mena-gmtdmp

محمد العمادي مدير عام مركز دبي للتوحد: من مهامنا تعزيز الوعي المجتمعي بالمرض

الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي مع اطفال التوحد
الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي مع اطفال التوحد

لا يخفى على كل منْ يزور مركز دبي للتوحد، تلك الاستراتيجيات الشاملة  التي تتضمن تطوير برامج تعليمية وعلاجية مخصصة، وتعزيز البحث العلمي في مجال التوحد، وتدريب الكوادر المتخصصة. هذه الاستراتيجيات تساهم في تحقيق رؤية دولة الإمارات؛ لتعزيز رفاهية أصحاب الهمم من خلال توفير خدمات عالية الجودة وخلق بيئة داعمة؛ تمكنهم من المشاركة الفاعلة في المجتمع. كما تُسهم هذه الرؤية في ترسيخ مكانة دولة الإمارات كرائدة في مجال رعاية أصحاب الهمم، ودعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة في قطاعي الصحة والتعليم، لمزيد من التفاصيل، ولمواكبة الحملة السنوية التاسعة عشرة للتوعية بالتوحُّد والتي تستمر فعالياتها لمدة شهر كامل ابتداءً من اليوم العالمي للتوعية بالتوحُّد 2 أبريل، قابلت "سيدتي" محمد العمادي، مدير عام مركز دبي للتوحد وعضو مجلس إدارته.

                                                محمد العمادي، مدير عام مركز دبي للتوحد وعضو مجلس إدارته  

بدايةً، أوضح العمادي بأنه "يستفيد من خدمات مركز دبي للتوحد في النظامين المدرسي والعيادي (150) طفلاً بينهم (60) مواطناً. وقد شهدنا زيادة ملحوظة في أعداد المستفيدين في السنوات الأخيرة بسبب زيادة الوعي باضطراب التوحد وتحسين الخدمات المقدمة."

مضيفاً: "احتوينا الأعداد المتزايدة المُدرجة في قوائم الانتظار من خلال بناء مركز متكامل المرافق بطاقة استيعابية أكبر، ورؤية ديناميكية، تسعى إلى أن يكون مركز دبي للتوحد مرجعاً عالمياً في تقديم خدمات متكاملة ومبتكرة للأفراد ذوي التوحد وأسرهم، مستنداً في ذلك إلى استراتيجيات واضحة يضعها مجلس الإدارة لضمان التميز والاستدامة. ومن خلال هذه الجهود، يعمل المركز على تحسين جودة حياة الأفراد ذوي التوحد عبر توفير بيئة داعمة تعزز استقلاليتهم وتيسر اندماجهم في المجتمع".

برنامج البيئة الصديقة

                               الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي مع أحد أطفال التوحد

يعمل المركز على تنفيذ مبادرات وشراكات مع المدارس والجهات الحكومية؛ لتعزيز فرص الدمج المجتمعي للأطفال ذوي التوحد. ومن أبرزها، كما يقول المدير العام، حملته السنوية للتوعية بوسائل الكشف المبكر للتوحد تحت شعار «المدرسة للجميع»، والتي تستهدف الطواقم الإدارية والتعليمية في مراكز الطفولة المبكرة ورياض الأطفال في مدارس الإمارات، من أجل توعيتهم بالإجراءات السليمة المتبعة في حال الاشتباه بأعراض اضطراب طيف التوحد، يتابع قائلاً: "سعى مركز دبي للتوحد منذ إنشائه إلى تعزيز الوعي المجتمعي بالتوحد، والتعريف باحتياجات المصابين به والعمل على دمجهم في المجتمع من خلال تنظيمه لحملات التوعية والمحاضرات والندوات وورش العمل؛ حيث تتركز جهود المركز بإشراك مختلف قطاعات المجتمع في قضية التوحد، واستطاع المركز في فترة قياسية الوصول إلى مصاف المراكز العالمية المتميزة في مجال التوعية المجتمعية بالتوحد من خلال تنظيمه للعديد من الحملات والبرامج، أبرزها الحملة السنوية للتوعية بالتوحد، والتي حرص المركز على إطلاقها في شهر أبريل من كل عام تحت رعاية كريمة من الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع. ومن أهم مبادرات المركز برنامج البيئة الصديقة لذوي التوحد، الذي أطلقه المركز كمبادرة تعد الأولى من نوعها في المنطقة، وذلك بهدف تعزيز استفادة أصحاب الهمم من ذوي التوحد من الخدمات التي توفرها المؤسسات العامة والخاصة؛ حيث يتم منح تلك الجهات شهادة تفيد باعتماد الجهة كبيئة صديقة لذوي التوحد في حال تطبيقها لشروط ومعايير البرنامج".

لا يزال هناك أفراد في المجتمع يفتقرون لفهم دقيق لطبيعة اضطراب طيف التوحد، ما يؤدي إلى التهميش وسوء الفهم

فعاليات مجتمعية وفنية

فعاليات مجتمعية وفنية


من خلال الحملة التوعوية، يحرص المعهد سنوياً على تعزيز مبدأ تكافؤ الفرص للأشخاص من ذوي التوحد، وذلك عبر المبادرات المجتمعية التي تنفذ بالتعاون مع مختلف الجهات الحكومية والخاصة. يستدرك العمادي: "على سبيل المثال، قمنا بتدريب موظفي عدد من المؤسسات على كيفية التعامل مع الأشخاص ذوي التوحد، كما أطلقنا مبادرات "المكان الصديق للتوحد" التي تهدف إلى تهيئة بيئات عامة أكثر احتواءً وسهولة في الوصول. كذلك، نحرص على تمكين الأفراد من ذوي التوحد من المشاركة في فعاليات رياضية وفنية ومجتمعية، تعكس قدراتهم وتسهم في دمجهم الإيجابي.
وعلى الرغم من التقدم الملحوظ في مستوى الوعي خلال السنوات الماضية، إلا أن التحدي ما زال قائماً. لا يزال هناك أفراد في المجتمع يفتقرون لفهم دقيق لطبيعة اضطراب طيف التوحد، مما يؤدي في بعض الحالات إلى التهميش أو سوء الفهم أو إصدار أحكام خاطئة. لذلك فإن حملات التوعية تظل ضرورية لضمان بيئة أكثر تقبلاً واحتواءً".

صعوبة التشخيص المبكر

صعوبة التشخيص المبكر


أبرز التحديات التي يواجهها المركز، تتمثل في استمرار الحاجة إلى تأهيل الكوادر المتخصصة، وضمان استمرارية التمويل للبرامج العلاجية المكثفة، بالإضافة إلى صعوبة التشخيص المبكر أحياناً، وخاصة لدى الفئات العمرية الصغيرة. كذلك، يواجه بعض أولياء الأمور تحديات نفسية واقتصادية في التعامل مع التشخيص، ما يتطلب دعماً مجتمعياً وشبكات مساندة فعّالة، لمواجهة أبرز الشائعات وهي، كما يتابع العمادي: "الاعتقاد بأن التوحد هو نتيجة للإهمال أو التربية الخاطئة، وهو أمر غير صحيح تماماً.
التوحد هو اضطراب في النمو العصبي وله أسباب متعددة تشمل العوامل الوراثية والبيئية. أيضاً، هناك منْ يعتقد أن جميع الأطفال المصابين بالتوحد لديهم قدرات خاصة، بينما هذا ليس صحيحاً بشكل عام، فالأفراد ذوو التوحد يختلفون تماماً في مهاراتهم واحتياجاتهم".
أما عن البرنامج العلاجي الصحيح لذوي التوحد، وكما يؤكد العمادي: "لا يوجد نموذج واحد يناسب جميع الحالات، ولكن البرامج التي أثبتت فعاليتها هي تلك التي تعتمد على تدخلات متعددة التخصصات، مثل تحليل السلوك التطبيقي (ABA)، العلاج الوظيفي، التخاطب، والعلاج الحسي. نحن في مركز دبي للتوحد نستخدم خطة فردية لكل طفل، بناءً على تقييم دقيق وشامل لحالته واحتياجاته، ونعمل بشكل تكاملي مع الأسرة لتحقيق أفضل النتائج.
مركز دبي للتوحد يطلق حملته التاسعة عشرة للتوعية بالتوحد
لكنني أنصح الأهالي والأفراد بالدعم العاطفي والاجتماعي، فهو عامل رئيسي في تطور الطفل. بالإضافة إلى ذلك، فإن التدخل المبكر يُحدث فرقاً كبيراً في تطور الحالة. كما أن قبول الطفل كما هو، ودعمه نفسياً وعاطفياً، يمثل حجر الأساس في بناء ثقته بنفسه. وأشجع الأهالي على التفاعل مع مراكز الدعم، والانضمام إلى مجموعات الأهالي، والاستمرار في التثقيف حول اضطراب التوحد".

إصدار كتاب جديد عن التوحد

الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم مع أحد أطفال التوحد


بالتزامن مع حملة هذا العام، أعلن مركز دبي للتوحد عن إصدار كتابه الجديد بعنوان "إدارة التحديات السلوكية للأطفال ذوي التوحد"، هذا الكتاب يمثل مرجعاً عملياً ومهماً لكل من يعمل أو يتعامل مع الأطفال ذوي التوحد، سواء كانوا مختصين أو أولياء أمور. الكتاب بعنوان "إدارة التحديات السلوكية للأطفال ذوي التوحد"، من إعداد الدكتور بسام درويش، والذي يعد دليلاً عملياً شاملاً للآباء والأمهات والمربين. يتناول الكتاب أساليب علمية مبنية على الأدلة لإدارة السلوكيات الصعبة، ويوفر استراتيجيات يمكن تطبيقها في البيئات المنزلية والتعليمية والعلاجية. وتسعى إدارة المركز من خلال هذا الإصدار إلى تمكين المجتمع من فهم أعمق للتحديات اليومية التي تواجه هؤلاء الأطفال، وتقديم حلول واقعية تُحدث فرقاً إيجابياً في حياتهم. يتابع العمادي: "حقق المركز نمواً مستمراً وراسخاً منذ إنشائه كأول مؤسسة إماراتية غير ربحية معنية، وذلك عبر توفير خدمات متكاملة استشارية وتربوية وعلاجية متخصصة في مجال اضطراب طيف التوحد".

الجهود الطيبة

مركز دبي للتوحد


تمثلت أبرز نجاحات المركز خلال مسيرته باحتواء الأعداد المتزايدة المدرجة في قوائم الانتظار من خلال بناء مركز متكامل المرافق بطاقة استيعابية أكبر. وقد تم افتتاح المبنى الجديد للمركز عام 2017 كمنشأة نموذجية متكاملة المرافق بمساحة بناء تصل إلى 270,000 قدم مربع في منطقة القرهود بدبي؛ ليزيد بذلك طاقته الاستيعابية للطلبة بنسبة 150% كأحد أكبر مراكز التوحد في المنطقة، يستدرك مدير عام مركز دبي للتوحد: "هنا لا ننسى أن نتوجه للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، بالشكر والامتنان على مبادرته بمكرمته المتمثلة بمنح المركز قطعة أرض في منطقة القرهود بمساحة 90,704 قدم مربع تقدر قيمتها بمبلغ 73 مليون درهم وكذلك بتقديم منحة قدرها 27 مليون درهم كدفعة أولية للبدء بأعمال إنشاء المبنى الجديد، وقد حصل المركز عبر حملة "نتوحد من أجلهم" التي بادرت بإطلاقها صحيفة "الإمارات اليوم" على دعم من جهات مؤسسية ومجتمعية مختلفة يقدر بمبلغ 28 مليون درهم، فخالص شكرنا وتقديرنا لهذه الصحيفة الرائدة على هذه المبادرة، ولكل منْ شارك وساهم في هذه الحملة لتحقيق نقلة نوعية في حياة العديد من الأفراد المستفيدين من خدمات المركز. فبفضل الله، وبفضل هذه الجهود الطيبة، تم افتتاح المبنى رسمياً من قبل الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع. واليوم يتم استقبال الأطفال في مرافق تم تهيئتها وتجهيزها بشكل متكامل؛ لتتناسب مع احتياجاتهم. يحتوي على 40 غرفة صفية وعلى 22 غرفة للعلاج الحركي و18 غرفة لعلاج النطق والتخاطب وثلاث غرف متخصصة بالعلاج الحسي، وعدد من المعامل والمختبرات والمرافق والعيادات الطبية تم تصميمها جميعاً وفق أحدث المعايير العالمية المتخصصة لتوفير البيئة التعليمية المناسبة للأطفال ذوي التوحد.
"مركز دبي للتوحد" يُطلق حملته السابعة عشرة تزامناً مع اليوم العالمي للتوعية بالتوحد

خدمات العلاج السلوكي

يتعاون مركز دبي للتوحد مع مراكز دولية متخصصة في التوحد؛ لتبادل الخبرات وتطوير البرامج. هذه الشراكات تُساهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة. ومن أبرز تلك الشراكات التعاون المشترك مع مجلس اعتماد تحليل السلوك التطبيقي المؤهل «QABA»، وهو بورد معترف به عالمياً، هدفه تأسيس أفضل معايير الرعاية والتمكين للأخصائيين الذين يقدمون خدمات العلاج السلوكي لذوي اضطراب طيف التوحد والاضطرابات النمائية الأخرى.
في اليوم العالمي للتوحد الأسباب والعلاجات الجديدة