لم يعلم أحدنا أن ما عافر في أدائه واندملت الأيدي بتحقيقه، هو ذاك الحبل المتين؛ الملفوف
بعناية فائقة، حول عنق بات محلقاً.
ماذا لو عرضت علينا النهايات، قبل الهم بخطوات معدودات، صيد ما ظننا متعة الحياة خلت مما سواه؟!
يَظُن أحدنا أنه لو عرض عليه المستقبل، لحذر كثيراً مما يوقعه، ويهلكه، يهوي به في حطام هاوية العذاب.
ولكن! مهلاً، ألا تعتقد أن الحياة حينها تبيتُ أفضل؟!
ماذا لو افترضنا جدلاً بأننا نملك ذاك الجهاز المنذر من الغيبيات!
"المتاعب وفي كثير من الأحيان - بل وكلها - هي رزق ونعيم في حد ذاتها، على خلاف ظن البعض" بقلم د. سعاد الشامسي @suaad_alshamsi في #مدونات_سيدتي على الرابط https://t.co/baaBM5eq4y pic.twitter.com/QQJxgGgCxo
— مجلة سيدتي (@sayidatynet) April 19, 2023
لن تخلو الحياة من ترف، أو نعيم، ويبيت الواحد منا غير مكترث لما يصطدم بهِ، كأنه يعلم يقيناً أن الأشياء المقلقة ستتبخر من أمام طريقه، في لمح البصر!.. هكذا يظن الكثيرون منا ظناً، ولكن الظن لا يغني من الحق شيئاً!..
لأن الإعراض حينما يأتي من أواصرنا، والتمييز بإرادتنا، يصبح سحراً. وأن العقل البشري بتوفيق إلهي، ينتشله مما قد يسبب له المتاعب، ويدسه فيما يبدل عليه طيب عيشه، ويزق به في صراعات لا حصر ولا انشمال لها..
المتاعب وفي كثير من الأحيان - بل وكلها - هي رزق ونعيم في حد ذاتها، على خلاف ظن البعض، لن أزيد على أمثلة؛ كتعطل سيارتي في ذاك اليوم. اليوم الذي تأخرت فيه عن العمل، لأن المدير أراد أن يكدرني، بعدما أتيته متأخراً - بدقائق فقط - عن موعدي الرسمي، تلك الرسمية التي أخذت مني الكثير من الوقت، وأنا أتهيأ لأصبح واجهة مشرفة لشركتي، الشركة التي لا تعطيني غير ما يكفي لقوت يومي، حينها وقعت على مسامعي سيل كلمات؛ كشفت عن أمر أدمى قلبي، القلب الذي يعاقبني بتسارع نبضاته وتضارب حاجزيه، بعدما علم أن الجسر الواصل بين عملي ومحل سكني، قد تهاوى بمن عليه!..
أزيدك من الشعر بيتاً، ألا نرى حيناً أن المصائب لا تأتي فرادى؟!.. بل وتنهال كالسيل العرم. وأن الفرح لا يأتينا إلا منفلتاً!. والضيق من العيش؛ يصاحبه كثرة السقم، وعزوة الولد لا تفتح غير أبواب الفرقة والحسد. بل إن بلاء المرء لا يتناوب إلا عليه.
لكن!. حسب بني آدم أن أمره كله خير، حتى لو بدا له بخلاف ما هو عليه الآن، فمن منا أشد بلاء من أيوب؟. ومن اشتدت عليه أحوال الدهر كيوسف؟. وكم كانت اللذات هي أصل الاختبارات، وأن الخيلة والرياء موقع في الهلاك. فلا ننسى ما آل إليه قارون، ومن يخيل أن النمرود ستوقع به واحدة من الذباب.
أما زلت تتنظر امتلاك ذاك "الجهاز المنذر من المصائب والعقبات"، وكيف سيتبين له ما فيه من شر وبلاء؟!
ألم يخرج الفرج من رحم الضيق؟، ولم يُغلب العسر إلا بيسرين؟!. ولا ينعم بالراحة إلا من تجرع من كؤوس الإعياء!
فلم لا تعمل على الاستماع إلى ذاك الصفير بداخلك؟!. وأن تترك كل شيء في معية الله.