لم تترك التكنولوجيا الحديثة بأدواتها المتطورة موضوعاً إلا شرحته وأفاضت في سرد تفاصيله، وفي ظل تزايد الوعي حول اضطراب طيف التوحد، بدأ الآباء والأمهات البحث عن أفضل الأساليب التربوية لمساعدة أطفالهم على الاندماج في المجتمع، وتطوير مهاراتهم، وفي مقابل هذا نجد أن حالات التوحد تزداد عالمياً سنةً بعد سنة؛ لهذا كان من الضروري التعرف إلى أحدث النظريات التي تساعد في تنمية قدرات طفل التوحد وتعزيز تفاعله مع محيطه، وكيف يمكن للأهل دعم أطفالهم نفسياً وعاطفياً؟ اللقاء والدكتورة فوزية نصار أستاذة التربية وتعديل السلوك لشرح وتوضيح سبل الاعتناء بطفل التوحد كمحاولة لدمج الطفل في المجتمع.
معلومات وأفكار عن اليوم العالمي للتوحد تعرفي إليها:

بدأ الاحتفال بمرض التوحد، عندما خصصت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 2 نيسان/أبريل من كل عام، بوصفه اليوم العالمي للتوعية بالتوحد منذ عام2007.
هذا اليوم يسير في سياق العمل من أجل صون حقوق الإنسان، والحريات الأساسية للأشخاص ذوي التحدي، وضمان مشاركتهم المتكافئة في مختلف مناحي الحياة.
اضطرابات طيف التوحد تُعرف اختصاراً بالتوحد، وهي حالة عصبية مدى الحياة تظهر في مرحلة الطفولة المبكرة، بغض النظر عن جنسه أوعرقه أو وضعه الاجتماعي والاقتصادي.
وهي أيضاً مجموعة من الاعتلالات تتصف ببعض الصعوبات في التفاعل الاجتماعي والتواصل، مع صعوبة الانتقال من نشاط إلى آخر، والاستغراق في التفاصيل، بجانب ردود الفعل غير الاعتيادية على الأحاسيس.
لهذا يتطلب التعامل مع الطفل المتوحد فهماً عميقاً لاحتياجاته الخاصة، واستخدام الأساليب التربوية المناسبة التي تساعده على التطور والاندماج.
بالجمع بين التعليم الحديث، والدعم العاطفي، والتكنولوجيا المبتكرة، والرياضة، تتوفر البيئة الداعمة التي تضمن حياة متوازنة لطفل التوحد.
المفتاح الأساسي في نجاح هذه الأساليب هو التوعية المجتمعية وتعزيز الشمولية؛ لضمان حصول كل طفل على الفرصة للنمو والتعلم بأفضل طريقة ممكنة.
خطوات عملية حديثة للتعامل مع الطفل المصاب بالتوحد تابعي تفاصيلها
أحدث الأساليب التربوية لطفل التوحد

التعليم والتواصل لبناء الجسور بين الطفل والعالم
التعليم واحد من أهم المحاور في حياة الطفل المتوحد، حيث يعتمد نجاحه في التواصل والاندماج على الأساليب التربوية التي تتبعها العائلة، وأحدث هذه الطرق التي أثبتت فاعليتها هي: تعزيز السلوكيات الإيجابية وتقليل السلوكيات غير المرغوبة فيها من خلال أسلوب المكافأة والتكرار.
هذا النهج يساعد الطفل على اكتساب مهارات جديدة، بطريقة منهجية ومدروسة، مما يعزز من فرص الطفل المتوحد في تطوير استقلاليته.
وهناك التعليم من خلال التكنولوجيا؛ مثل استخدام التطبيقات التفاعلية المصممة خصيصاً للأطفال المتوحدين، والتي أصبحت أداة فعالة في تعزيز مهارات طفل التوحد اللغوية والاجتماعية.
كما أن التقنيات الحديثة تتيح لأطفال التوحد التعلم وفق حالتهم الخاصة، مما يساعد على تحسين مهارات التواصل لديهم، مثل أسلوب استخدام الصور والقصص المصورة التي توضح المواقف الاجتماعية وتساعد الطفل على فهم كيفية التفاعل معها.
كما أثبتت الدراسات الحديثة أن التدخلات التربوية المبكرة يمكن أن تحسن مهارات التواصل لدى 70% من الأطفال المتوحدين، مما يسلط الضوء على أهمية الكشف المبكر والتدخل السريع.
الدعم العاطفي والنفسي هو دور الأسرة والمجتمع

التربية لا تقتصر فقط على الجانب التعليمي، بل تمتد إلى الجانب العاطفي والنفسي، حيث يحتاج الطفل المتوحد إلى بيئة داعمة تساعده على التعامل مع التحديات التي يواجهها يوميًا.
يعتبر الاستماع للطفل وفهم احتياجاته دون فرض توقعات غير واقعية من أهم الأساليب التي ينصح بها الخبراء، فالأطفال المصابون بالتوحد يجدون صعوبةً في التعبير عن مشاعرهم أو فهم تعابير الآخرين، مما يستدعي نهجاً يعتمد على الصبر والتواصل الفعّال.
كما تلعب الأسرة دوراً محورياً في تقديم الدعم العاطفي، من خلال تعزيز مشاعر القبول والحب غير المشروط للطفل، يمكن للأهل تعزيز هذا الدعم عبر أنشطة تفاعلية مثل اللعب المشترك أو رواية القصص، ما يعزز الشعور بالأمان لدى الطفل.
ومن المهم أن يحصل الأهل أنفسهم على الدعم النفسي اللازم، حيث يواجهون تحدياتٍ كبيرة في تربية طفل متوحد، وهذه البيئات الداعمة تتمثل في المدارس والمجتمع، حيث يواجه 80% من هؤلاء الأطفال صعوبة في الوصول إلى مدارس تتناسب مع احتياجاتهم الفريدة.
كما أن إشراك الطفل في مجموعات دعم أو أنشطة اجتماعية مخصصة يساعده على تحسين ثقته بنفسه، وتطوير مهاراته الاجتماعية بطريقة تدريجية.
وسائل التكنولوجية الحديثة تساعد في العلاج
مع تطور التكنولوجيا يوماً بعد يوم، ظهرت العديد من الأدوات والألعاب والبرامج التي تساعد الأطفال المتوحدين على تحسين مهاراتهم الحياتية، على سبيل المثال؛ تستخدم الروبوتات التفاعلية لمساعدة الأطفال على فهم تعابير الوجه ولغة الجسد.
وتُعد إحدى التحديات الرئيسية التي يواجهها المصابون بالتوحد، هذه الروبوتات قادرة على تقديم تفاعل متكرر ومنهجي يساعد الطفل على تحسين قدرته على تفسير الإشارات الاجتماعية، بشكل أكثر وضوحاً.
كما توفر تطبيقات الواقع الافتراضي بيئة آمنة يمكن للأطفال من خلالها ممارسة المهارات الاجتماعية المختلفة قبل تطبيقها في الحياة الواقعية، ما يساعد على تقليل القلق الاجتماعي وتعزز الثقة بالنفس لدى الطفل، وتحسين جودة حياته اليومية.
بالإضافة إلى ذلك، أظهرت بعض الدراسات أن استخدام الأجهزة اللوحية والتطبيقات المصممة خصيصاً للأطفال المتوحدين يمكن أن يعزز مهاراتهم اللغوية والإدراكية، حيث تسمح لهم هذه الأدوات بالتعلم بأسلوب مرئي وتفاعلي يناسب نمط تفكيرهم الفريد.
التكامل الاجتماعي يساعد الطفل المتوحد على الاندماج

مشكلة أطفال التوحد وتحديهم الأكبر يتمثل في عدم قدرتهم على الاندماج مع أقرانهم، لكن هناك إستراتيجيات يمكن أن تساعدهم على تجاوز هذه الصعوبات.
من بينها: إشراك الطفل في الأنشطة الجماعية التي تعتمد على التفاعل المحدود، مثل الفنون والموسيقى، حيث يمكنهم التعبير عن أنفسهم دون الحاجة إلى تواصل لفظي مباشر.
ومن المجالات التي أثبتت فاعليتها في تحسين التفاعل الاجتماعي وتعزيز المشاعر الإيجابية لدى الأطفال المتوحدين هي: الفن والموسيقى على وجه الخصوص.
كما أن المدارس الدامجة التي تتيح للأطفال المتوحدين التعلم جنباً إلى جنب مع الأطفال العاديين، تسهم في تعزيز مهاراتهم الاجتماعية بشكل كبير، وهناك أهمية لتدريب المعلمين على كيفية التعامل مع الأطفال المتوحدين.
يمكن أيضاً تنظيم أنشطة رياضية أو مجتمعية مخصصة تساعد الطفل على التفاعل مع الآخرين بطريقة تدريجية، مما يعزز شعوره بالانتماء ويحد من العزلة الاجتماعية التي قد يواجهها.
رياضات مناسبة لمريض التوحد
الرياضة تُعد وسيلة فعالة لتحسين الصحة الجسدية والعقلية لأي طفل، وبالنسبة للأطفال المتوحدين، يمكن أن تكون أداة رائعة لتعزيز مهاراتهم الاجتماعية وتحفيز تفاعلهم مع الآخرين.
رغم أن بعض الأطفال المصابين بالتوحد قد يجدون صعوبةً في ممارسة الرياضات الجماعية بسبب التحديات الاجتماعية التي يواجهونها، فإن هناك العديد من الرياضات الفردية التي تناسبهم بشكل كبير.
السباحة، ركوب الخيل، والجري من أفضل الخيارات، حيث تساعد هذه الرياضات على تحسين التناسق الحركي وزيادة القدرة على التركيز، كما أنها تسهم في تقليل التوتر والقلق، وتحسن جودة النوم لدى المتوحدين.
الرياضة ليست مجرد نشاط بدني، بل هي وسيلة لتحسين المهارات الحركية وتعزيز التفاعل الاجتماعي بطريقة طبيعية وآمنة، فمن خلال ممارسة الرياضة في بيئة مريحة وداعمة، يمكن للأطفال المتوحدين اكتساب مهارات جديدة تُسهم في تحسين جودة حياتهم اليومية.
* ملاحظة من سيدتي قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.