كوني‭ ‬أنتِ‭ .. ‬وكفى

نهى‭ ‬الخطيب
نهى‭ ‬الخطيب
نهى‭ ‬الخطيب

كثير‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬والفتيات‭ ‬على‭ ‬حدّ‭ ‬سواء‭ ‬يعشن‭ ‬تحت‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالرّهاب‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالقلق‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬الذي‭ ‬يتحوّل‭ ‬أحياناً‭ ‬إلى‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬الاضطراب‭ ‬والقلق،‭ ‬خصوصاً‭ ‬عند‭ ‬مواجهة‭ ‬الآخرين‭.‬
أنا‭ ‬لست‭ ‬مُتخصّصة‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬النّفس‭ ‬وتحليل‭ ‬الشّخصيّة،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ملاحظاتي‭ ‬لبعض‭ ‬سلوكياتي‭ ‬وتغييرها،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬ملاحظة‭ ‬سلوكيات‭ ‬بعض‭ ‬النساء‭ ‬اللواتي‭ ‬أعرفهنّ‭ ‬عن‭ ‬قرب‭ ‬ولي‭ ‬معهنّ‭ ‬اتّصال‭ ‬دائم‭... ‬لمست‭ ‬أنّهنّ‭ ‬دائماً‭ ‬تحت‭ ‬تأثير‭ ‬الخجل‭ ‬والخوف‭ ‬من‭ ‬ردّة‭ ‬فعل‭ ‬الآخرين،‭ ‬مع‭ ‬أنّ‭ ‬أخلاقهنّ‭ ‬عالية‭ ‬وتصرّفاتهنّ‭ ‬لا‭ ‬يعيبها‭ ‬شيء،‭ ‬يتظاهرن‭ ‬بشخصيات‭ ‬غير‭ ‬شخصياتهنّ‭ ‬ليندمجن‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭ ‬ويعبرن‭ ‬عن‭ ‬آرائهن‭ ‬ومشاعرهن،‭ ‬وهذا‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الفُصام‭ ‬الذي‭ ‬يحول‭ ‬بينهنّ‭ ‬وبين‭ ‬الاتصال‭ ‬والتواصل‭ ‬مع‭ ‬الغير‭ ‬بشكل‭ ‬سليم‭ ‬وفعّال‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬حواجز‭ ‬أو‭ ‬خلفيات‭.‬
فهؤلاء‭ ‬ينقصهنّ‭ ‬تقدير‭ ‬الذّات،‭ ‬والإيمان‭ ‬بقدراتهنّ‭ ‬في‭ ‬الخروج‭ ‬للمجتمع‭ ‬وتحقيق‭ ‬النجاح‭ ‬واستحقاق‭ ‬الأفضل؛‭ ‬كما‭ ‬ينقصهنّ‭ ‬أيضاً‭ ‬الدّفاع‭ ‬عن‭ ‬قناعاتهنّ‭ ‬بكل‭ ‬حزم‭ ‬وحسم‭ ‬وقوّة‭ ‬وصلابة‭ ‬وشراسة‭ ‬إذا‭ ‬لزم‭ ‬الأمر،‭ ‬حتّى‭ ‬لا‭ ‬يصبحن‭ ‬ضحايا‭ ‬مجتمع‭ ‬يُقدّس‭ ‬التّبعية‭.‬
عزيزتي‭: ‬المسالة‭ ‬بسيطة‭ ‬جداً،‭ ‬كوني‭ ‬واثقة‭ ‬من‭ ‬ذاتك‭ ‬ومؤمنة‭ ‬بقدراتك‭ ‬ومهاراتك،‭ ‬ولا‭ ‬تتساهلي‭ ‬في‭ ‬الدّفاع‭ ‬عنها،‭ ‬كوني‭ ‬عاقلة‭ ‬حكيمة‭ ‬في‭ ‬المسائل‭ ‬التي‭ ‬تتطلّب‭ ‬العقل‭ ‬والحكمة،‭ ‬وعفوية‭ ‬في‭ ‬المواقف‭ ‬التي‭ ‬تحتّم‭ ‬عليك‭ ‬ذلك،‭ ‬كوني‭ ‬ذكيّة‭ ‬في‭ ‬تعاملك‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭ ‬مع‭ ‬الأخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار،‭ ‬أمزجتهم‭ ‬ونفسياتهم‭ ‬وطباعهم،‭ ‬فحفظ‭ ‬مكانة‭ ‬كلّ‭ ‬شخص‭ ‬ومقامه،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬السّنّ‭ ‬وأهل‭ ‬العلم‭ ‬أمر‭ ‬لابدّ‭ ‬من‭ ‬وضعه‭ ‬في‭ ‬الحسبان‭.‬
فميزانك‭ ‬لقياس‭ ‬الأمور‭ ‬هو‭ ‬دينك‭ ‬أوّلاً‭ ‬ومبادئك‭ ‬ومجتمعك‭ ‬وعاداته‭ ‬ثانياً،‭ ‬شرط‭ ‬ألّا‭ ‬تتعارض‭ ‬هذه‭ ‬العادات‭ ‬والتّقاليد‭ ‬والأعراف‭ ‬مع‭ ‬المنطق،‭ ‬وألّا‭ ‬تكون‭ ‬حجرة‭ ‬عثرة‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬صحّتك‭ ‬النّفسيّة‭ ‬وانطلاقك‭ ‬للنجاح‭ ‬وتحقيق‭ ‬ذاتك‭.‬
لا‭ ‬تتظاهري‭ ‬بالانفتاح‭ ‬والتّحرّريّة‭ ‬والتقدّم‭ ‬المبالغ‭ ‬فيه،‭ ‬ولا‭ ‬تتباهي‭ ‬بأشياء‭ ‬ثانويّة‭ ‬كمعرفتك‭ ‬بالماكياج‭ ‬والموضة،‭ ‬وحبّك‭ ‬للنوتيلا،‭ ‬واهتمامك‭ ‬بإصدارات‭ ‬الموضة،‭ ‬ومسايرتك‭ ‬للإنتاجات‭ ‬السينمائية‭ ‬ومعرفتك‭ ‬بالممثلين‭ ‬ونجوم‭ ‬هوليوود‭ ‬لتحظي‭ ‬بإعجاب‭ ‬النّاس،‭ ‬ومدحهم‭ ‬لك‭ ‬بالرقيّ‭ ‬والانفتاح‭ ‬والعصرنة‭... ‬وتبرهني‭ ‬على‭ ‬أنّك‭ ‬أنثى‭ ‬راقية‭.‬
كوني‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬بعلمك‭ ‬ومعرفتك‭ ‬وثقافتك‭ ‬ومستوى‭ ‬تفكيرك‭ ‬
كوني‭ ‬أنت‭ ‬بعفويتك،‭ ‬بحقيقتك،‭ ‬بتربيتك،‭ ‬بأخلاقك،‭ ‬كوني‭ ‬مزيجاً‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬يمليه‭ ‬عليك‭ ‬قلبك‭ ‬وما‭ ‬يلزمك‭ ‬به‭ ‬عقلك‭ ‬عند‭ ‬اتّخاذ‭ ‬قراراتك،‭ ‬لا‭ ‬تتعجّلي‭ ‬بالكلام‭ ‬والجُمي‭ ‬لسانك،‭ ‬واعلمي‭ ‬أنه‭ ‬حصانك‭ ‬إذا‭ ‬صنته‭ ‬صانك،‭ ‬وإن‭ ‬خنته‭ ‬خانك‭.‬
كوني‭ ‬متغيّرة‭ ‬متجدّدة،‭ ‬أنثى‭ ‬لها‭ ‬أحلام،‭ ‬تكرّس‭ ‬كل‭ ‬جهودها‭ ‬لتحقيقها‭ ‬بشرف‭ ‬وقوّةِ‭ ‬عزيمة‭ ‬وإرادة،‭ ‬لا‭ ‬تسمحي‭ ‬بإحباطك،‭ ‬وأثبتي‭ ‬للجميع‭ ‬أنّ‭ ‬حواء‭ ‬لا‭ ‬تُقهر‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬قاموسها‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالمستحيل،‭ ‬عيشي‭ ‬حياتك‭ ‬بلطافة‭ ‬تارة‭ ‬وبعناد‭ ‬تارة‭ ‬أخرى،‭ ‬فالحياة‭ ‬لا‭ ‬تستقيم‭ ‬للضّعفاء‭: ‬
وما‭ ‬نيلُ‭ ‬المطالب‭ ‬بالتّمنّي‭                    ‬ولكن‭ ‬تُؤخَذُ‭ ‬الدّنيا‭ ‬غلابا‭ ‬
ولا‭ ‬تسمحي‭ ‬بأن‭ ‬تكوني‭ ‬مجرّد‭ ‬رقم‭ ‬أو‭ ‬سلعة‭ ‬بمواصفات‭ ‬معيّنة‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬يتعامل‭ ‬بقوانين‭ ‬السوق‭.‬