تعدّ عملية اتخاذ القرارات واحدةً من أهم وأعقد وأخطر العمليات العقلية التي يقوم بها الإنسان في حياته اليومية، ومع ازدياد تعقيد الحياة، أخذت عملية اتخاذ القرار حيزاً كبيراً من اهتمام الباحثين، وبحسب الدكتور أيمن دهشان الخبير في التنمية الإدراية.
والفرق بين اتخاذ القرارات بشكل عشوائي، وبين عملية اتخاذ القرار المنظّمة، أن عملية اتخاذ القرار المنظّمة تخضع للوعي بشكل كامل؛ حيث يحاول الإنسان من خلال هذه العملية أن يسيطر على الجوانب العاطفية والمشاعر والانفعالات، في سبيل تقييم الخيارات تقييماً صحيحاً يفضي إلى قرار منطقي.
يمكن تعريف عمليّة اتّخاذ القرار على أنّها: اختيار أحد البدائل المُتاحة، على أُسُسٍ عِلميّة، وموضوعيّة، وضمن مبادئ المُنظَّمة، ومعاييرها المُتَّفق عليها.
أورد برنارد تعريفه بأنّه: «عملية تقوم على الاختيار المدرك للغايات التي تكون في الغالب استجابات أوتوماتيكية، أو رد فعل مباشر».
أنواع القرارات
ما هي أنواع اتخاذ القرار، وكيف تتأثر عملية القرار بالظروف المختلفة؟
مما لا شك فيه أن عملية اتخاذ القرار عملية متغيرة حسب الظروف والأشخاص والمواقف؛ فاتخاذ القرار في الحالات الطارئة، ليس كاتخاذ القرار بهدوء، واتخاذ القرارات العائلية ليس كاتخاذ قرارات العمل، لكن هذا التنوع الكبير في الحاجة لاتخاذ القرار، لا ينفي وجود بعض المعايير والمراحل الرئيسة التي تساعد بشكل أو بآخر على اتخاذ القرار الصحيح في معظم الأوقات والظروف والمواقف.
القرارات السريعة والمفاجئة
نبدأ سريعاً مع أصعب تجارب اتخاذ القرار، وهي حالة اتخاذ القرارات السريعة؛ حيث لا تكون الظروف تسمح بكثير من التفكير والتروي في القرار، وغالباً ما نقع بفخ رد الفعل في هذه الحالة؛ حيث يكون قرارنا انفعالياً وربما طائشاً؛ لأننا في مكان ضيق ونريد أن نخرج منه بسرعة.
لكن عندما تكون متمرساً باتخاذ القرار، وواعياً بطرق السيطرة على الانفعال والتفكير الحكيم، ستجد نفسك قادراً على اختيار الأفضل بالسرعة المطلوبة، وهذا ما سنناقشه لاحقاً.
اتخاذ القرارات الحاسمة والقرارات المرنة
تتميز القرارات الحاسمة بأنها ستغير أمراً ما بشكل كبير، فيما تكون القرارات المرنة أقل تأثيراً، أو يمكن التراجع عنها بخسائر أقل، ومعرفة طبيعة القرار إن كان حاسماً أو مرناً، ستلعب دوراً كبيراً في عملية القرار.
مثال القرارات الحاسمة، أن تقوم الشركة مثلاً بافتتاح سوق جديد، قرار كهذا يتطلب مقرات جديدة وسياسات تسويقية جديدة وطاقم عمل أكبر، والخسائر التي قد تنتج عن قرار كهذا، إن لم يكن مدروساً، قد تصل إلى الإفلاس.
وأما القرارات المرنة؛ فمثالها أن يقرر المدير زيادة ساعات العمل في الشركة ساعة إضافية دون مقابل؛ فالتراجع عن هذا القرار أو إدخال تعديلات عليه، سيكون أمراً يسيراً مقارنةً بالقرارات الحاسمة.
قرارات تغيير المسار
من أكثر القرارات تأثيراً على مستوى حياتنا الشخصية، هي قرارات تغيير المسار، التي تنتمي بطبيعة الحال إلى القرارات المصيرية، وهي أجدر القرارات بالدراسة والتروي، كقرار تغيير التخصص الجامعي، أو قرارا الهجرة، أو قرار الانتقال من العزوبية للزواج.
القرارات المالية
على الرغم من أن معظم القرارات تخضع لمجموعة من العوامل التي تساهم في جعلها قرارات حكيمة، إلَّا أن القرارات المالية لها عالمها الخاص؛ لأن القرارات المالية على المستوى الشخصي أو على مستوى الأعمال، لا ترتبط بالظروف المحيطة بالقرار فقط، ولا تتعلق بالوقت المتاح أو الأطراف المتأثرة وحسب؛ بل أكثر ما تتعلق به نظرة المرء نفسه إلى المال وإدراكه للمفاهيم المالية.
القرارات العائلية
عادة ما نهتم أكثر بالقرارات التي من شأنها أن تغير حياتنا بشكل واضح، ونولي اهتماماً أقل بالقرارات البسيطة ونتعامل معها كبديهيات؛ فالقرارات العائلية مثلاً المتعلقة بأنماط تربية الأولاد أو اختيار المدارس أو حتى اختيار الأثاث المناسب للبيت وغيرها من القرارات التي قد تبدو بسيطة، تحتاج فعلياً لتركيز وتروٍ؛ لما لها من آثار طويلة الأمد، وهذا ما ينطبق على القرارات العائلية المصيرية.