الأمومةُ رحلةُ حبٍّ غير مشروطٍ، يختلفُ أسلوبُ تقديمه، والتعبيرِ عنه بين جيلٍ وآخر، لكنْ يبقى الجوهرُ واحداً «الدفءُ، المسؤوليَّةُ، والشعورُ بالأمان»، وبين كلِّ أمٍّ وابنتها سرٌّ خاصٌّ، وغالباً ما تكون سبباً في بناءِ ثقتها بنفسها، وتعزيزِ قوَّتها لمواجهةِ تحدِّياتِ الحياة عليه، تظلُّ هذه العلاقةُ على مرِّ العصورِ واحدةً من أكثر العلاقاتِ تأثيراً في تشكيلِ شخصيَّةِ أي فتاةٍ. داليا البحيري، وابنتها قسمت، ينطبقُ عليهما ما تقدَّم تماماً، فالفنَّانةُ المصريَّة، ليست نجمةً فقط في عالمِ الفنِّ، بل وأمٌّ حنونٌ أيضاً، تعيشُ أمومتها بكلِّ تفاصيلها مع ابنتها، وتتعاملُ معها بوصفها صديقتها المقرَّبة. هذا ما أوضحته داليا وقسمت في لقاءٍ مليءٍ بالمشاعرِ، وزاخرٍ بالتجاربِ مع «سيدتي»، لمناسبة يوم الأم فتحتا فيه قلبهما، وهما تتحدَّثان عن رحلتهما الخاصَّة، وعلاقتهما التي تمتزجُ فيها الأمومةُ بالصداقةِ والحبِّ.

حوار | ميرنا عادل Mirna Adel
تصوير/ يحي أحمد Yehia Ahmed
هل تتذكَّرين أوَّلَ هديَّةٍ قدَّمتها لكِ ابنتكِ في يومِ الأمِّ؟
داليا البحيري : ابنتي احتفلت بي للمرَّةِ الأولى بمناسبةِ يومِ الأمِّ العامَ الماضي. أحضرت لي قسمت ورداً، وكتبت لي رسالةً، أبكتني كثيراً. في الأعوامِ السابقة، لم تحتفل بي في هذا اليوم، لأنها كانت صغيرةً، ولم يُذكِّرها أحدٌ بالمناسبة. أمَّا في المدرسةِ، حينما كانت طفلةً، فقدَّمت لي بطاقةَ تهنئةٍ، يقدِّمها الأطفالُ عادةً في يومِ الأمِّ، وما زلتُ أحتفظُ بها، وأقرؤها كلَّ عامٍ في هذا اليوم، لأن ذلك يلامسُ قلبي. كذلك كتبت لي عديداً من الرسائل، لكنَّها كانت مملوءةً دائماً بالاعتذارات.
بماذا تشبهكِ ابنتكِ؟

داليا: قسمت تشبهني في شخصيَّتي، فهي حينما تريدُ فعل شيءٍ، تفعله، لأن عندها إصراراً كبيراً مثلي، كما أن طريقتها في النقاشِ، تشبهني تماماً، وحتى أثناء الخلافِ، تتحدَّثُ بأسلوبي نفسه، لكنَّها في المقابل أكثر حناناً مني، وهذا كان يثيرُ استغرابي عندما كانت صغيرةً! فعادةً، تكون الأمُّ المُبادِرةَ لمصالحةِ أبنائها، لكنْ ما كان يحدثُ معنا عندما كنا نتشاجرُ، كان العكس، إذ تأتي إليَّ، وتقولُ: «كلُّ شيءٍ سيكون على ما يرام». قسمت فتاةٌ حنونةٌ، جميلةٌ، وعقلانيَّةٌ على الرغمِ من صغرِ سنِّها.
ما سرُّ صداقتكما القويَّةِ قبل علاقتكما بوصفكما أماً وابنتها؟
داليا: لطالما انتظرتُ اليوم الذي تصبحُ فيه ابنتي صديقتي المقرَّبة. نحن نخرجُ معاً، ونتناولُ الفطورَ سوياً. كنت أتمنَّى ذلك كثيراً، فأنا أحبُّ أن يكون لدينا وقتٌ مميَّزٌ معاً مثل السفرِ، والتسوُّق.
قسمت: والدتي، هي أوَّلُ مَن يعرف عني أي شيءٍ، سواء مشكلاتي، أو المواقفَ التي أمرُّ بها. هي الوحيدةُ التي عندما أتحدَّثُ معها عن مشكلاتي، أشعرُ وكأنَّها صديقتي، وليست فقط أمي.
في يوم الأم... يمكنك الاطلاع على هذا اللقاء مع لورا كازي تروي حكايتها مع القفطان: "فقدان أمي جعلني مصممة"
ما الأمورُ التي تختلفان دائماً حولها؟
داليا: طوالَ الوقتِ قسمت لا يُعجبها أسلوبي في اختيارِ الأزياءِ! وترى أنني لا أواكبُ الموضة! عندما أسألها عن رأيها، لا تكون صريحةً معي، وإن أجابت، تقولُ فقط: «ليس جميلاً». أو «ليس ذوقي»! لذا توقَّفتُ عن أخذ رأيها في ملابسي، وأخبرها دائماً بأن كلَّ مَن حولي يحبُّون ذوقي ومظهري، لكنَّها لا تقتنع! مرَّت فترةٌ، كانت ترى فيها أن كلَّ ملابسي ليست جيِّدةً، لكنَّها بعد ذلك بدأت تأخذُ مني قطعاً كثيرةً لترتديها!.
لدي أكثر من أسلوبٍ في الملابسِ بين الرسمي، والكاجوال، والملابسِ الواسعةِ، وهي تحبُّ هذا الجزءَ تحديداً، كما تُعجبها حقائبي كثيراً، لكنَّها ليست متاحةً لها. أخيراً، بدأتُ أوافقُ على إعطائها بعضَ القطعِ، لأنها أصبحت كبيرةً، لكنَّني في الحقيقة، أحبُّ الحفاظَ على ملابسي، وأهتمُّ بها جداً. ابنتي عكسي تماماً في هذه النقطة.
هل والدتكِ أمٌّ شبابيَّةٌ أم تقليديَّةٌ؟

قسمت: في الحقيقةِ، والدتي تتصرَّفُ أحياناً بروحٍ شبابيَّةٍ، وأحياناً أخرى تكون تقليديَّةً، لكنَّها في أغلب الأوقاتِ شبابيَّةٌ، إذ تسمحُ لي بفعل ما أريدُ طالما تشعرُ بالاطمئنان عليّ. هناك قواعدُ، وضعتها لي، وأتبعها بشكلٍ طبيعي، وأخرى أستغربُ منها أحياناً.
ما هذه القواعدُ التي تجعلكما تشعران باختلافِ الأجيال؟
قسمت: كنا نختلفُ كثيراً حول موضوعِ المبيتِ خارجَ المنزل فهذا الأمرُ، كان مرفوضاً تماماً بالنسبةِ لوالدتي.
داليا: قسمت تحبُّ أن تبيتَ عند صديقاتها، ومن جهتي، لا أمانعُ أن تقومَ بذلك، لكنْ بشرطِ أن تكون صديقةً مقرَّبةً منذ طفولتها، وأعرفها جيِّداً حتى أشعرَ بالاطمئنانِ عليها. لا أحبُّ البقاءَ في المنزل دونها، وأشعر بالراحةِ عندما تكون معي. عندما تسافرُ غالباً ما أكون معها، وفي مرَّةٍ، سافرت وحدها، لأنني كنت مضطرةً للبقاءِ في المنزل، فصرتُ أبكي كلَّما مررتُ أمامَ غرفتها. دمعتي ليست قريبةً في العادة، لكنْ مع ابنتي تكون قريبةً، حسبَ المواقف.
داليا، كيف تواكبين جيلَ ابنتكِ، وهل تُربِّينها بأسلوبِ والدتكِ، أم أن اختلافَ الأجيالِ، يجعلكِ تعتمدين طريقةً أخرى؟

داليا: بالتأكيد كلُّ جيلٍ يختلفُ عن الآخر، لكنْ هناك أساسيَّاتٌ، لا تتغيَّر مثل الأصولِ والعاداتِ والتقاليد، وهذا مع بعضِ المرونةِ في التعامل. جيلُ قسمت أكثر انفتاحاً على العالمِ بسببِ السوشال ميديا، لذا أحاولُ دائماً أن أكون قريبةً منها، وأن أسمعها، وأن أجعلها تشعرُ بالأمانِ لتشاركني كلَّ شيءٍ. بصراحةٍ، أشعرُ بالشفقةِ على هذا الجيلِ فحياتهم، تدورُ حول مواقعِ التواصل، وعمليَّاتِ التجميل، والصور! لذا من المهمِّ أن نتحدَّث معهم، وأن نعرفَ ما يدورُ في ذهنهم. ثم في النهاية، لا أحدَ، يستطيعُ أن يقولَ: إنه يُربي أبناءه بطريقةٍ مثاليةٍ. نحن نبذلُ ما في وسعنا، ونستعينُ بالله ليُوفِّقنا في تربيتهم، ودائماً ما أدعو: «يا رب، احفظها لي، وساعدني في تربيتها، فأنا وحدي لن أستطيعَ فعل شيءٍ بمفردي».
ما النصيحةُ التي تُقدِّمها لكِ والدتكِ دائماً؟
قسمت: دائماً ما تقولُ لي: كوني على طبيعتكِ كما أنتِ. أنتِ مميَّزةٌ مهما كان المحيطون بكِ مختلفين عنكِ.
يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط