في ذاكرة محبي الأفلام والسينما في العالم العربي، لا يزال فيلم "البوسطة" يحتفظ بمكانة كبيرة، رغم مرور ما يقارب العشرين سنة على إصداره، وهو الفيلم الذي غيّر في معادلة العمل السينمائي في لبنان، كما استعاد اهتمام الناس وإقبالهم على صالات السينما، ليس فقط في لبنان، وإنما في أكثر من 20 دولة، مشكّلاً نافذة إلى الفرح، وفرصة للخروج من تبعات الأزمات السياسية والاجتماعية المتلاحقة في ذلك الوقت، وممثلاً لبنان في جوائز الأوسكار والمهرجانات العالمية.
ومن يعرف فيلم "البوسطة"؛ لا بد أن يعرف مخرجه فيليب عرقتنجي، الذي يضع في أفلامه دوماً جزءاً من روحه العاشقة للوطن، كما يضع فيها ثقافته التي اكتسبها من سفره وتنقلاته في دول عديدة في العالم، وخبراته التي تجسدت في أكثر من 40 فيلماً؛ ما بين أفلام سينمائية ووثائقية وتقارير وغير ذلك.
"سيدتي" التقت المخرج اللبناني فيليب عرقتنجي خلال تواجده في الرياض لحضور حفل للموسيقي العالمي إيريك تروفاز، وكان لنا معه هذا الحوار.
مسيرتي مستمرة
لقاء خاص لـ "سيدتي" مع المخرج فيليب عرقتنجي قبل بداية الحفل الموسيقي لعازف الجاز إيريك تروفاز
— مجلة سيدتي (@sayidatynet) January 19, 2024
في مركز #فناء_الأول ضمن فعاليات "ليالي سفر" بالرياض@FenaaAlawwal pic.twitter.com/EnNSFOaFhg
بدأنا الحوار بسؤال عن المسيرة الفنية للمخرج فيليب عرقتنجي، حيث قال: "مسيرتي السينمائية أفضّل ألا أختصرها؛ لأنها لا تزال مستمرة، ولكن أقول إنني قدمت أربعة أفلام سينمائية، من بينها فيلم "البوسطة" الذي عرفت به، وأيضاً فيلم "تحت القصف" مع جورج خباز وندى أبو فرحات، وفيلم "الميراث"، وفيلم "اسمعي"، كما قدمت أفلاماً وثائقية مع المحطات التلفزيونية العربية والفرنسية وقناة ديسكفري، واليوم هنا مع المملكة العربية السعودية في إطار المتاحف وجوانب أخرى ثقافية.
استكشاف السعودية الجديدة
وعن سبب تواجده اليوم في المملكة العربية السعودية، وانطباعاته حول ما يراه فيها من تغيير، قال عرقتنجي: "أنا اليوم أقوم باستكشاف السعودية الجديدة والتعرف عليها، ويذهلني ما أراه من تغيير سريع يوماً بعد يوم، فاليوم نحضر حفلاً موسيقياً لفنان لم نكن نتصور أن نحضر حفلاً له في المملكة العربية السعودية، وأحضر للكثير من العمل الجميل مع وزارة الثقافة بما يخص المتاحف؛ إذ نشهد اليوم افتتاح أكثر من 30 متحفاً جديداً في السعودية، وهذا أمر رائع وسأواكبه بأعمالي بطريقة جميلة".
استعادة الفرح
واستعدنا مع المخرج اللبناني الأصداء التي حققها فيلم "البوسطة"، كونه من الأفلام التي تركت أثراً كبيراً في العمل السينمائي اللبناني والعربي، فأكد لنا: "فيلم البوسطة غيّر نموذج الأفلام في لبنان، وبالأخص بعد الحرب، إذ كانت معظم الأفلام تتحدث عن مرحلة الحرب، فأتى فيلم البوسطة ليغير هذا النمط، وكانت الأفلام تستقطب إلى صالات السينما 2000 أو 3000 مشاهد، أما فيلم البوسطة فاستقطب 140,000 مشاهد، ليس فقط لأنه فيلم جميل، بل لأنه ذكّر الناس بأن هناك سينما لبنانية تحب أن تُسهم في أن يستعيد رغبته بالحياة والفرح والرقص، كانت هناك شخصية في الفيلم تقول في مشهد منه: "عم أرقص على جرحي"، والرسالة كانت أننا نريد تجاوز هذه الجراح؛ جراح الحرب، والرقص، واستعادة الفرح والحياة. ومن بعد فيلم البوسطة باتت الناس تذهب أكثر إلى صالات السينما؛ لمشاهدة الأفلام اللبنانية، وباتت تشجع السينما اللبنانية".
ازدهار السينما السعودية
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت الأفلام اللبنانية والعربية تحقق اليوم أصداء مشابهة، قال فيليب عرقتنجي: "بالنسبة للأفلام اللبنانية فهي تشهد فترة ركود اليوم؛ بسبب الأوضاع الصعبة، ولكن بعد البوسطة شهدنا نمطاً جديداً للأفلام، وبتنا نصنع من 10 إلى 15 فيلماً في السنة، وهذا أمر جيد بالنسبة للجمهور، والسينما العربية ازدهرت وازداد عدد الأفلام، وبالأخص من خلال المهرجانات السينمائية؛ مثل مهرجان دبي، والآن مهرجان البحر الأحمر السينمائي، وبات هناك نمط جديد للأفلام، وسيكون هناك أيضاً الكثير من الأفلام السعودية، ونتمنى أن نستطيع المساعدة في هذا الإطار."
وتحدث عرقتنجي عن تبادل الخبرات والأفكار مع الجيل الجديد؛ من خلال التعليم والتدريب، قائلاً: "أنا أقوم بتعليم الشباب في نفس المجال، والعام الماضي أتيت إلى المملكة لتقديم ورش عمل حول الأفلام الوثائقية، وأنا مؤمن بأنني من خلال هذا العمل أتعلم المزيد أنا أيضاً، وما أفرغه من معلومات يمنحني مساحة جديدة لاكتساب وتعلم أشياء جديدة، وأحياناً طلابي الشباب يقومون بطرح أسئلة جديدة لم تكن في ذهني، فيدفعونني للنظر للأمور من منظار مختلف وبطريقة مختلفة. وهذه الأفق، أفق التعليم، مريحة ومفيدة جداً، وأرى نفسي أتعمق فيها أكثر وأكثر".
أحب الجاز
وكوننا في حفل لأحد أشهر عازفي الجاز في العالم، كان لا بد أن نسأل المخرج عن اهتمامه بهذا النوع من الموسيقى، وإذا ما كان يرى أنها تحظى بشعبية لدى الأجيال الجديدة في العالم العربي، فأشار إلى أنه من محبي الجاز، متابعاً: "أنا من المتابعين لموسيقى إيريك تروفاز منذ زمن، لا أعرف كيف ستكون ردود الفعل مع هذه الموسيقى اليوم، لكني أرى أن الجاز موسيقى قريبة جداً من الموسيقى الشرقية؛ من حيث إنها مبنية على الارتجال، والموسيقى الشرقية فيها الكثير من الارتجال من خلال التقاسيم، وزياد الرحباني هو الذي خرج بهذا التشبيه، وقد قدم الكثير من موسيقى الجاز. عدد الحاضرين اليوم لهذا الحدث مفاجئ جداً لي، وأيضاً هذا القبول لهذه الموسيقى".
المرأة أساس التغيير
وفي رسالة خاصة من خلال "سيدتي"، قال فيليب عرقتنجي: "نحن لم نكن نعرف شيئاً عن الشعب السعودي، كنا منشغلين، كل منا ببلده ومجتمعه، واليوم مع هذا الانفتاح أنا سعيد بالتعرف على وجوه جديدة وشخصيات عديدة في مجال الفنون والسينما والثقافة بشكل عام، وأتمنى أن ينشأ بيننا تعاون مثمر"، وأضاف: "كل تغيير يحدث، يحدث من خلال المرأة، وإذا ما أردتم أن تقيسوا مستوى التطور في بلد ما؛ عليكم بالنظر إلى وضع المرأة فيه، وأنا أرى أن المرأة العربية تتقدم بشكل سريع، أسرع من الرجل بأشواط، وبتنا كرجال نخاف على أنفسنا من ذلك (ضاحكاً)، وأتمنى أن يستمر هذا الأمر ويتطور أكثر وأكثر، ليس فقط في المملكة العربية السعودية، وإنما في كل العالم العربي".
عن حفل إيريك تروفاز
أتى حفل الفنان العالمي إيريك تروفاز كثاني أمسيات "ليالي سفر"، التي يستضيف فيها مركز "فناء الأول" مجموعة من الفنانين العالميين، وقد أحيت الأمسية الأولى قبل سبعة أسابيع الفنانة الجزائرية سعاد ماسي.
حضر الحفل نخبة من الشخصيات الثقافية من سكان وزوار الرياض، وقدم خلاله الفنان السويسري-الفرنسي مجموعة من المعزوفات والألحان الساحرة بواسطة البوق الذي يشتهر بعزفه عليه، فيما رافقه ثلاثة عازفين على آلات موسيقية مختلفة.
وكان لنا مع الموسيقي العالمي إيريك تروفاز حوار خاص عن الأمسية، تعرفوا على ما قاله فيه من خلال هذا المقال: الرياض تستضيف الفنان العالمي إيريك تروفاز بأمسية موسيقية ساحرة
لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا "إنستجرام سيدتي"
وللاطلاع على فيديو جراف المشاهير زوروا "تيك توك سيدتي"
ويمكنكم متابعة آخر أخبار النجوم عبر "تويتر" "سيدتي فن"