يُعدّ الشباب حجر الأساس لكل نهضة وتقدم، بل أقوى ركيزة تستند إليها المجتمعات. والشباب تعني الفتوة، والقوة، والحمية، والحماسة، والاندفاع، والطموح، فيها تزداد الرغبة في خوض التجارب والاكتشاف وحب المغامرة والمرح؛ للاستمتاع بالحياة في مرحلة يملؤها الشغف، ويشعلها الطموح، فيمتطي كل شاب وشابة صهوة ذاك المحفز المعنوي لتحقيق أحلامهم.
لكن ما تلك الأحلام، ومن يحدد سقفها، وما كيفية العمل لتحقيقها، ومن المرشد الناصح والموجه الفاعل لتلك التجارب؟
ينصح المجتمع الشباب باستمرار بأن يكونوا طموحين، تقدم هذه المشورة من قبل الوالدين والأصدقاء وفي محيط العمل، بما في ذلك الجهات الرسمية والحكومية، فالدورات التدريبية والابتعاث والمكافآت الشهرية والمنح الدراسية والمحفزات التعليمية، كل ذلك مدعاة لدفع الشباب نحو الطموح بوصفه المحرك؛ لتحقيق الأهداف التي تساعدهم لتحقيق أحلامهم.
إن من المسؤولية الفردية أن تكون عضواً فعالاً في مجتمعك، مساعداً في بناء لبناته، ولا يمكن تحقيق ذلك إن لم يُروض الطموح، وتُرعى الرغبات الجامحة بتوجيه جيد للوصول إلى الهدف الذي يسعى الإنسان لتحقيقه.
ولكن هل الرغبات الجامحة لدى الشباب تكمن في تحقيق التميز، أم في تتبع خطى الناجحين؟ وما معيار الطموح؟ وما الهدف الذي يسعى الإنسان لتحقيقه؟ ومن يحدد إن كانت توجهات الطموح في اتجاه سليم أو معاكس أم واسع الخيال؟
اليوم وفي ظل التغيرات المتعاقبة، في عصر مليء بالتحولات، تشهد الساحة شباباً طموحين بأفكار واعدة لتحقيق التقدم العالمي في وقت قياسي، وعلى الرغم من كل ذلك الاندفاع الداخلي، فإنه يتوجب علينا إبراز دور القيم لتعزيز طموح الشباب الذي يعدّ تحدياً فعلياً، فهناك حاجة ماسة إلى توجيه شبابنا للطموح الإيجابي البناء من أجل إعداد جيل ملتزم بالواجب والمسؤولية بفكر وطموح يناسب الحس العام، والذوق العام، والصالح العام، لا بد من تبني هؤلاء الطموحين وأفكارهم؛ كيلا يقودهم طموحهم إلى توجهات معارضة أو متضاربة من دون إدراك، ولأجل بناء مجتمع فاعل من الشباب.
إن صقل توجهات الطموح مهمة لحماية المجتمعات من الانجراف نحو توجهات بعيدة عن القيم الأصيلة الثابتة، فللقيم دور مهم في تعزيز طموح الشباب؛ بل تشكل تحدياً جوهرياً لإعداد جيل من الشباب الملتزم بالواجب والمسؤولية، وطموحه مدفوع للصالح العام، وذلك لن يكون من دون توضيح القيم، فإن كانت القيم غير واضحة، من الممكن أن يقود طموح الشباب إلى توجهات مخالفة؛ لذلك صقل الطموح والأهداف وتوجيهها بقيم متماسكة يحمي المجتمعات من فقدان القيم، التي هي أساس هوية المجتمعات.