زحمة فنية... فنانون من الخليج وسوريا ومصر وجميع أنحاء الوطن العربي، أصوات ضحكاتهم تختلط بفوضى المعجبين والمعجبات وروائح القهوة ودخان السجائر، هذا هو المشهد الأول الذي تراه ما إن تدخل «قصر الإمارات» الذي تحوّل منذ بدء مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي في أبوظبي بدورته الثالثة، إلى ملتقى لنجوم الدراما العربية والسينمائيين العرب. والمهرجان في عامه الثالث على التوالي مختلف تماماً عن دوراته السابقة، وإذا كانت العناوين الصحفية تشير إلى أنه كان ناجحاً بامتياز، فإن الواقع الذي لمسناه خلال عشرة أيام من الإحتفاء بالسينما يؤكّد أنه تراجع كثيراً عمّا قدّمه في العام الماضي أو حتى في عامه الأول.
نجوم من المحيط إلى الخليج
كان من المفترض أن يشكّل المهرجان ملتقى للمنتجين والفنانين وصنّاع السينما، لكن غياب المنتجين السينمائيين لهذا العام وغياب الفعاليات الثقافية وورشات العمل أصاب المهرجان والنجوم بالملل، وصارت جلساتهم تقتصر على الأحاديث الجانبية التي تبتعد تماماً عن الحدث الذي جاؤوا من أجله. وحتى الأفلام السينمائية التي شاركت في مسابقة المهرجان لم تكن بتلك الحرفية ولم تصبنا بالدهشة كما كنا نتوقّع.
في اليوم الرابع للمهرجان، ونحن نمرّ أمام المقهى الذي اعتدنا أن نرى فيه الفنانين، توجّهنا إلى طاولة جمعت المخرج شوقي الماجري إلى جانب كل من عابد فهد ولورا أبو أسعد وأمل عرفة وباسل خياط وعبير عيسى. الجلسة لم تكن مملّة، فالفنانون رائعون، وتلك الأحاديث الجانبية التي لم تتناول أحداث المهرجان كانت لطيفة ومغرية لشرب فنجان من القهوة معهم. لكن، لعبة مسلّية دارت بين باسل خياط وعابد فهد وأمل عرفة كانت دافعاً لبقائنا ولاكتشافنا الفنان باسل خياط عن قرب كإنسان بعيداً عن بريستيج الفنانين المتعارف عليه، هي لعبة التخيّل. باسل يتخيّل المشهد وأمل وعابد يجيبان كل حسب وجهة نظره. تساءل باسل خلال لعبته الممتعة عن «الشيء الذي تشعر به وأنت تقف وحدك على أعلى قمة في العالم. والعالم من تحتك صغير جداً، ونسيم عليل يلفح وجهك»، فبادر عابد مباشرة بالقول: «يشعرني بالحرية»، أما أمل فقالت: «المشهد رائع ويشعرني بالسلام والطمأنينة». ثم تساءل باسل مجدداً عن مشهد آخر قائلاً: «أنت تركب أرجوحة، وكلّما ارتفعت إلى الأعلى تشاهد أمامك مقبرة، فبادرت أمل بالقول: «أقرأ الفاتحة كلّما شاهدت المقبرة، ثم أعود للإستمتاع بالتأرجح بين الحياة والموت». أما عابد فتساءل مباشرة عن مشهد آخر قائلاً: «تخيّلوا أنكما بجانب الغيمة»، فابتسمت أمل قائلة: «أحبّ الغيم وأحبّ مراقبته»، لكن باسل أجاب: «سآكلها، فأنا مذ كنت طفلاً أشتهي أن آكل غيمة».
شللية فنية وأحزاب
كان لحضور الفنانين السوريين وقع كبير في المهرجان: جمال سليمان، خالد تاجا، حاتم علي، سلوم حداد، عارف الطويل وآخرون، حضروا من سوريا للمشاركة بفعاليات المهرجان، وكانوا متواجدين أكثر من غيرهم. ولكن، اللافت في وجود نجوم العالم العربي أنهم كانوا يجلسون مع بعضهم البعض كأحزاب. السوريون مع السوريين، والمصريون مع المصريين، والخليجيون كانوا الأكثر استياءً حيث لم يحتفَ بهم كما يجب. وعندما سألت «سيدتي» الفنان الإماراتي إبراهيم سالم عن سبب عدم حضوره لفعاليات المهرجان أجابنا ساخراً: «وما الداعي لحضوري؟ فأنا وزملائي مدعوّون للتواجد فقط. الإدارة لم تهتمّ بنا، ولم توجّه لنا دعوات الفعاليات كما يجب». فسألناه عن سبب هذا الإهمال ولاسيما أنه حدث إماراتي ومن الطبيعي أن يكون الفنان الإماراتي متواجداً وحاضراً قبل أي فنان عربي آخر، فما كان من إبراهيم إلا أن قال لنا: «قولوا هذا الكلام للإدارة وليس لي».
سعاد العبدلله وغلنم السليطي مع الوفد الكويتي
«إبن بابل» والخيبة
وأخيراً، أجمع الفنانون على فيلم واحد كان برأيهم يستحقّ الجائزة الأولى، هو «إبن بابل». والفيلم يحكي عن فترة ما بعد سقوط صدام حسين، ويروي قصة أحمد الولد الكردي الذي يبلغ من العمر اثني عشر عاماً. ويعيش مع جدته، التي تسمع أن بعض أسرى الحرب وجدوا أحياء في الجنوب، فتقرّر أن تعرف مصير ابنها المفقود، والد أحمد، الذي لم يعد إلى منزله قط منذ حرب الخليج عام 1991. وتبدأ رحلة البحث عن «الأب والإبن» وسط مفارقات مؤلمة ومقابر جماعية وأحداث مأساوية تشرح بحرفية أوضاع العراق، فعلى طول الرحلة من جبال الشمال إلى أراضي بابل، كانا يستوقفان العربات ليركبا مجاناً متطفّلين على الأغراب، والتقيا بالكثير من الرحّالة مثلهما، يقومون برحلات مشابهة. فأخذ أحمد يتبع خطى منسية لأبٍ لم يعرفه قط، محاولاً فهم ما تبحث عنه جدته. وأثناء الرحلة، ينمو الولد وينضج، وعلى أبواب «بابل» تلفظ الجدة أنفاسها قبل رؤية ابنها.
وبقدر ما كان الفيلم حزيناً كان يبعث في مطارح كثيرة على الأمل، وكان حقاً الفيلم الذي أجمع الكلّ على استحقاقه للجائزة الأولى، لكن لم تجرِ الرياح بما اشتهى الفنانون. وعقب خروجنا من صالة عرض الفيلم، سألنا معظم الفنانين عن آرائهم حوله، وكانت كلّها إيجابية وممتنّة للحضور. أما رشيد عساف، فاعترف لنا أنه بكى في الفيلم ثلاث مرّات وضحك عشرات المرّات، مؤكّداً أن الفيلم يلمس الروح قبل العقل. وكذلك الفنان جمال سليمان أخبرنا أنه بقدر ما شعر بمرارة التيه لدى البطلين الرئيسيين في الفيلم، فقد شعر بوجود أمل كبير ينتظر جيل المستقبل من العراقيين.
جابر نغموش وهدى الخطيب مع الوفد الإماراتي
إيفا منديز لـ«سيدتي»: أنا قريبة من العرب
بقدر ما كان لقاؤنا بالفنانين العرب ممتعاً، كان للقائنا بنجوم هوليوود متعة أكبر. وكان للممثلة العالمية إيفا مينديز نكهة خاصة، فقد بدت متجاوبة كثيراً مع الإعلام، ومرتاحة في التعامل مع الآخرين مع أنها نجمة هوليوودية من الطراز الرفيع، علماً أنها كانت تستطيع ببساطة أن تتهرّب من الإعلاميين كما فعل بعض نجوم العالم العربي في المهرجان.. وكان سؤال «سيدتي» الأول لها حول زيارتها الأولى إلى العالم العربي، فأجابت وهي ترسم على وجهها ابتسامة فاتنة:
إنها أول زيارة لي للشرق الأوسط، لكنني أشعر الآن أنني بالفعل أضعت الكثير على نفسي لأنني لم أقم بها منذ زمن، فالمكان رائع. ومع أن معظم أصدقائي جعلوني أشعر بالخوف من هذه الزيارة وخاصة ممّن سبق وزار أبوظبي، حيث سمعت أنها مدينة حارّة جداً وأن الطقس غير محتمل، لكنني لم أجده سيئاً على الإطلاق بل هو رائع، ولاسيما أنني أكره البرد وأفضّل طقس الصيف بحكم أنني كوبية ومنطقتنا تمتاز بطقس حار.
يقال إن العرب قريبون جداً كتركيبة اجتماعية من أهل أميركا اللاتينية، فهل لمست ذلك خلال هذه الزيارة؟
بالطبع. نحن قريبون جداً من العرب شكلاً وروحاً، حتى أن شكلي وملامحي العربية تؤكّد ما أقول، وأعتقد أنني لو لم أكن ممثلة مشهورة لما شعرت وأنا أمرّ أمامك أنني لست عربية لأن ملامحي كملامح أي فتاة شرقية.
أنتم في هوليوود تهتمّون كثيراً بحالة السينما والإبتكار، هل كان مهرجان أبو ظبي قريباً ممّا يحصل في مهرجانات عالمية سبق وشاركت بها؟
يجب ألا ننسى أن منطقة الشرق الأوسط لا تزال تعيش بعيداً عن السينما العالمية كما في أميركا اللاتينية أو حتى في الشرق الأقصى، ولذلك أشعر أنني سأظلم المهرجان وكل الجهد المبذول لإنجاحه إذا ما قارنته بمهرجان «كان» أو حفل الأوسكار أو غيرهما. أريد أن أقول إن هناك جهداً واضحاً لوضع العرب على خارطة الفن العالمي، وهذا برأيي شيء يدعو للفخر.
هل التقيت ببعض الممثلين والممثلات العرب؟
للأسف ليس بعد، لكنني الآن وأنا متّجهة نحو الحفل سألتقيهم وأتعرّف إليهم. ودعيني أخبرك أن ممثلات العالم العربي جميلات جداً وفاتنات.
نعومي واتس ومنّة شلبي بذات الفستان
نعومي واتس: الممثلون العرب مقصّرون
مرّت نعومي واتس على السجادة الحمراء وهي ترسم على وجهها ابتسامة حياء، وهي لم تبدُ مرتاحة كما كانت زميلتها إيفا. نادت «سيدتي» نعومي فتوجّهت نحونا وسلّمت علينا ثم انتظرت سؤالنا، لكنها ما لبثت أن ضحكت، فسألناها:
نعومي تبدين متوتّرة .. هل أنت كذلك؟
ـ بصراحة أنا أشعر ببعض التوتر، مع أنها ليست المرّة الأولى التي أقف فيها على السجادة الحمراء، لكن هناك شيء ما غريب في الأجواء. الناس تعرفني كثيراً ولا أشعر أبداً أنني بعيدة عن عالمي.
إذاً حدّثينا عن زيارتك إلى أبوظبي؟
إنها زيارتي الأولى إلى الإمارات، لكنني كنت أسمع كثيراً عن مدينة دبي والإمارات كونها دولة تحتوي على الكثير من الفعاليات. وأنا سعيدة جداً بتواجدي هنا بين الناس، فالإستقبال كان مبهراً وفوجئت كثيراً بحجم الناس التي تعرفني، وبالإهتمام الكبير الذي حظيت به.
هل سبق أن التقيت بفنانين عرب؟
لم يسبق لي أن تعرّفت بممثلين عرب، وهذا يعود لقلّة حضورهم في المهرجانات العالمية مع الأسف، وانشغالي الدائم بالتصوير، لكن وجودي هنا سيكون فرصة جيدة للقائي بهم والتعرّف إليهم عن كثب.
هل من الممكن أن تشاركي كممثلة بفيلم عربي يوماً ما؟
بالتأكيد، لمَ لا؟ لكن، يجب ألا يكون الفيلم بمستوى أقل ممّا أقدّم، من حيث الإمكانيات السينمائية. ولا تنسي أن هناك أفلاماً كثيرة شارك فيها ممثلون عرب، ولذلك من الطبيعي أن يشارك أي ممثل بفيلم جيد بغض النظر عن جنسيته.
سوسن بدر، محمود حميدة ورحاب الجمل
إكسترا
الجوائز
مسابقة الأفلام الروائية الطويلة
جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل فيلم روائي (100 ألف دولار) - فيلم "عشاق الصرعات" للمخرج فاليري تودوروفسكي (روسيا).
جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل مخرج أفلام روائية جديد (50 ألف دولار) - غليندن آيفن عن فيلم "الجولة الأخيرة" (أستراليا).
جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل فيلم روائي من الشرق الأوسط (100 ألف دولار) - فيلم "الزمن الباقي" للمخرج إيليا سليمان (فلسطين).
جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل مخرج أفلام روائية جديد من الشرق الأوسط (50 ألف دولار) - بيلين إسمر عن فيلم "10 حتى 11" (تركيا).
جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل ممثل (25 ألف دولار) - حامد بهداد في فيلم "لا أحد يعرف بأمر القطط الفارسية" للمخرج بهمن قبادي (إيران).
جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل ممثلة (25 ألف دولار) - أليشيا لاغونا وسونيا كووه عن فيلم "بلا شمال" للمخرج ريغوبيرتو بيريزكانو (المكسيك).
مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة
جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل فيلم وثائقي (100 ألف دولار) - فيلم "غاندي الحدود: بادشاه خان، شعلة من أجل السلام" للمخرجة تي. سي. مكلوهان (أفغانستان، الهند، باكستان، الولايات المتحدة).
جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل مخرج أفلام وثائقية جديد (50 ألف دولار) - يوهان غريمونبريز عن فيلم "اللقطة المزدوجة" (هولندا، بلجيكا).
جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل فيلم وثائقي من الشرق الأوسط (100 ألف دولار) - عن فيلم "في الطريق إلى المدرسة" للمخرجين أورهان إسكيكوي وأوزغان ألبير (تركيا).
جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل مخرج أفلام وثائقية جديد من الشرق الأوسط (50 ألف دولار) - محمد زرن عن فيلم "زرزيس" (تونس).
عابد فهد وزوجته الإعلامية زينة يازجي وابنتيهما ليونا
مسابقة الأفلام القصيرة
جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل فيلم روائي قصير (25 ألف دولار) - فيلم "رجل بـ 6.50 دولار" للمخرجين مارك البستون ولوي سذرلاند (نيوزيلندا).
جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل فيلم وثائقي قصير (25 ألف دولار) - فيلم "واجاه" للمخرجين سوبريو سن ونجف بيلغرامي (باكستان، الهند، ألمانيا).
جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل فيلم قصير من الشرق الأوسط (25 ألف دولار) - فيلم "طرابلس علهَدا" من إخراج رانيا عطية ودانييل غارسيا (لبنان).
جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل فيلم قصير من إخراج الطلبة - الجائزة الأولى (15 ألف دولار) - فيلم "آنا" للمخرج رونار رونارسون (الدانمارك).
جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل فيلم قصير من إخراج الطلبة - الجائزة الثانية (10 آلاف دولار) - فيلم "كاسيا" للمخرجة إليزابيث ليادو (بلجيكا).
جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل فيلم قصير من إخراج الطلبة - الجائزة الثالثة (5 آلاف دولار) - فيلم "شوتاغ" للمخرج مارفن كرين (ألمانيا).
ماذا حصل في المهرجان من أسرار وكواليس؟ وما حقيقة الفواتير بالآلاف التي تكبدها النجوم بدلاً من إدارة المهرجان؟ هذا والمزيد من التفاصيل والصور تابعوه في العدد 1495 من مجلة «سيدتي» المتوفر في الأسواق.