هل فكرتِ يوماً في زيارة قرطبة خلال شهر رمضان؟ ماذا يمكن أن تعنيه تجربة زيارة هذه المدينة التاريخية في أثناء الشهر الفضيل؟ قرطبة، المدينة التي تشهد مزيجاً من الثقافات، تقدم فرصة لاكتشاف معالمها التاريخية والطبيعية خلال الشهر المبارك. فعند التجوال في كاتدرائية قرطبة، التي كانت في الأصل جامعاً رائعاً بناه الأمير عبد الرحمن الأول في عام 785، سيشعر الزائرون بأجواء من الهدوء، حيث ينعكس هذا المزيج في الأعمدة الأنيقة والأقواس المزدوجة. مع إضافة الزخارف الباروكية، تصبح الكاتدرائية نموذجاً للفن المعماري الذي مر عبر العصور.
أما إذا كنتِ من محبات التاريخ والآثار؛ فلا تفوِّتي زيارة مدينة الزهراء، التي تضم بقايا قصر مدينة الزهراء الملكي ومسجدها التاريخي. إضافة إلى ذلك، يمكن التمتع بالأجواء الرمضانية في ساحة بلازا دي لا كوريديرا، التي تتزين بمقاهيها وأجوائها الممتعة. وبعد يوم طويل من استكشاف المعالم، يمكن بحلول وقت الإفطار الاستمتاع بالمأكولات القرطبية الشهية، مثل السالموريجو والغازباتشو، مع الاسترخاء في الحمامات العربية التقليدية في المساء.
قُرْطُبَة مدينة وعاصمة مقاطعة قرطبة التابعة لمنطقة أندلوسيا في جنوب إسبانيا وتقع على ضفة نهر الوادي الكبير. تحد المدينة من الشمال سلسلة جبال سييرا مورينا الإسبانية، التي تقسم هذا الجزء من الأندلس إلى نصفين.
كاتدرائية قرطبة وجامعها
يُعَدُّ هذا المبنى، الذي يقع في المركز التاريخي للمدينة والتابع لموقع التراث العالمي، أحد أجمل المعالم الإسلامية في إسبانيا. بُني المسجد في عام 785 على يد الأمير عبد الرحمن الأول، في موقع كنيسة سان فيسينتي القوطية القديمة. خضع المسجد لتوسعات متتالية على مدى قرون لاحقة؛ فأمر عبد الرحمن الثالث ببناء مئذنة جديدة، في حين قام الحكم الثاني في عام 961 بتوسيع مخطط الأرض وزين المحراب. وأجرى المنصور آخر تجديد في عام 987؛ ونتيجة لذلك، يشبه الجزء الداخلي متاهة من الأعمدة الجميلة ذات الأروقة المزدوجة والأقواس على شكل حدوة حصان.
مدينة الزهراء
بُنيت هذه المدينة على مصاطب مائلة استغلت منحدر الجبل وكانت كل مصاطب منفصلة عن الأخرى بجدران قسمت المدينة إلى ثلاثة أجزاء. يقع قصر الكازار الملكي في المستويات العليا والمتوسطة، في حين كان الجزء السفلي يقف خارج الجدران وكان يُستخدم للسكن والمسجد. لا تزال هناك بقايا من الحدود المبلطة واللوحات والأعمدة على الطراز المركب والكورنثي. لا ينبغي للزائرين أن يفوتوا زيارة الغرفتين اللتين تم ترميمهما مؤخراً وتم إعلانهما نصباً تذكارياً وطنياً في عام 1923. ولختام الزيارة، يضم الموقع الأثري أيضاً مركزاً يعمل بوصفه نقطة انطلاق للجولة. يقع المركز تحت الأرض ويضم مجموعة من المعروضات من أهم الفترات في تاريخ مدينة الزهراء. تستغرق جولة مركز الزائرين نحو ساعة واحدة وتتضمن عروضاً سمعية وبصرية، وتستمر بزيارة الموقع الأثري، الذي يمكن الوصول إليه بالحافلة من المبنى نفسه.
الاستمتاع بالأجواء الرمضانية
بعد الإفطار، يمكنكِ التجوال في شوارع قرطبة القديمة والاستمتاع بالأجواء الرمضانية في ساحة بلازا دي لا كوريديرا، التي تتخذ شكلاً مستطيلاً وتتبع نموذج الساحة الرئيسية على الطراز القشتالي، وهي الوحيدة من نوعها في مدن الأندلس. تصطف على جانبي الساحة المفتوحة وسط شوارع وممرات قرطبة المتعرجة، المقاهي التي تتراص مقاعدها في الخارج ويمكن استكشافها بعد تناول وجبة الإفطار.
الحمامات العربية
يمكن خلال فترة النهارة، زيارة الحمامات العربية التي لا تزال بقاياها موجودة في شارع فيلاسكيز بوسكو. قد بُنيت هذه الحمامات في العصر المدجن، ويعود تاريخها إلى القرن العاشر. تُعَدُّ هذه الحمامات صغيرة الحجم إلى حدٍّ ما، ولكنها تشكل نموذجاً مثالياً لهذا النوع من المباني الإسبانية.
الأنشطة الرمضانية
يمكن القيام بالعديد من الأنشطة المختلفة خلال نهار أو مساء شهر رمضان المُبارك في جميع أنحاء قُرطبة ومن بينها الآتي:
- الرقص الأندلسي التقليدي: حاولي حضور عروض الرقص الأندلسي في المهرجانات المحلية لتعميق فهمك للثقافة المحلية.
- المهرجانات الموسيقية: خلال شهر رمضان، قد تُقام حفلات موسيقية في الهواء الطلق بعد الإفطار؛ ما يضيف جواً احتفالياً للأمسيات.
- ركوب الدراجات: لا تفوتي فرصة استئجار دراجة والتجوال في مسارات المدينة المختلفة؛ ما يمنحك تجربة ممتعة ومفيدة.
- جولة بحرية: استمتعي بجولة بحرية على ضفاف نهر الوادي الكبير لمشاهدة المناظر الخلابة للمدينة من زاوية مختلفة.
- حدائق قصر ألفيزار: توفر هذه الحدائق الجميلة أجواء هادئة ومكاناً مثالياً للتنزه بعد الإفطار.
- البيت الأندلسي: منزل تاريخي يعود للقرن الثاني عشر، يعرض أثاثاً تقليدياً وفسيفساء رومانية؛ ما يوفر تجربة ثقافية غنية.
- سوق ميركادو فيكو: استمتعي بتجربة التسوق في هذا السوق التقليدي الذي يقدم مجموعة متنوعة من المنتجات المحلية والحرف اليدوية.
تجربة المأكولات المحلية
تتكون قائمة المطبخ القرطبي التي يمكن تناولها على وجبة الإفطار والتي تعكس جذورها المغربية وتأثيراتها الإسبانية المعاصرة من أطباق مثل:
- سالموريجو : حساء طماطم بارد أندلسي.
- الخضروات المشوية: بما في ذلك الباذنجان المنقوع في العسل.
- المازامورا: حساء اللوز البارد، يقدم مع مكعبات من معجون السفرجل.
- تورتيلا البطاطس: عجة بسمك ست بوصات تشبه تقريباً قرص الجبن.
- حساء غازباتشو السميك الغني بالطماطم مع رذاذ العسل.
