قصص الأطفال عادة محببة ينتظرها الطفل بشغف وانشراح، أوحكايات قبل النوم تحكيها الأم أو الجدة بقلب محب، ورغبة أكيدة في مزيد من التواصل؛ يوماً تحكي قصة أبطالها ممن يجلسون بجانب طفلها أو يلعبون معه، وفي الأخرى تقرأ لهم قصصاً أبطالها من الطيور أو الحيوانات، وفي الحالتين تبعث الأم أو الجدة برسالة.. قد تكون قيمة يتعلمها الطفل، وربما صفة يسعى لتقليدها.
بقلم خيرية هنداوي
- ليلى والغراب والببغاء.. قصة تعلم الطفل الرضا بما أعطاه الله من صفات، وتقبُل ما لا يملك تغييره.. ولكن يمكنه إضافة الكثير من الصفات الإنسانية.. ما يضفي جمالاً على شخصيته.
تبدأ قصة ليلى والغراب والببغاء بمشهد معتاد للطفلة ليلى صباح يوم عطلتها المدرسية.. حيث استيقظت مبكراً، غسلت وجهها وتوضأت وصلت صلاتها، ثم غيرت ملابس نومها، وجرت لغرفة والدتها لتمشط لها شعرها الكثيف المتموج- المجعد- وبمجهود كبير أحكمت الأم خصلاته.. ووضعت الشرائط الملونة لتزينه. وما أن انتهت الأم، حتى جرت ليلى لجدتها.. فطرقت باب غرفتها، لتجدها مشغولة ومنهمكة بتلميع الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية، دخلت ليلى وعلى ملامحها غضب وحزن كبيرين.. بل تكاد تبكي: ماذا حدث.. لماذا أنت حزينة، وما تلك حبات اللؤلؤ التي تتساقط من عيونك يا حفيدتي الجميلة؟.. أريد أن أقص شعري، شعري لا ينساب على كتفي مثل صديقتي ياسمين، شعري موجاته كثيرة.. أمي تؤلمني وهي تمشطه لي كل يوم، وتقصيره أفضل طريقة لتحسين شكله..و..! احكي لطفلك قصة ماء زمزم.
- استمعت الجدة لحفيدتها باهتمام، ثم وضعت فوطة التلميع جانباً، وأغلقت الصندوق الذي يحوي نجاحات ليلى في عالم السباحة، واصطحبتها خارج الغرفة للجلوس بشرفة المنزل الواسعة- البلكونة-.
وهناك شاركت ليلى جدتها وضع الحبوب في الإناء المخصص لإطعام الطيور.. دقائق وتجمعت الطيور الصغيرة والتفّت، وكان وسطها غراب.. انشغلت ليلى ونست مشكلة شعرها.. والجدة أبداً لم تنس! لفت نظر ليلى طائر وسط مجموعة الطيور، يترك مكانه حول الإناء ليفسح للطيور الصغيرة أخذ نصيبها من الحبوب، فسألت جدتها على الفور: كيف يا جدتي.. لماذا لا يشاركهم تناول الحبوب، هل هو شبعان؟ ضحكت الجدة لتعليق ليلى الطفولي وقالت: هذا هو الغراب؛ طائر عائلي يحب أسرته، ويساعد في بناء العش وتربية الصغار، ويعد من الطيور التي تتآلف في مجموعات مترابطة، تدافع عن بعضها وتطارد الطيور الجارحة حالة اقترابها من أعشاشها. الغراب يا صغيرتي ليلى من أذكى الطيور وأمكرها وقت تعرضه إلى أي أذى.. بل ويلجأ إلى محاكم الغربان.. حيث تحكم الجماعة على أي طائر يخرج عن قوانين ونظام مجتمعهم.. ويسبب أذى للآخرين. هل قرأت رحلة القطار الطويلة؟
- هنا لم تطق ليلى صبراً.. وسألت مبتسمة: كيف يا جدتي.. وهل يتكلم الغربان؟ وبأي لغة..صو..صو.. صاو..أم صو صو صي! ضحكت الجدة وبادلتها الابتسام وأضافت: للطيور لغتها وربما إشاراتها.. وهل نسيت قصة سيدنا سليمان؟ عندما كان يتحدث مع النمل ويضحك لحديثهم! والآن دعيني أحكي حكاية الببغاء الملون والغراب.
اقتربت ليلى من جدتها وكلها فضول لسماع القصة، والتي بدأ ت صباح يوم خرج الغراب من عشه، ليشاهد العالم من حوله، فلمح طائر جميل الشكل تتجمع في ريشه عدد من الألوان الزاهية، رآه يتنقل بخفة ورشاقة بين الأغصان. وهنا فكّر الغراب.. وكلّم نفسه.. أنا أيضاً جميل المنظر، يكسوني ريش رمادي وذيل طويل لامع أسود اللون، لكنني أريد أن أكون مثل الببغاء! وحينما اقترب الغراب من الببغاء الملون ليسأله عن سر جمال ألوان ريشه.. طار الببغاء بعيداً وترك الغراب في حيرة. الغراب لم يعط نفسه الوقت الكافي ليفكر في صفاته الآمنة وسط عائلته، أو عن محكمة الغربان، ولم يدرك كذلك أن الله خلق لكل طائر صفات تميزه عن غيره، واتجه مباشرة إلى بستان الزهور وقام بفرد ريشه بجوار بتلات -أوراق- زهرة التوليب الأحمر وزهرة النرجس وعباد الشمس الصفراء.. وزهرة اللافندر البنفسجية لعلها تستطيع تلوين ريشه!.
- وبطبيعة الحال فشل الغراب في تغيير لون ريشه، وظل على حاله؛ رمادي اللون أسود العنق والذيل، وكان عليه أن يكون راضياً شاكراً لما يتمتع به من صفات ومزايا تفتقدها طيور أخرى.
ورغم سنوات ليلى القليلة -8 سنوات- فهمت المعنى من قصة جدتها، وجرت لتنظر من جديد إلى المرآة.. فرأت شعرها الفاحم السواد وموجاته التي تعلو وتهبط على جبينها وتتأرجح على كتفيها.. جميلاً في عيونها، وقبل أن تترك الغرفة جذبت صندوق الميداليات لتحكي لجدتها من جديد.. كيف حصلت عليها، وقدر الجهد والإصرار الذي بذلته... لتحصل عليها.
سؤال وجواب
1-لماذا كانت ليلى حزينة؟ 2-ماذا كانت تفعل الجدة قبل دخول ليلى لغرفتها؟ 3-ما هي الجائزة التي تحلم بالحصول عليها؟ 4-ما اللعبة الرياضية التي تمارسها ليلى؟ 5-لماذا كان الغراب حزيناً؟ 6-ما هي محاكم الغربان؟