كما أنَّ للزواج قواعد ومواثيق، فإن الطلاق له آداب يجب مراعاتها حتى يكون صحيحًا، فالطلاق ظاهرة لا يخلو منها أي مجتمع، وعلى جميع المستويات والصعد، لكن الأمر غير الصحي في مسألة الطلاق، عدا زيادة نسبته، هو التغير الذي لامس هذا القرار الخطير الذي وصل إلى درجة الاستخفاف واللامبالاة بالقيم والثوابت والمشاعر؛ حين يحدث غيابيًا دون علم الزوجة، حتى وصل في زماننا إلى مجرد كلمة سهلة لاحقتها التكنولوجيا، فترسل الجملة عبر وسائل الاتصال الحديثة، وأثارت هذه الحالات جدلاً واسعًا، خاصة أنَّ من آداب العشرة أن تكون هناك محاولات عديدة للإصلاح بين الزوجين قبل وقوع الطلاق. ولكن في تلك الحالات التكنولوجية تلاشى دور الصلح، وفقدت العلاقة دورًا مهمًا لاستقرار الأسرة، وقد أكد علماء الدين رفض هذا النوع من الطلاق، وعدم صحته؛ لعدم استكمال الشروط الأساسيَّة والرئيسيَّة لوقوع الطلاق، فلابد أن تظل للطلاق حرمته، فلا يقع إلا بإقرار مباشر، فما الذي يثبت أنَّ الزوج هو من كتب الرسالة؟! من جانب آخر هناك العديد من التساؤلات التي تدور في ذهني: هل من حق الزوجة الاعتراض والتظلم عندما تطلق دون علمها؟ أو عندما يقع عليها الطلاق بصورة تعسفيَّة ودون أسباب واضحة؟ وهل الطلاق المزاجي من حق الزوج ينفذه وقتما يريد، وفي أي زمان، وأي مكان، فجأة بلا مبررات ولا مقدمات؟ وهل على الزوجة أن ترضخ للطلاق وتستسلم لقدرها دون أن يكون لها الحق في أن تعرف حتى السبب؟ فيزداد الضغط النفسي عليها. فالطلاق المفاجئ والمباغت تجربة مؤلمة، وقصة قاسية نسج تفاصيلها بطل واحد وهو الزوج، الذي ينزل من قطار الحياة في أي محطة من محطاته دون إبداء الأسباب، تاركًا زوجة وحيدة تنهشها حيرة من غدر لم تكن تتوقعه ممن كانت تظن أنَّه يشكل ملاذها الآمن. نعم إنَّ الطلاق المباغت يعتبر صدمة، ويعد اكتئاب ما بعد صدمة الطلاق التعسفي أكثر الأشكال انتشارًا بين المطلقات اللاتي تفاجأن بطلاقهن، وهو اكتئاب تتفاوت نسبة زيادته أو انخفاضه. فعندما تفيق من صدمة انفصالها الروحي والجسدي والاجتماعي يصاحبها شعور الاضطراب الوجداني والنفسي والقلق والتوتر، وشعورها بالظلم والاضطهاد والتشاؤم، وتتعطل مشاعرها وتصاب بالتجمد والبرود والتبلد، وقد يحدث مباشرة بعده، وقد يستغرق وقتًا آخر لدى البعض منهن. نحن بالفعل نحتاج إلى منظومة اجتماعيَّة متكاملة تتعاون بتنفيذ توعيات من سن مبكرة عن معنى المشاركة والتسامح والتضامن والتعامل الأسري وحقوق كل من المرأة والرجل، وخلق جيل واعٍ يقدس الحياة الزوجيَّة.
أنين الحياة:
لا يكسر قلبك من رحل عنك باختياره، فالبقاء دون زواج خير من زواج غير متكافئ، ومن زوج لا يحمل في قلبه تقديرًا لفكرك وشخصيتك وإنجازاتك، فالزواج نصف الدين، وليس الدين كله. «منقول»