لماذا أنا؟

 

لماذا نصر على البحث عن الأحزان في حدائق الفرح، لماذا نشعر أن السعادة مطلب مستحيل، وحتى لو تحققت لنا لانشعر بها؟ لأننا نعتقد أنها حلم لا يمكن إدراكه. كل واقع في الحياة يحمل وجهين، لكننا ننسى كل الضوء لننشغل بالظلال. ورغم كل ما تمنحنا إياه الحياة، ننسى أحيانا ما لدينا لنتحسر على ما نفتقد. نعتقد دائما أن السعادة هي في الشيء الذي ليس بين أيدينا. وأن الحديقة المقابلة لنا أكثر اخضرارا من حديقتنا.

تسيطر علينا السلبية ونحصر نظرنا في المشكلة، بل وأحيانا نتمتع بدور الضحية. وكأننا دون أن ندري نبحث عن المعاناة لنمارس دور المظلوم ونجتهد في إكمال الصورة السوداوية لنربط بين أحداث متناثرة، حتى يصير المشهد دراميا، ومن ثم نستغرب عدم عدالة الحياة.

التفاؤل هو أن نرى النور في نهاية النفق. والواقعية تعلمنا أن نتقبل الحياة بكل تقلباتها. وأن أي مشكلة ليست نهاية العالم. نحن نحدد واقع الأشياء من خلال نظرتنا لها. والنفوس الطيبة من الداخل تميل إلى الاستيعابية وتتسامح. الأريحية تمنح الإنسان فرصة أجمل للتمتع بالحياة، بل وتمنحه الثقة دائما بأن الآتي هو الأفضل.

نحرم ذواتنا من رؤية الأشياء الصحيحة إذا ما تقوقعنا في مشاكلنا. ونظلم أنفسنا إذا فتحنا باب المقارنات مع الغير، وطرحنا هذا السؤال المزمن: لماذا أنا؟ مع أن هذا السؤال الاحتجاجي يمر على كل شخص في فترات مختلفة. هناك من يتوقف عنده ليمارس دور الضحية، وآخر من ينظر للأفق الأبعد، ويتجاوز هذا السؤال لرؤية المحيط الواسع، لتصغر هذه الأمور في نظره وتتلاشى.

الحياة تمنحنا الكثير. نحن من نحصر أنفسنا في المساحات الضيقة. السعادة قرار نتخذه، وليس هبة تمنح لنا. والمستقبل يعدنا بالكثير، إذا فتحنا له أذرعنا، واحتضناه بقلب حنون.

 

اليوم الثامن:

آلاف المشاكل تعبر كل يوم

يحتضنها أشخاص يبحثون عنها

وتمر عابرة لمن يقابلها بالتجاهل

والنظر والانشغال بالجانب الآخر