لم تعد السينما السعوديَّة حِكراً على الرجال، بل تحوَّلت إلى منصَّةٍ حرَّةٍ، تعكسُ طموحاتِ وتطلُّعاتِ المرأةِ السعوديَّة، التي تمكَّنت بعد عقودٍ من التحدِّيات من كسرِ الحواجز، وإثباتِ ذاتها، وأصبحت تلعبُ دوراً محورياً في صناعةِ الأفلامِ ببلادها، وهذا ما ينعكسُ في الأدوارِ المتنوِّعة التي تؤديها أمامَ الكاميرا، وازديادِ المهامِّ النسائيَّة وراءَها، بالتالي يؤكِّدُ أن السينما السعوديَّة، باتت تنقلُ صورةً أكثر واقعيَّةً للمرأةِ في البلاد، والمجتمعِ المحلي ككلٍّ.
معتز الشافعي Moetaz Elshafey
زكية البلوشي Zakiah AlBaloshe
شهدت الأعوامُ الأخيرةُ ازدياداً ملحوظاً في عددِ المخرجاتِ والممثِّلاتِ بالسينما السعوديَّة في مؤشِّرٍ إيجابي على تطوُّرِ الدورِ النسائي بالفن، خاصَّةً في ظلِّ الفرصِ الاستثنائيَّة التي يجدها صنَّاع السينما في البلاد. مع ذلك، ما زالت السينما السعوديَّة في حاجةٍ إلى زيادةٍ فعليَّةٍ في عددِ كاتباتِ السيناريو، والعاملاتِ خلفَ الكاميرا من مديراتِ تصويرٍ، ومبدعاتٍ في تصميمِ الديكورِ والأزياء، وغيرها من المجالات، وهذا لن يأتي إلا بالتدريبِ، والورشِ التعليميَّة المستمرَّة، إلى جانبِ إنشاءِ أكاديميَّةٍ متخصِّصةٍ بالفنون، ومعهدِ سينما في السعوديَّة من أجل تدريبِ، وإعدادِ الكوادرِ من المبدعين في المجالِ السينمائي من الجنسَين.
يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط
حضور عالمي
برزت على الساحةِ السينمائيَّة العربيَّة والدوليَّة أسماءُ مبدعاتٍ سعودياتٍ، نجحن في تحقيقِ حضورٍ كبيرٍ في المجالِ السينمائي حتى قبل مرحلةِ الدعمِ الرسمي للسينما في البلاد.
هيفاء المنصور
أوَّلُ مخرجةٍ سعوديَّةٍ تترشَّح لجائزةِ الأوسكار، وقد نالَ فيلمها «وجدة» أكثر من 20 جائزةً سينمائيَّةً، منها ثلاثُ جوائزَ من مهرجانِ فينيسيا السينمائي الدولي عامَ 2012، كما ترشَّح لجائزةِ الأكاديميَّة البريطانيَّة «بافتا» لأفضل فيلمٍ ناطقٍ بغير الإنجليزيَّة. أيضاً شارك فيلمها «المرشَّحة المثاليَّة» في مهرجانِ فينيسيا عامَ 2019، وترشَّح لـ «جائزة الأسد الذهبي» لأفضل فيلمٍ روائي طويلٍ.
هند الفهاد
قدَّمت أفلاماً عدة، عُرِضَت في مهرجاناتٍ دوليَّةٍ، منها «بسطة»، الذي حصل على جائزةِ المهر الخليجي لأفضل فيلمٍ خليجي في مهرجانِ دبي السينمائي عامَ 2015، وجائزةِ الفيلمِ الروائي القصيرِ في مهرجانِ أفلامِ الشباب بجدة. كذلك تبرزُ من أعمالها فيلمُ «ثلاث عرائس وطائرة ورقية»، الذي عُرِضَ عامَ 2012 في مهرجانِ أبو ظبي السينمائي للمرَّة الأولى، والتراث للأفلام، إضافةً إلى فيلمِ «مقعد خلفي»، الذي جاء عرضُه الأوَّلُ عامَ 2013 في مهرجانِ الخليج السينمائي.
عهد كامل
تمتلك عهد كامل سيرةً مميَّزةً في التمثيلِ والإخراج، وحمل أوَّلُ عملٍ سينمائي لها عنوان «القندرجي»، وقامت بإخراجه، وتمثيلِ دورِ البطولةِ فيه أمامَ الفنَّان عمرو واكد. في حين ترشَّح فيلمها «حرمة» لجائزةِ أحسن فيلمٍ قصيرٍ في مهرجانِ برلين السينمائي الدولي، وأيضاً أخرجته، ومثَّلت فيه. بدايتها مخرجةً، كانت في نيويورك حيث عرضت فيلمَها القصير «ثلاث ملكات» عامَ 2006، واكتسبت خبرةً كبيرةً خلال عملها في استديوهات هوليوود، لاسيما في 2007 عندما كانت في فريقِ فيلمِ «المملكة» The Kingdom مساعدةً للمخرج بيتر بيرج.
سميرة عزيز
تعدُّ سميرة عزيز أوَّلَ مخرجةٍ سعوديَّةٍ تدخل السينما الهنديَّة بتقديمها عملاً من تأليفها وإخراجها، وهو «ريم»، كما أنها أوَّلُ مالكةٍ لبيتِ إنتاجٍ سعودي في بوليوود، وأوَّلُ سعوديَّةٍ تحصل على جائزةِ النساءِ الناجحات بفئةِ «رمزٍ ثقافي كبيرٍ من الشرق الأوسط» في دبي، وأيضاً أوَّلُ روائيَّةٍ سعوديَّةٍ تكتب بلغةِ الأوردو.
وإضافةً إلى الإخراج، تعملُ سميرة عزيز منتجةً، وكاتبةً، ومقدِّمةَ برامجَ إذاعيَّةٍ، وشاعرةً، وروائيَّةً، ومحلِّلةً، ومتحدِّثةً، كما أنها ناشطةٌ في العملِ الإنساني والاجتماعي، وسيدةُ أعمالٍ.
ريم البيَّات
أبدعت ريم البيَّات خلال مسيرتها الفنيَّة أعمالاً عدة، منها فيلمُها الروائي القصيرُ «أيقظني»، الذي حصد جائزةَ أفضلِ إخراجٍ بمهرجانِ مدريد السينمائي الدولي، وجائزةً من مهرجانِ ميلانو السينمائي.
فترح تابعي معنا تفاصيل لقاء سابق مع المخرجة السعودية فاطمة البنوي
المرأة في الأفلام الحديثة
تطوَّرت الأدوارُ النسائيَّة في السينما السعوديَّة، لتواكبَ التقدُّم الذي يحدثُ في كافة وجوه هذه الصناعةِ بالبلاد، إذ باتت أدوارُ البطولةِ النسائيَّة أكثر وفرةً، وأعلى انفتاحاً على همومِ ومشكلاتِ المرأةِ السعوديَّة في محاولةٍ لحلِّها.
أفلامٌ عدة، يمكن تسميتها بـ «السينما السعوديَّة الجديدة»، منحت المرأةَ مساحاتٍ أكبر، وأدواراً أكثر تطوُّراً واتِّساعاً.
المرشَّحة المثالية 2019
قدَّمت المخرجةُ هيفاء المنصور فيلمَها الروائي الثالثَ بعنوان «المرشَّحة المثاليَّة» في 2019، وشارك العملُ في مهرجانِ فينيسيا السينمائي في العام ذاته. ونقل الفيلمُ صورةً واقعيَّةً عمَّا وصلَ إليه وضعُ المرأةِ السعوديَّة، وسلَّط الضوءَ على حياتها اليوميَّة في ظلِّ التحوُّلاتِ الثقافيَّة والاجتماعيَّة التي أتاحت لها الانخراطَ في كافةِ ميادين العمل، ودعتها إلى أن تسهمَ بدورها في تحقيقِ التنميةِ المنشودةِ في كلِّ المجالات، فشخصيَّة «الدكتورة مريم»، التي جسَّدتها الفنَّانةُ ميلا الزهراني، استطاعت في الفيلمِ أن تحقِّق نجاحاً لافتاً في مجالِ عملها، وتترشَّح لانتخاباتِ المجلسِ البلدي.
ناقة 2023
يُفرِد فيلمُ «ناقة» للمخرج مشعل الجاسر مساحةً كبيرةً للبطولةِ النسائيَّة عبر شخصيَّة «سارة»، التي قدَّمتها الفنَّانةُ الشابَّة أضواء بدر في أولى بطولاتها. والعملُ جريءٌ، ويناقش مشكلاتٍ وتحدِّياتٍ، تواجه عدداً كبيراً من المراهقاتِ في البلاد، وقد حظي بإشاداتٍ نقديَّةٍ وجماهيريَّةٍ واسعةٍ، خاصَّةً بعد عرضه في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي.
نورة 2023
دخل «نورة» التاريخَ من أوسعِ أبوابه، لكونه الفيلمَ السعودي الأوَّلَ الذي ينافس بإحدى المسابقاتِ الرسميَّة في مهرجانِ كان السينمائي الدولي. ولعبت الفنَّانةُ الشابَّة ماريا بحراوي دورَ البطولةِ بالعمل في أوَّلِ أدوارها التمثيليَّة، وفي خطوةٍ مميَّزةٍ لسينما المرأة بالسعوديَّة.
الفيلمُ من كتابةِ وإخراجِ توفيق الزايدي، وحصل على جائزةِ فيلمِ العلا من مهرجانِ البحرِ الأحمر السينمائي الدولي عامَ 2023، وعلى تنويهٍ خاصٍّ من لجنةِ تحكيمِ مسابقةِ «نظرة ما» في مهرجانِ كان السينمائي الدولي بنسخةِ 2024.
بسمة 2024
الفيلمُ من كتابةِ وبطولةِ وإنتاجِ وإخراجِ فاطمة البنوي في تجربةٍ استثنائيَّةٍ، حاولت من خلالها أن تقولَ: إن المرأةَ السعوديَّة لا حدودَ لإبداعها.
«بسمة» تمَّ عرضه عبر منصَّة «نتفليكس»، وتناول حياةَ فتاةٍ، تعود من الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة، مكان عملها واستقرارها، لمحاولةِ إنقاذِ والدها، الذي يعاني من مرضِ البارانويا «جنون الارتياب»، وتقديمِ يد المساعدةِ إليه.
ومن عالم الفن نقترح عليك لقاء مع مخرجة ومنتجة نبيلة أبوالجدايل
الدعم الرسمي
تدعم السعوديَّة صناعةَ السينما عبر مؤسَّساتٍ عدة، منها مشروعُ رؤية 2020، ووزارةُ الثقافة، والهيئةُ العامَّة لوسائلِ الإعلام المرئيَّة والسمعيَّة، ووزارةُ التعليم، وهيئةُ الأفلام، وتستفيدُ المرأةُ من برامجِ الدعم التي تقدِّمها هيئةُ الأفلام بشكلٍ عامٍّ، من ذلك برنامجُ صنَّاع الأفلام، ومسابقةُ ضوء لدعم الأفلام، إذ تُبرِزُ حضورَ العنصرِ النسائي في كافةِ الفعالياتِ التدريبيَّة، فضلاً عن برامجِ الدعم المالي لإنتاجِ الأفلامِ بمراحله المختلفة.
حضور لافت
حول ما تقدَّم، أكَّد الناقدُ الفني سهيل طاشكندي، أن حضورَ المرأةِ في السينما السعوديَّة، أصبح لافتاً ومميَّزاً، داعماً رأيه بالقول: «المرأةُ حضرت في عديدٍ من الأفلامِ السابقة، خاصَّةً مع الطفرةِ السينمائيَّة التي تشهدها السعوديَّة في الأعوامِ الأخيرة، وظهورِ أسماءٍ مميَّزةٍ من المخرجاتِ السعوديَّات اللاتي قدَّمن المرأةَ في كثيرٍ من أفلامهن بشكلٍ فنِّي رائعٍ».
وشدَّد طاشكندي على ضرورةِ دعمِ المرأةِ فنياً، لا سيما مع ما تشهده السينما السعوديَّة من دعمٍ رسمي وخاصٍّ حالياً، مطالباً بتفعيلِ حضورها في المجالِ مخرجةً، وممثِّلةً، ومنتجةً، وذكر: «لاحظنا في الفترةِ الأخيرةِ بروزَ أسماءٍ نسائيَّةٍ عدة، وعليه يجبُ تعزيزُ دعمِ المرأةِ فنياً حتى تشهد الفترةُ المقبلةُ حضوراً نسائياً أقوى في السينما السعوديَّة، خاصَّةً في ظلِّ التشجيعِ الذي تجده من مختلفِ الجهات، وهذا بالطبع سيصبُّ في صالحِ صناعةِ السينما السعوديَّة، وحضورها في المحافلِ السينمائيَّة المحليَّة والعربيَّة والعالميَّة، وسيعطيها زخماً كبيراً لتقديمِ المرأةِ ودورها في الحياةِ والمجتمعِ بشكلٍ لائقٍ وإيجابي».
يمكنك أيضًا الاطلاع على لقاء سابق مع الفنانة ميلا الزهراني