ماريانا وهبي: التصميم جزءٌ من التراث اللبناني العريق

ماريانا وهبي (تصوير: Sebastian Böttcher)
ماريانا وهبي (تصوير: Sebastian Böttcher)
إعداد:
نسرين حمود
ماغي شمّا 

 

تصوير:  فاتشيه أباكليان 
 

عرفت بيروت خلال أيامٍ عدة من شهرِ مايو تظاهرةً تصميميَّةً بعنوان We Design Beirut، تفرَّعت إلى معارضَ، وندواتٍ، وأحداثٍ مختلفةٍ، أضاءت على مشهدِ التصميمِ في لبنان، واقعه وماضيه، مع محاولةِ استشرافِ المستقبل، وتوحيدِ الجهودِ لجعل ساحةِ التصميم ذات التفرُّعات الكثيرة مزدهرةً. في هذا الإطار، كان لـ «سيدتي» لقاءٌ مع عاشقةِ بيروت، ومؤسِّسة We Design Beirut، ماريانا وهبي، للغوصِ أكثر في «التظاهرةِ التصميميَّة».
رفعت أماكنُ عدةٌ في العاصمةِ اللبنانيَّة، ابتداءً من المطار، لافتاتٍ دالَّةً على الحدثِ التصميمي، الذي أُجِّل مراراً نتيجةَ الأوضاعِ غير المستقرَّةِ في البلاد قبل أن يبصرَ النور، ويفرغَ عن جيوبِ المصمِّمين، والحِرفيين، والمعماريين، والفنَّانين.

لمتابعة المقال في المجلة، يمكن الضغط على الرابط.

التظاهرةِ التصميميَّة

الواجهة الخارجية لفيلا عودة التي استضافت أحد المعارض


كانت المدينةُ متألِّقةً خلال أيامِ الحدثِ الأربعة، فنهاراتُها كثيرةُ النشاطات، وليلُها طويلٌ، وبعض الشوارعِ مسارحُ لـ «فرجةٍ» عبارةٌ عن روائعَ تصميميَّةٍ، وحِرفيَّةٍ، وقاعاتٍ لمحادثاتٍ مُعمَّقةٍ. في هذا الإطار، كان لـ «سيدتي» لقاءٌ مع عاشقةِ بيروت، ومؤسِّسة We Design Beirut، ماريانا وهبي، للغوصِ أكثر في «التظاهرةِ التصميميَّة». وهبي متخصِّصةٌ في العلاقاتِ العامَّة، والفعالياتِ الإبداعيَّة. وُلِدَت في أبو ظبي، العاصمةِ الإماراتيَّة، ونشأت في الولاياتِ المتَّحدة الأمريكيَّة، ثم عادت إلى لبنان، وطنها، وأسَّست شركتها، التي تحملُ اسمها، عام 2013.

 

ما فكرتكما، أنتِ وشريككِ المصمِّم سامر الأمين من We Design Beirut؟


أسَّستُ شركةَ We Design Beirut في سبتمبر 2022، علماً أن الإعدادَ والتحضيرَ لها، استغرقَا مني نحو عامين. الفكرةُ الأوَّليَّة، جاءت من إيمانٍ، وشغفٍ بمشهدِ التصميمِ الإبداعي في لبنان. بالطبع، كانت للظروفِ التي مرَّ بها البلدُ منذ عام 2019 تأثيراتٌ سلبيَّةٌ للغاية على المشهدِ الإبداعي، فمجالُ عملي، يركِّزُ على التصميمِ بشكلٍ أساسٍ، وفي كلِّ يومٍ أتعرَّفُ على مواهبَ رائعةٍ من لبنان، لذا شعرتُ بأن من واجبي تسليطَ الضوءِ على هذا الكمِّ المذهلِ من الإبداع، وإبرازه للعالم. كان الأملُ في إثراءِ بيئةِ التصميم التي من شأنها أن تساعدَ في إعادةِ الأعمالِ إلى لبنان، والحفاظِ على الحِرفِ التراثيَّة التي نفخرُ بها. عندما اتَّخذتُ قراراً بتأسيسِ We Design Beirut، اتَّصلتُ بصديقي المصمِّم الصناعي سامر الأمين الذي عمِلَ في مدينةِ ميلانو نحو عشرةِ أعوامٍ. معرفةُ الأمين بأحوالِ التصميم على صعيدِ العالم، كما مستوى إبداعه المذهلِ، واهتمامه، وتفانيه لمجتمعِ التصميمِ المحلي، جعلَ شراكتنا تحدثُ بشكلٍ طبيعي.

 

هل من معاييرَ محدَّدةٍ، اختير بحسبها المصمِّمون والحِرفيون المشاركون؟


كان من المهمِّ، أن يكون برنامج We Design Beirut شاملاً، ومحيطاً بالتصميمِ الإبداعي في لبنان، وأن يضمَّ حِرفيين وحِرفياتٍ من صانعي الروطان، والمشتغلين بالنحاسِ إلى نافخي الزجاج، ونحَّاتي الخشب، إضافةً إلى مصمِّمي المنتجاتِ المقيمين في لبنان والشتات دون الإغفالِ عن طلابِ التصميم الذين يمثِّلون مستقبلَ بلدنا. المعيارُ الوحيد، كان الجودةَ ومستوى العمل، فقد أردنا أن نعرضَ مجتمعَ التصميمِ اللبناني للعالم، والأعمالَ التي تتَّفقُ مع مستوى المعاييرِ الدوليَّة. يمكن أن أخبرَ القرَّاءَ بكلِّ فخرٍ، أن كلَّ مشاركٍ، عرضَ عملاً جميلاً وفق المعاييرِ الأفضل في فئته.

 

تجهيز فني بعنوان «السبع حجارة» لسامر الأمين ورانيا ملي

 

رفعت التظاهرةُ التصميميَّة عناوينَ ثلاثةً، هي التمكينُ، والصونُ، والاستدامة، حدِّثينا عن كلٍّ منها؟


حين أسَّستُ شركةَ We Design Beirut، كان الهدفُ تمكينَ الحِرفيين، وصنَّاعَ الحِرفِ اليدويَّة، وضمانَ استدامةِ تراثنا التصميمي للأجيالِ القادمة. في هذا الإطار، اختارَ فريقُ العملِ PSlab «مصنعٌ مهجورٌ ومتضرِّرٌ في الجميزة جرَّاء انفجارِ مرفأ بيروت»، موقعاً للتمكين والمعرضِ الرئيس، وهو «الصناعاتُ اليدويَّة»، إذ أردنا عرضَ هذه المهاراتِ على جيلِ الشباب الذي قد يهتمُّ بها، وتوسيعَ شبكةِ الحِرفيين حتى يتمكَّنوا من النموِّ والازدهار. ثانياً، أردنا الحفاظَ على تراثنا التصميمي، والتأكُّدَ من انعكاسه في أعمالِ مصمِّمي المنتجات، اليوم. عليه، عرضتُ أعمالَ 33 مصمِّماً في فيلا عودة تحت سقفِ معرضٍ، حملَ عنوان «أصداء الماضي»، برعايةِ BABYLON THE AGENCY، وهي وكالةٌ، أسَّسها جوي مارديني وويليام وهبي. قدَّمَ المعرضُ رحلةً عبر تصميمِ المنتجاتِ في الشرق الأوسط، أمَّا لناحية الاهتمامِ بالاستدامة، فاخترنا مصنعَ أبرويان، الكائن في برج حمود، حيث نظَّمنا معرضَين، الأوَّلُ خاصٌّ بطلابِ الجامعات، وشمل أعمالَ أكثر من 80 طالباً من خمسِ جامعاتٍ لبنانيَّةٍ، مع اختيارِ الأعمالِ المعروضةِ من لجنةٍ دوليَّةٍ من خبراءِ التصميم. المعرضُ الثاني خاصٌّ بالمواد، حيث أعمالُ ثمانيةِ مبتكرين في مجالِ الاستدامة من البلاستيكِ المُعادِ تدويره، والأليافِ المستخرجةِ من أوراقِ الموز المُعادِ استخدامها، ومشروعات الزجاج.

 

مقعد من تصميم جورج محاسب (استديو ماندا) ومبادرة "منجرة"

 

هل سينظَّمُ الحدثُ بعد ذلك بصورةٍ سنويَّةٍ؟


أحتاجُ، وشريكي سامر الأمين، إلى التفكيرِ في طريقٍ للمضي قُدماً. لقد كانت ردودُ الفعلِ هائلةً على النسخةِ الأولى، ونحن نعلمُ أنه لخلقِ تأثيرٍ حقيقي، يجبُ أن يحدثَ ذلك باستمرارٍ في المستقبل.

كيف يمكن للتصميم، هذا المجالُ متعدِّدُ التخصُّصات، أن يعكسَ ماضي بيروت وحاضرها ومستقبلها؟


التصميمُ جزءٌ لا يتجزَّأ من التراثِ اللبناني، وعلى مدى 100 عامٍ ماضيةٍ، مرَّ عديدٌ من المصمِّمين العالميين المهمِّين عبر لبنان، ما أسهم في تشكيلِ مجتمعِ التصميم وإثرائه. نحن معروفون في أنحاءِ العالم بإبداعنا في التصميم، ومن واجبنا ألَّا نُظهِرَ تاريخنا، ومواهبنا للعالم فحسب، بل وأن نعملَ أيضاً على إنشاءِ مساراتٍ جديدةٍ للحفاظِ على مجتمعِ التصميم هذا، والسماحِ له بالتطوُّر. أعتقدُ أن إحدى الطرقِ لتحقيقِ ذلك بإشراكِ المصمِّمين، والحِرفيين، والطلاب، والمجتمعِ الإبداعي الدولي في محادثاتٍ «صحيَّةٍ»، تؤدي إلى المشاركة، وتبادلِ الأفكار، لذا عقدنا ستَّ حلقاتِ نقاشٍ خلال الحدث، الذي استمرَّ أربعةَ أيامٍ، آملين أن تكون المناقشاتُ التي جرت ملهمةً لجميع المشاركين.