يقول الله عزّ وجلّ: (إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم).
فكلّما زادت التّقوى زاد كرم الإنسان وعطاؤه، كما أنَّ العلاقة طرديّة بينهما، فالتّقوى أن تتقي الله في عباده، ونبدأ بالأقرب فالأقرب (الأمّ، الأب، الأخوة، الزّوج، الزّوجة).
أمّا فيما يتعلّق بالتّقوى بين الزّوجين فنجد أنّها تعني الحبّ والاحتواء، فالاحتواء فنّ وإدارة ومهارة من مهارات الذّكاء العاطفيّ، وليس حكراً على أحدهما دون الآخر، فبعض النّساء يعتقدن أنّه لطالما أنَّ الرّجال قوّامون على النساء فالاحتواء من وظيفتهم، وهذا غير صحيح، وأكبر مثالٍ على ذلك احتواء السّيّدة خديجة، رضي الله، عنها للنّبي عليه أفضل الصّلاة والسّلام، عندما أتاها حين نزل عليه الوحي، فقال لها: دثّروني دثّروني، فقامت باحتوائه نفسيّاً وجسديّاً قائلةً: "لن يخذلك الله أبداً"، فصدّقته وآمنت برسالته ودعمته ووثقت به.
لابدّ من التّفريق بين الاحتواء والحبّ، فالأوّل أفعال والثّاني أقوال، ويتحوّل الحبّ إلى أفعالٍ عندما يصبح "احتواءً"، والذي يأتي على مراحل وليس جملةً واحدة.
كثيراً ما نلاحظ أنّ الرجل ملولٌ بطبعه، يقضي معظم وقته خارج المنزل مع أصدقائه بدلاً من عائلته، وهنا تبدأ المرأة بلومِ نفسها بأنّها سبب ذلك، وتسعى إلى التّغيير إرضاءً له، إلّا أنّ قرار التغيير إرضاءً للآخرين قرارٌ غيرُ صائبٍ، فالتّغيير يكون لنفسها وذاتها أولاً، والذي بدوره يجعل الآخرين راضين عنها، وهذا هو قمّة الذّكاء العاطفيّ، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ النّاس عبارة عن بيئاتٍ مختلفة في العاداتِ والتّقاليد، فبعض الفتيات تربّين في بيئةٍ أساسها عبارة (سمعاً وطاعة) وليس لدى الواحدة أيّ دراية عن الحياة الزّوجية، وعندما تدخل هذه الحياة الجديدة تكون هي كلّ دنياها، تكون عالمها، والكلام ينطبق على الرّجل كذلك، وهنا تبدأ المرأةُ بسؤال نفسها: هل أنا أحبّه؟ ما هو الحبّ؟
فكما ذُكرَ سابقاً أنّ الحبّ أقوال تتحوّل إلى أفعال "احتواء"، ذلك أنّ أولى درجات الحبّ هي التّجاذب، ثمّ الاحتواء الذي يكون على أنواع:
• الاحتواء النّفسيّ: وذلك بتقبّل انفعالات الطّرف الآخر ونفسيّته المضطربة.
• الاحتواء الجسديّ: بالحنوّ والطّبطبة والحبّ على الرّأس، وأيضاً الاحتضان.
ولا ننسَ أنّ إظهار الحبّ أمام الأبناء أمرٌ في غاية الأهمية؛ لما له من آثارٍ إيجابيّةٍ على نفسيّتهم، كما للشّجار والخصام أثراً سلبيّاً.
وبالتالي ينعكس ذلك على نفسيّتهم وتصرّفاتهم مع بعضهم البعض، فيحنو الأخ الكبير على الصّغير.
والاحتواء كذلك يعني التّغافل والتّغاضي والاعتذار، ولا نعني بثقافة الاعتذار قول كلمة "أعتذر"، بل يمكن ترجمتها بأفعالٍ تدلّ على ذلك.
ومن هنا فالاحتواء مهارة مهمّة من مهارات الذّكاء العاطفيّ.