيق إنجازات دراسية أعلى، وعلى العكس، يمكن أن يؤدي ضغط الأقران إلى تجاهل الأولويات الدراسية والانشغال بأنشطة ترفيهية أو حتى التسرب من التعليم.
السلوكيات الصحية
الأصدقاء لهم دور كبير في تشكيل عادات المراهقين الصحية:
- العادات الإيجابية: مثل ممارسة الرياضة أو تناول الطعام الصحي.
- العادات السلبية: مثل التدخين، أو تجربة عقاقير محظورة.
القيم والمبادئ
يمكن أن يكتسب المراهقون قيماً إيجابية من أصدقائهم، مثل الالتزام بالصدق والتعاون، لكن في بعض الأحيان، قد يتبنون ممارسات خاطئة، مثل الغش أو التمرد على القواعد.
اختيار الهوايات والأنشطة
الأصدقاء يلعبون دوراً في توجيه المراهقين نحو أنشطة أو هوايات معينة، سواء كانت فنية، رياضية، أو حتى تطوعية، ومع ذلك، قد يُشجعون على الانخراط في أنشطة خطرة أو غير قانونية.
العلاقات العاطفية
أصدقاء المراهقين يساهمون في تشكيل آرائه وسلوكياته تجاه العلاقات العاطفية؛ قد يكون التأثير إيجابياً من خلال تقديم نصائح بناءة، أو سلبياً عبر تشجيعه على خوض تجارب غير مناسبة.
الضغوط الاجتماعية وتأثيرها على القرارات
- ضغط الأقران المباشر: قد يواجه المراهق ضغطاً صريحاً من أصدقائه للانخراط في تصرفات معينة، مثل تجربة التدخين أو مخالفة القواعد.
- ضغط الأقران غير المباشر: حتى دون توجيه مباشر، يشعر المراهق بأنه يجب أن يتبع سلوك أصدقائه ليحظى بقبولهم.
- الخوف من النبذ الاجتماعي: القلق من فقدان الأصدقاء أو التعرض للتنمر يدفع بعض المراهقين إلى اتخاذ قرارات لا تتفق مع قيمهم الشخصية.
كيف يمكن توجيه تأثير الأصدقاء ليصبح إيجابياً؟
دور الأهل: بناء علاقة ثقة مع الأبناء تساعدهم على مناقشة أي ضغوط يواجهونها من أصدقائهم، مع توجيه الأبناء لاختيار أصدقاء إيجابيين ومناسبين.
تعزيز التفكير النقدي: تعليم المراهقين كيفية تحليل المواقف واتخاذ قرارات مدروسة بدلاً من الانسياق وراء المجموعة.
تشجيع الأنشطة المفيدة: إشراك المراهقين في أنشطة رياضية، فنية، أو تطوعية توفر لهم بيئة صحية للتواصل مع أصدقاء جدد.
توعية المدارس: على المدارس دور كبير في تعزيز القيم الإيجابية وتقوية العلاقات بين الطلاب بطرق تدعم تطورهم الشخصي.
قصص وتجارب حقيقية
إحدى الدراسات أظهرت أن المراهقين الذين يحيطون أنفسهم بأصدقاء مجتهدين أكاديمياً يميلون إلى تحسين أدائهم الدراسي، بينما أولئك الذين يحيطون أنفسهم بأصدقاء متهاونين قد يعانون من تراجع تحصيلي.
النتائج السلبية لتأثير الأصدقاء
- اتخاذ قرارات خاطئة: قد يتخذ المراهقون قرارات مدمرة نتيجة لضغط الأصدقاء، مثل الانخراط في سلوكيات خطرة.
- فقدان الهوية الشخصية: الانسياق الأعمى وراء الأصدقاء قد يؤدي إلى تهميش القيم والمبادئ الشخصية.
- تفاقم المشاكل النفسية: في حالة وجود أصدقاء سلبيين، قد يعاني المراهق من قلق، اكتئاب، أو ضعف في الثقة بالنفس.
تأثير الأصدقاء على قرارات المراهقين ليس دائماً سلبياً
من خلال التوجيه الصحيح والدعم المستمر من الأهل والمدرسة، يمكن تحويل هذا التأثير إلى قوة إيجابية، قوة تسهم في بناء شخصية المراهق بشكل صحي ومتوازن.
على الأهل أن يدركوا أهمية الحوار المفتوح والمستمر مع أبنائهم لضمان اتخاذهم قرارات تعكس قيمهم ومبادئهم، بدلاً من أن تكون مجرد انعكاس لتأثير الآخرين.
*ملاحظة من"سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج عليك استشارة طبيب متخصص.