تعتبر وسائل الإعلام وأهل الصحافة الروح النابضة للنجوم في العالم ولهم الدور الأساسي الفعّال في وصول الفنانين إلى النجومية وفي نجاحهم وشهرتهم. وفي الوقت الذي يخشى فيه كبار نجوم العالم الغربي غضب الصحافة وأقلامهم وكاميرات الباباراتزي، ويتعاملون بحذر واحترام فائق مع الإعلام، نجد النقيض في هذا التعامل في العالم العربي حيث يطرح هذا التعالي والاستخفاف الذي يرسم العلاقة بين هؤلاء النجوم العرب ووسائل الإعلام والإعلاميين أكثر من علامة استفهام. فكيف يمكن وصف العلاقة بين النجوم العرب ونجوم القلم والفكر؟
لا شك أن كل وجه عربي أكان في حقل التمثيل أو الغناء، قرّر أن يقرع باب الشهرة وأن يبحث عن حظه الفني، تجده يركض بلهفة وراء وسائل الإعلام والصحافيين لاكتساب ودّهم بغية حثّهم على تخصيص ولو مساحة بسيطة لتغطية أخبارهم الفنية. ولا يجد الفنان الفتي في مسيرته مشكلة في أن يلتقي الصحافي في الوقت الذي يتوافق مع وقت الإعلامي، وتجده يجيب في أي وقت كان على اتصالاته وأسئلته.
ولكن ما أن يشتمّ الفنان رائحة وإن خفيفة بأريجها لبوادر الشهرة، حتى تبدأ معالم هذه العلاقة تتبدّل. فتجد الفنان يعتذر عن عدم تمكّنه من إيجاد الوقت المطلوب للردّ على اتصالات وسائل الإعلام أو الصحافيين الذين سخّروا أقلامهم وصفحاتهم لدعم موهبته أو أثير إذاعاتهم أو محطاتهم. وعندما يتزايد الطلب على هؤلاء سواء في الغناء والحفلات أو في التمثيل، تجدهم يلجؤون إلى تعيين مدير أعمال ومستشار فني لهم يحوّلون لهؤلاء أرقامهم التي اعتاد الصحافيون الاتصال بهم عليها، ليحصلوا على أرقام هواتف جوّالة خاصة تصعب معرفتها. فيقطعون بذلك "حبل السرّة" مع الصحافة متذرّعين بوقتهم القليل. وتبدأ في هذه المرحلة لعبة الكرّ والفرّ على طريقة "توم وجيري" بين الصحافة والنجوم، للحصول على حوار أو لقاء أو رأي... لتصبح مهمة الإعلامي "شبه مستحيلة" أو مهمة صعبة على طريقة المهام السرية فقط لأن "بريستيج" الفنان و"إيغو الـ أنا" و"ضوضاء النجومية العمياء" أعمت بصيرة النجم وجعلته يتنكّر لهذه الأقلام التي ساهمت في نجوميته. ولأن الكثير من وسائل الإعلام ومن الإعلاميين الذين يتقاضون من هؤلاء الفنانين سواء مبالغ كبيرة ليكونوا على أغلفة بعض المجلات الفنية أو لتبقى أخبارهم على صفحاتها لأن أهل الفن يدفعون الإعلانات لوسائل الإعلام أو يسدّدون معاشات خفيّة لبعض الإعلاميين، نلمس تمادي النجوم في الاستخفاف بالإعلام خاصة في ظلّ غياب أقلام حرّة تحاسب هؤلاء أو تنتقد تصرفاتهم.
بالتفاصيل
إن الأمثلة كثيرة على ابتعاد الفنانين الذين أضحوا نجوماً عن الإعلاميين أمثال الفنانة مايا دياب التي أضحى لديها منذ أشهر مدير أعمال يتلقّى الاتصالات على جوّالها الذي كانت تجيب عليه قبل النجومية الواسعة التي حصدتها، وأيضاً حصل الأمر ذاته مع شذى حسون نجمة "ستاراك" وسيرين عبد النور التي كان أهل الصحافة خلال مؤتمر مسلسل "روبي" الذي عقد في بيروت يسألونها عن رقم هاتفها الجديد، فامتنعت عن إعطائه لأي منهم وطلبت الاتصال بزوجها مدير أعمالها.
والأمثلة كثيرة حيث يصعب الوصول إلى كل من: نانسي عجرم خارج الاتصال بجيجي لامارا وإليسا التي يتولّى أمين أبي ياغي إدارة أعمالها وهيفاء وهبي ونجوى كرم التي أوكلت إدارة أعمالها لابن شقيقتها طارق أبو جودة ويارا التي لا يمكن الوصول إليها أيضاً إلا من خلال مدير أعمالها طارق أبو جودة.... وهكذا هي الحال مع "فنان العرب" محمد عبده وراشد الماجد والعديد من الفنانين الخليجيين، في ما نلحظ كم يسهل على أهل الإعلام في لبنان والعالم العربي الاتصال شخصياً بعائلة الرحابنة أمثال الياس الرحباني وغدي وأسامة ومروان وغسان..... وأيضاً ريما الرحباني ابنة المطربة فيروز وأيضاً الطرق سهلة للوصول إلى المطربين صباح ووديع الصافي وهيام يونس. فهؤلاء الكبار لا مدراء أعمال يجيبون على هواتفهم الجوالة ويفضّلون الإجابة شخصياً. ولا بدّ من الإشارة إلى التعاطي الجيد والمحترم لكثير من مدراء أعمال الفنانين مع الصحافيين، لكن الأكيد أن هؤلاء لا يستطيعون إعطاء الإجابات الشافية للكثير من التساؤلات.
الوقائع
بالعودة إلى الأمثلة عن كيفية تعامل نجوم العالم العربي مع وسائل الإعلام، نستعرض بعض الأمثلة التي حصلت مؤخراً، كتأخّر الفنانة الإماراتية أحلام خمس ساعات عن الموعد الذي كان محدّداً لتصوير حلقتها في برنامج "تاراتاتا" في موسمه الحالي، ما حمل مخرج البرنامج باسم كريستو ليكتب على صفحته على "تويتر": "منتهى الاحتراف، أحلام تأخرت 5 ساعات عن موعد التصوير". كريستو قال: "اتفقنا مع أحلام على أن تأتي الساعة الرابعة بعد الظهر لأداء بروفات الديوهات مع الفنانين الآخرين، ولكنها لم تصل إلا حوالي الساعة الثامنة والنصف ليلاً، فتأخرت عن موعد تصوير الحلقة، وبسبب هذا اضطررنا لإعادة التصوير أكثر من مرة لأنها لم تتمرّن مع الفنان، وأنا شعرت بالاستفزاز". وأضاف: "اعتبرت ما فعلته قلّة احترام لكل العاملين في البرنامج الذين كانوا ينتظرونها، وهذه ليست المرة الأولى التي تتأخر فيها أحلام عن مواعيدها". وأيضاً واجهت منذ أشهر الفنانة هيفاء وهبي الانسحاب الجماعي للصحافيين احتجاجاً على تأخرها ثلاث ساعات عن موعد مؤتمرها الصحافي في دبي. وأيضاً عانى الجسم الإعلامي في السعودية مؤخراً من تأخر الفنانة أصالة لساعات عن الموعد المحدد لمؤتمرها الصحفي. وكذلك على حدّ قول صحيفة "الرياضي" السعودية إن أصالة كادت تسبّب بأزمة في الإذاعة السعودية "ميكس أف أم" على خلفية استضافتها من قبل المذيعة نهال الصابر في برنامجها "توب تان كاونت داون"، حيث نقلت الصحيفة غضب الفنانة من الفسحة الإعلانية خلال استضافتها. وقد أكّدت أصالة حسب قول الصحيفة إن "بريستيجها" لا يسمح لها بفواصل إعلانية خاصة وأنها لم تتقاض أي مبلغ مقابل اللقاء. وأكدت الصحيفة أن الفنانة طالبت بمبلغ مالي مقابل إجراء حوار مع إحدى المجلات خلال استضافتها في برنامج "نجم الخليج"، حيث كانت رفضت الفنانة في أكثر من موسم من البرنامج التي حلّت عليه ضيفة إجراء حوارات أو لقاء الصحافة.
وكذلك يتذكّر أهل الصحافة أن زميلتها الفنانة أنغام التي كانت تقبع في الغرفة المخصّصة لها في كواليس استوديو البرنامج فعلت مثلها، رافضة أي لقاء مع أهل الإعلام.... وأيضاً يرفض كاظم الساهر وفضل شاكر اللقاءات الإعلامية. ومن لا يتذكر كيف أحاط الفنان وائل كفوري نفسه بحرّاس شخصيين منعوا الإعلام من إجراء حوارات معه خلال توقيعه العقد مؤخراً مع "روتانا" في الاحتفال الذي أُقيم في فندق "الفينيسيا".
وأيضاً يتذكر أهل الصحافة الحرّاس الذين تحلّقوا حول الطاولة التي جمعت الفنانة هيفاء وهبي برئيس "روتانا" للصوتيات والمرئيات سالم الهندي يوم زفّتها الشهيرة إلى الشركة السعودية في منتجع "الأوركيديه" في جنوب لبنان، وحيث تعذّر على أي صحافي اختراق الحلقة والتكلم مع هيفاء. ومن لا يتذكر "البودي غاردز" أصحاب السواعد المفتولة الذين صدّوا باب غرفة هيفاء وهبي أثناء حلولها ضيفة على برنامج "ستار صغار" على قناة أبو ظبي لمنع الصحافة من إجراء أي حوار معها...ومن لا يتذكر كيف صدّ أحد رجال الأمن الذين واكبوا الفنانة شيرين عبد الوهاب إلى برنامج "أبشر" على شاشة الـ أم بي سي كاميرا المصور الخاص للقناة لمنعه من التقاط صور لها.
إلى قنوات التلفزة
هل نغفل عن مساءلة القنوات التلفزيونية التي تسدّد لهؤلاء النجوم مبالغ ضخمة ليحلّوا ضيوفاً على برامجها. وفيما تدعو هذه القنوات الصحافة لتغطية البرامج هذه، فيمتنع النجوم عن إجراء حوارات إعلامية من دون أن يجدوا من يحاسبهم من إداريي القنوات على تصرفهم هذا الذي لا يليق أولاً بالقناة خاصة وأنه يضعها في مواجهة الإعلام. فيما يجب أن يُفرَض على الفنان الذي تقاضى المال لاستضافته أن يحترم أهل الصحافة وألا يرفض الحوارات السريعة.
النجوم والتويتر
واليوم زادت الهوّة والشرخ بين الصحافة والنجوم خاصة بعد أن اعتقد النجوم أنهم حوّلوا موقع "تويتر" إلى المصدر الأساسي لنقل أخبارهم الفنية والخاصة إلى جمهورهم، وفي ظلّ انقطاع التواصل بين الفنان والإعلام أضحت وسائل الإعلام تلجأ إلى مواقع الفنانين الخاصة عبر "تويتر" و"الفيس بوك" لاستقاء أخبار هؤلاء. ولكن، لا بد من كلمة حق تُقال بأن النجوم يبدو أنهم يتحدّون الملل والفراغ في حياتهم، خاصة وأنهم يتواجدون من دون انقطاع وعلى مدى 24 ساعة على "تويتر" ليكشفوا عن أدقّ تفاصيل حياتهم. فبتنا نقول لهؤلاء إن "تويتر" كشف الملل الذي يعاني منه هؤلاء الذين ابتعدوا عن الإعلام تحت ذريعة ضيق الوقت!