رسالة إلى طفلة اسمها فاطمة

أكتب لك هذه الرسالة وأنا أضع يدي على الورق، لعل حبي يصلك قبل كلماتي، سأكتب لك لأنني أحبك، ولأنني أود أن تقرئي كل السطور، وسأترك لك سطورًا كثيرة؛ لترسمي عليها أحلامك، وتضعي بها الكثير من الأمنيات... أولاً أريد أن أخبرك أن هناك أشخاصًا كثيرين في العالم يؤمنون بك ويحبونك كثيرًا، حتى لو امتلأت عيناك بالدموع، وشعرت بأن أقرب الأشخاص لا يحبونك أو يجرحونك، ربما لا نستطيع تبرير أفعالهم الآن، ولكن عليك بمسامحتهم؛ لأن أحلامك أكبر من أن تتوقفي عند الدموع، أو خلف الباب لتحبسي أنفاسك الحزينة، عليك أن تحتفظي بدفتر مذكرات، وتكتبي فيه أحلامك وتلوّنيها، في أحيان كثيرة تمر الأيام وننسى ما هي أحلامنا البسيطة، بكتابتك لها ستتذكرين بين فترة وأخرى أن هناك الكثير من التفاصيل عليك أن تحتفلي بها؛ لأنها تكونك أنت وتميزك، ثانيًا العلامات في المدرسة ربما سيخبرك الجميع بأنها مهمة، ولكنني سأقول لك: الأهم أن تعيشي عمرك، أن تستمتعي بتعلم الأمور الجديدة، باللغات الجديدة، أن تحاولي أن تجدي ما تحبين وتستمتعين به، وأن تخصصي أغلب وقتك للقيام به، إن كنت تحبين الأعمال اليدوية فابدئي مشروعًا صغيرًا، وشاهدي الكثير من البرامج التي تعلمك كيف تصنعين أشياء جديدة، وإن كنت تحبين العلوم فقومي بتجاربك الخاصة في المطبخ، وفي حديقة المنزل، واطلبي من أهلك أخذك للمتاحف العلمية، لا تخافي من القيام بالخطوة الأولى في أي شيء، حتى لو شعرت بأنك ستموتين؛ لأن الخطوة الأولى هي التي تجعلنا أكثر جرأة في القيام بالخطوات التالية، دائمًا ادفعي نفسك، وإن خفت فامسكي بيدك الثانية واضغطي عليها، وتذكري أنك موجودة لنفسك ولن تتركيها.

ستمر الأيام بك وستكبرين وتصغر ملابسك، وستضيع بعض مشاعرك تجاه أشياء صغيرة كنت تحبين عملها، ولكن تذكّري أنك حين تشعرين بذلك فهذا يعني أنك ستحبين أشياء جديدة، ستكون لك حياة أخرى، وأن هذا العالم كبير جدًا، وكلما شعرت بضيق من كل شيء وأنه لا أمل، فابحثي عن خريطة العالم، واختاري البلدان التي تودين زيارتها في حياتك، وابدئي بالبحث عن المناطق الجميلة في تلك المدن، وعن التجارب التي ستقومين بها، وابدئي في تجميع المعلومات والصور عن الأمور الكبيرة التي تودين القيام بها، وقبل أن تنامي عيشي تلك الحياة التي تودينها بألوانها ورائحتها، واختاري الأشخاص الذين سيكونون معك، وتحدثي مع صديقاتك عن أحلامك وعن طموحاتك، وفي كل يوم ذكّري نفسك بأن الأحلام تصبح واقعًا إن وثقنا بها، أحيانًا نخاف أن العالم يتغيّر بسرعة وأن الوقت غير كافٍ، ولكنه كافٍ.. صدقيني، الوقت كافٍ أن نحقق فيه كل أحلامنا، أن نثق في أنفسنا، ونضع الخطط الصغيرة والكبيرة لإنجاز الأمور والاستمتاع بها... أتمنى لك حياة سعيدة، وأعدك بأنك ستكبرين وستتذكرين كل ما قلته لك، وستذكرين تلك المرة التي قلت لك فيها «كم أنت رائعة!»، وأنت كذلك.