هل جال بخاطرك يوماً أن تعرف أعداد السيارات التي تقطع شوارعنا، جيئة وذهاباً على مدار الساعة؟، وهل خطر ببالك أعداد محطات البنزين التي تلبي حاجة هذه المركبات؟، وهل فكرت يوماً بآلية وجود هذه المحطات، ومواقعها، وعن المسافات المحتسبة بين كل محطة وأخرى؟
بالنسبة للكثيرين منا، قد لا نضطر إلى التفكير في هذا المجال إلا عند انخفاض منسوب البنزين، عند تلك اللحظة نبدأ بالبحث عن أقرب محطة وقود في خرائط قوقل؛ لتفادي التأخير عن الوصول إلى وجهة محددة، أو اللحاق بموعد مهم، وبمجرد الوصول إلى المحطة، نلجأ عندها إلى العامل الموجود فنتواصل معه بلغة بسيطة ليفهمها، وقد تكون لغة الإشارة هي الأبرز والشائع، خاصة وأن معظم من يقدمون خدمات التزود بالوقود من العمالة الوافدة، الذين لا يجيدون لغتنا، ولا الإنجليزية حتى، فاعتاد البعض بالقيام بعلامات إشارة من داخل السيارة ليعّرف العامل بحاجته، فيظهر إصبعاً واحداً للتعبير عن بنزين 91، وأصابع اليد الواحدة كاملةً للتعبير عن الرقم 5 الذي يرمز إلى بنزين 95، وقد يتحدث معهم البعض بكلمات مقطعة خالية من الإعراب، فهي الطريقة الأسرع للفهم، حتى أصبحت هذه الطريقة عادة مجتمعية في الحديث مع أي عامل لا يتحدث لغة عربية واضحة.
منذ زمن غير بعيد لجأت كثير من الدول إلى التعبئة الذاتية، بعد أن ازدادت أعداد السيارات في الطرقات؛ لأن المزيد من السيارات يترتب عليه ازدياد الطلب لمحطات التعبئة وخدمات السيارات.
اليوم وبعد القرار الرشيد لحكومة مملكتنا الحبيبة المملكة العربية السعودية بالسماح للمرأة بقيادة السيارة، وبعد أن تضاعفت أعداد السيارات في البلاد، وازداد الضغط على الحاجة إلى خدمات السيارات ومحطات الوقود، فهل سيتم النظر في تعديل آلية إدارة شركات تعبئة الوقود؟، وهل سيساعد نظام تعبئة السيارات ذاتياً من زيادة أعداد محطات البنزين في الحي الواحد؟، وما هي فوائد أوسلبيات تعبئة السيارات ذاتياً في حقبة المدن الذكية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات؟ فالخدمات الذاتية تطبق في الدول المتقدمة منذ سنوات عدة، وهي مسألة حتمية على الصعيد الاقتصادي والأمني، فهل ستكون حلاً مناسباً للتحرر من وظائف العمالة الوافدة الكثيرة في بلادنا!
إن السمة الأبرز لمحطات البنزين ذاتية الخدمة، هي أن العملاء يملؤون خزانات البنزين ويدفعون من دون الحاجة إلى إغلاق المحطات في فترات محددة من اليوم، ما سيجعل الخدمة تتوافر 24 ساعة، وسيترتب على ذلك تضاؤل كبير في أعداد العمالة الوافدة، بسبب قيام العملاء بالخدمة من خلال أجهزة صرف خاصة معتمدة، أو الدفع عند محاسب واحد ورقياً؛ لتجنب التلاعب بأسعار تعبئة البنزين، أو احتيال العملاء بالهروب قبل الدفع.
إن تعبئة البنزين الذاتية لها مزايا وعيوب، ولكنها بالتأكيد تمثل حاجة ملحة، ومطلباً بحاجة لإعادة النظر فيه، فهل ستبقى محطات الوقود تقليدية، أم ستنطلق لتغدو ذكية؟