قصص قبل النوم للأطفال "نورا ودروس الجد كامل" من عمر 5 حتى 9 سنوات

صورة لأم تحكي لأطفالها حكاية قبل النوم
من قصص الأطفال: نورا ودروس الجد كامل

ما إن أنهت الأم أعمالها المنزلية وحملت أطباق العشاء إلى مكانها، وذهب الأبناء لإعداد حقيبة المدرسة وارتداء ملابس النوم، استعدادًا وانتظارًا لحكاية قبل النوم، إلا وأخذت الأم تفكر فيما حدث اليوم بين أطفالها من شجار وعلى أسباب لا تستحق، وهنا قررت الأم من أين تستقي فكرة قصتها؟ على أن تضفي عليها خيالًا بلون رمال الصحراء الذهبية، وزرقة ينابيع المياه المتدفقة والسماء الصافية، وأن تعطرها برحيق الزهور و موسيقى زقزقة العصافير؛ حتى يصل المضمون برقة إلى العقول.
حكاية اليوم: نورا ودروس الجد "كامل" ، وتحكي عن أهمية وقيمة المعاملة الحسنة التي تأتي باللطف والتعاطف والمسامحة، وما تضفيه من سلام وهدوء نفسي على الجميع، مع الاعتراف بحق كل طفل في الاختلاف، والآن إلى تفاصيل الحكاية.

بداية الحكاية

واحة جميلة تُحيطها أشجار النخيل

بدأت الأم حكاية قبل النوم في هدوء وقالت: في صحراء هادئة، حيث تمتد الرمال الذهبية بقدر ما تراه العين، عاشت فتاة طيبة القلب تدعى نورا وكان عمرها 13 عامًا، تعيش وسط أسرتها البسيطة وتنعم بالهدوء والوئام، من دون صخب أو خلافات، وكانت معروفة في جميع أنحاء الصحراء برحمتها واستعدادها لمساعدة الآخرين رغم صغر سنوات عمرها.
كانت نورا تعيش في مجتمع صغير في واحة؛ حيث توفر أشجار النخيل الظل، وينابيع المياه الصافية الماء لكل من يحتاجه، وكان القرويون يحترمون نورا ويحبونها؛ لطبيعتها اللطيفة وقدرتها على جلب السلام والوئام إلى حياتهم بكلامها وأفعالها وحسن تعاملها معهم.

قصص للأطفال: "شجرة الجوافة" للطفل من عمر 7 سنوات

السماء البرتقالي

سماء الغروب ملونة بالبرتقالي والوردي

في أحد الأيام بينما كانت الشمس تغرب وتتلون السماء بألوان البرتقالي والوردي، لاحظت نورا تغيرًا في جو الواحة؛ حيث حلت الهمسات والنظرات القلقة محل الضحك والحديث المعتاد.
بعدها لاحظت نورا أن صديقتها المقربة نادية وهي شابة مرحة، مغمومة وحزينة، بشيء من القلق اقتربت نورا منها لمعرفة ما يزعجها، دون أن تعلم أن هذا اللقاء كان بداية رحلة ستعلمها دروسًا قيمة عن الصداقة والتعاطف.
كشفت نادية لنورا أنها تشاجرت مع صديقة أخرى جارة تُدعى عاليا، وكانت نادية تعتاد اللعب مع أطفال القرية بمرح وصخب عال، بينما كانت عاليا تحب ان تدعو فتيات القرية لجلسات الشاي و تناول الكحك بمنزلها.
ورغم أن نادية وعاليا كانتا صديقتين منذ زمن طويل، تسبب هذا الخلاف في انقسام صداقتهما، فأصبح قلب الواحة الذي كان ينبض بالانسجام مغمورًا بالتوتر والحزن؛ تأثر القرويون الذين كانوا يعرفون أن نادية وعاليا أصدقاء، وبهذا الانقسام افتقد الأطفال مرح نادية المعتاد معهم، فيما افتقدت بقية البنات الشابات ابتسامة عاليا الدائمة.

أجمل قصص الصداقة للأطفال من عمر5-8 سنوات

المشكلة: خلافات الأصدقاء

صديقتان

ولأن الخلاف ظهر على السطح نتيجة لملاحظة عابرة، إلا أن جذوره كانت أعمق، فقد أخبرت عاليا صديقتها نادية بأنها تُحدث الكثير من الضجيج عند اللعب مع الأطفال في الساحة، وأنها لا تحب الضوضاء، لكن يبدو أن الطريقة التي قالت بها ذلك لم تعجب نادية، ما أدى إلى تصاعد التوتر بينهما.
واكتشفت نورا أن الأمر لم يكن مجرد خلاف حول الضوضاء، بل كان انعكاسًا لاختلاف أعمق في فهم كل منهما لما يعنيه اللطف في التعامل، مما أثر على شعور القرويين بالقلق علي صداقة نادية وعاليا.
وعندما فشلت نورا في الجمع بين الصديقتين في جلسة ودية، مدفوعة برغبتها في إصلاح الصداقة المكسورة وإعادة السلام إلى الواحة، قررت نورا أن تزور جدها "كامل" العجوز لتطلب النصيحة.

ألغاز الجد "كامل"

حفيدة تستمع للجد وحكاياته

كان الجد "كامل" مشهورًا بمعرفته العميقة في شؤون العلاقات الإنسانية، وكان أيضًا يحب الألغاز و الفوازير جدًا، وبطرافة وخفة محببة وافق الجد على مساعدة حفيدته نورا ، شرط أن تتمكن من حل ألغازه التي كانت تدور كلها حول قيم الصداقة ولطف المعاملة .
بدأ الجد "كامل" بالأحجية الأولى قائلاً: ما هو مفتاح الصداقة الدائمة؟ فكرت نورا للحظة فأجابت: الثقة والتفاهم، أومأ الجد كامل برأسه موافقًا.
ثم طرح الأحجية الثانية: ما الذي يمكن أن يصلح رابطة مكسورة بين الأصدقاء؟ فردت نورا بثقة: التواصل الصادق والغفران.
وفيما أشرقت الابتسامة على وجه الجد "كامل"، طرح الأحجية الأخيرة: ما الذي يجعل الصداقة تنمو أقوى مع مرور الوقت؟ فأجابت نورا: التجارب المشتركة والاحترام المتبادل.
وبعد انتهاء سلسلة الأحاجي، اطمأن قلب الجد "كامل" على أن حفيدته نورا ستصبح مرساله بالقرية، وستكون قادرة على حل الكثير والكثير من المشاكل، فكانت مكافآته لها؛ ان أضاف نصيحة جديدة استمدها من حكم وأقوال خالدة:
فقال: إن الفعل اللطيف يا حفيدتي لا يقتصر على النطق بكلمات تحمل مشاعر طيبة فحسب، بل يحتاج إلى عمق ينبع من القلب وعمل متواصل، كما يقول المثل القديم: "المعاملة الحسنة تجلب المعاملة الحسنة"؛ فهذا ليس مجرد قول عابر، بل هو منهج حياة يُعيد بناء جسور الثقة والاحترام بين النفوس، بجانبها يكون التفاهم الصادق والمسامحة المتبادلة فهما جناحا السلام، وعندما يُفتح باب الحوار بكل شفافية، يصبح كل اختلاف فرصة للتحول إلى درس يُثري العلاقات الإنسانية.

نورا مرسال الجد الحكيم

نورا الفتاة الحكيمة

استلهمت نورا من هذه الكلمات الحكيمة كيفية جمع شمل صديقتيها، مدركة أن إصلاح الخلاف يستدعي التسامح وإعادة التأكيد على أهمية اللطف والرحمة كأساس للتعامل مع الآخرين.
بعد رحلة طويلة ومليئة بالتحديات، عادت نورا إلى الواحة بعد زيارة جدها، رجعت الواحة وهي محملة بحكمة جديدة وخطة لإصلاح صداقة نادية وعاليا، فاقتربت منهما بشكل منفصل، مستعينة بالدروس التي تلقتها من جدها.
وبدأت الخطة ؛ بأن شرحت لهما أن تصرف إحداهما بعدم لطف لمرة واحدة مع الأخرى لا يعني بالضرورة نهاية الصداقة، بل يمثل فرصة للتعلم والنمو المشترك، ثم شجعتهما على التعبير عن مشاعرهما بصدق، وعلى إعادة بناء جسور الثقة من خلال التواصل الفعّال والمسامحة المتبادلة.
مع دعم نورا وكلمات الحكمة التي ألهمتها، تبادلت نادية وعاليا الاعتذارات وعاهدتا بعضهما على أن يكون الحوار والاحترام أساس علاقتهما، وعادت صداقتهما بشكل تدريجي إلى سابق عهدها، وأصبحتا مثالاً يحتذى به في القرية في كيفية التعامل مع الخلافات، وحلها بروح من اللطف والتفاهم.
مع حل المشكلة، أصبحت نورا رمزًا للحكمة و لم شمل الأصدقاء و بدأت بنات أخريات من القرية في التوجه إليها طلبًا للنصيحة في مختلف الأمور، وذلك بعدما تعلم الجميع أن اللطف في التعامل لا يقتصر على التصرفات الخارجية فحسب، بل يتطلب فهمًا صادقاً عميقًا للقيم الإنسانية وإصرارًا على تجاوز الخلافات بالحوار والتسامح.
ازدهرت صداقة نادية وعاليا، وأصبحت أقوى من أي وقت مضى، و أصبحت صداقتهما ملهمة لفتيات و شابات القرية، وهكذا استعادت الواحة الهادئة دفء العلاقات، و زاد الاحترام والوئام بين سكان القرية، بفضل حكمة نورا والدروس التي أخذتها من جدها وشاركتها مع مجتمعها.

العبرة:

اللطف هو التفكير في الآخرين، وليس في نفسك فقط، تقديم العون لشخص يحتاج إلى المساعدة، وإظهار الاهتمام والود بالآخرين، في أقوالنا وأفعالنا.
ترك الطفل يختلط مع الذين يقاربون سنّه، ولا تقضي وقتًا كثيرًا في توجيه أطفالك ليكونوا لطفاء، تعليم الرفق لا يكون بالتوبيخ أو التوجيه فقط.
كل طفل يحتاج إلى تعلم الكثير عن مشاعره ومشاعر الآخرين، ومن قبل يجب مشاهدة هذا الود في المعاملات اليومية في البيت وخارجه.
التحلي باللطف والأخلاق الكريمة ليس مستحيلًا، لكن الأطفال بحاجة إلى بالغين يساعدونهم على تعلم الاهتمام بالآخرين واحترامهم، ويجب تحميلهم جزء من المسؤولية خلال كل مرحلة من طفولتهم.
اجعلي مساعدة الآخرين أولوية، وادفعي أطفالك للتطوع المنتظم لتقديم المساعدة والإحسان للمحتاجين، وشجعي طفلك على الإيجابية، وان يكون لطيفًا في محيطه وتعاملاته اليومية.
علميه التعود على ممارسة الامتنان، فيصبح أكثر عونًا ولطفًا وكرمًا وتسامحًا من غيره، واعملي على توسيع دائرة اهتمام طفلك، بأن تلفتي نظره لمن هم خارج دائرته: الزميل الجديد أو حارس المدرسة، أو النادلة.
يتعلم الأطفال القيم الأخلاقية من مراقبة تصرفات البالغين وأنت نموذج أخلاقي، تهتمين بالآخرين وتتحلين بالصدق والإنصاف، ولكن لا تتجاهلي مشاعره؛ فالطفل يصعب عليه التحلي باللطف أثناء المرور بمشاعر سلبية.
*ملاحظة من"سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.