يرتكب مئات المراهقين والمراهقات الكثير من الأخطاء الاجتماعية، ويتحدون الأعراف والتقاليد تحت تأثير الحب اليافع غير الناضج، وغالباً ما يدفعون ثمناً باهظاً من أمنهم وحياتهم.
وأحد أسباب هروب الفتيات المراهقات إجبارهن بسن مبكرة على زواج مدبر لا يتمتعنّ بسببه من حرية اختيار شريك العمر عن حب وقناعة.
وتعاني الفتيات القاصرات في نيبال من ارتفاع نسب زواجهن بالإكراه بموافقة ومباركة عائلاتهن.
وواحدة من هؤلاء الفتيات الهاربات من ذويهم للزواج عن حب بدلاً من زواج تقليدي مدبر ومتفاهم عليه بين عائلتين، الشابة النيبالية آشا شارتي كاركي، فماذا حصل لها ولغيرها عندما فرت من عائلتها وزواجها المدبر؟
فرار الفتيات لا يحل مشكلة زواج القاصرات في نيبال
وفق وكالة «الصحافة الفرنسية»، كان والدا آشا شارتي كاركي يظنان أنها تدرس عندما فرت مع حبيبها للاقتران به، فعلى غرار الكثير من المراهقين النيباليين، اختارت الشابة زواج الحب وليس المدبر، في تطور مجتمعي لا يسهم في حل المشكلات المرتبطة بالزيجات المبكرة.
وتقول الشابة البالغة 20 عاماً الآن، في منزلها في منطقة سورخيت في غرب البلاد: «كانت تسري شائعات كثيرة بشأننا في البلدة مع خلافات في المنزل. شعرت أنه لا خيار لي غير الفرار».
صغيرة جداً على الزواج... خذلت نفسي ومستقبلي
وبُعَيد زواجها اضطرت آشا شارتي كاركي إلى مغادرة المدرسة للاهتمام بالمنزل، وحملت سريعاً.
وقالت: «كنت في السادسة عشرة فقط، كنت صغيرة جداً لأعرف تبعات ما أقوم به، كذبت على أهلي وهربت، لكن في الحقيقة خذلت نفسي ومستقبلي».
وأضافت: «عندما ألتقي صديقاتي الآن أتساءل ما كنت لأحققه لو لم أتزوج».
والعلاقات الغرامية بين المراهقين غير مقبولة اجتماعياً في نيبال البلد الريفي بامتياز، فيشعر العشاق الشباب أن الفرار للزواج هو السبيل الوحيد لإضفاء طابع شرعي على علاقتهما.
وتهرب بعض الفتيات لتجنب زيجة مدبرة أو الإفلات من الفقر أو الأعمال المنزلية التي تُفرض عليهن في المنزل.
ونادراً ما تبلغ السلطات بزيجات القصر؛ إذ إن العائلات لا تقوم بإجراءات إلا إذا كانت تعارض بقوة بعض الزيجات، خصوصاً بين أشخاص من طبقات اجتماعية مختلفة.
ويقول كريشنا براساد بوسال، المسؤول في وزارة شؤون المرأة والأطفال والمسنين: «يجب تعزيز التوعية، ومن المهم أن يدرك القصّر أن النشاط الجنسي لا يعني الزواج».
وتشارك آشا شارتي كاركي في برنامج توعية لمنظمة «في أس أو نيبال» غير الحكومية البريطانية، وتأمل مساعدة فتيات أخريات على تجنب اتخاذ قرارات متسرعة.
وتروي قائلة: «أقول لهن إنهن غير مضطرات إلى الزواج وأن يتعلمن من أشخاص مثلي لعدم ارتكاب الأخطاء نفسها».
وهي تؤدي بذلك دور «الشقيقة الكبرى»، وقد أقنعت بصفتها هذه إرادانا نيبال «17 عاماً» بهجر زوجها العنيف والعودة إلى المدرسة.
وكانت هذه الأخيرة في سن الثالثة عشرة عندما فرت مع صبي بالكاد تعرفه؛ إذ إن علاقتهما أصبحت محط شائعات، وبعد الزواج اكتشفت أنه يتعاطى المخدرات، وقد أبرحها ضرباً مدة شهور. وتقول: «لقد ارتكبت خطأً، لكني أنقذت حياتي بخروجي من هذا الزواج».
رغم حظر زواج القصر قبل 50 عاماً في نيبال.. يتم فيها زواج الأطفال بالإكراه!
وكانت «نيبال» قد حظرت قبل خمسة عقود زواج القصّر، وحددت سن الزواج القانوني بعشرين عاماً، لكن تسجل في هذا البلد الفقير في جنوب آسيا إحدى أعلى نسب زواج الأطفال، ولا قيمة قانونية لهذه الزيجات إلا أنها تبقى واقعاً.
نصف نساء نيبال تزوجن قبل سن الـ18
وجاء في إحصاء رسمي أُجري العام 2016؛ أن نصف النساء النيباليات تقريباً بين سني 25 و49 عاماً تزوجن قبل بلوغهن الثامنة عشرة.
وفي هذا المجتمع المحافظ، عادة ما يدبر الأهل الزيجات ويرغِم الكثير منهم أبناءهم على الزواج لأسباب ثقافية، أو لكي يتخلصوا من عبء إعالتهم.
قلق متزايد من ظاهرة فرار القصّر للزواج
وتشهد هذه الممارسات تراجعاً، إلا أن المدافعين عن حقوق الأطفال يعربون عن قلقهم من العدد المتزايد للقصّر النيباليين الذين يفرون للزواج بعد وقوعهم بالحب، رغم صغر سنهم.
الفتيات الهاربات من أجل الحب والزواج يخسرنّ الكثير
ويفيد هؤلاء بأن زيجات الحب بين قصّر تطرح المشكلات نفسها كما لو كانت مدبرة، ومنها احتمال التسرب المدرسي والعنف الأسري ومشكلات الصحة وغير ذلك، وتفقد الفتيات خصوصاً الدعم العائلي عندما يهربن للزواج.
ويقول أناند تامانغ من منظمة «غيرلز نوت برايدز» التي تُعْنَى بوضع حد لزيجات القصّر: «هذه الممارسة تشكل تحدياً بالنسبة لنا وللحكومة كذلك. يمكننا أن نتحدث بالأمر مع الأهل، لكن من الصعب إقناع الشباب من صبيان وفتيات عندما يتزوجون بملء إرادتهم».