اختارت الشابّة التونسيّة سارة حابة (32 سنة) ابنة مدينة المحرص في محافظة صفاقس، وهي رحّالة وخبيرة مختصّة في طريقة التعليم بمنهجية «مونتيسوري» (نظام تعليمي عالمي لتطوير قدرات الأطفال)، أن تقوم برحلة فريدة إلى المملكة العربيّة السعودية لأداء مناسك العمرة.
أطلقت سارة المقيمة بفرنسا والحاملة لجنسيتها، على هذه الرحلة اسم «cycling to mecca»، وروت تفاصيلها على صفحة خاصّة أنشأتها على فيسبوك، بالاسم نفسه، وعرضت من خلالها مختلف المواقف التي عاشتها في طريقها إلى مدينة مكة.
وبعد رحلة دامت 44 يوماً على متن دراجتها الهوائية، قطعت خلالها مسافة 3300 كلم بمفردها، وصلت الرحالة إلى مدينة بورتسودان الواقعة شمالي شرقي السودان، على الساحل الغربي للبحر الأحمر، قبل مواصلة رحلتها بواسطة الباخرة نحو مدينة جدّة بالسعودية ومنها إلى مكّة المكرّمة.
نقطة البداية
في تصريح لجريدة «الشروق» التونسيّة روت سارة تفاصيل هذه الرحلة التي انطلقت من القاهرة منذ بداية شهر نوفمبر تشرين الثاني الماضي، على متن درّاجتها الهوائيّة التي تحمل اسم «مرزوقة» (صفة تطلق في تونس على من يرزق من حيث لا يعلم).
وعن دوافع هذه الرحلة قالت الشابّة إنّها أرادت أن تعيد ذات التجربة التي قام بها جدّها منذ عشرات السنوات، واختارت أن تسلك ذات الطريق التي سلكها لأداء مناسك الحج، انطلاقاً من تونس إلى مكة المكرمة سنة 1962، غير أنّها اضطرت للانطلاق من القاهرة بسبب الأوضاع الأمنيّة في ليبيا.
رحلة طويلة ومحطّات عديدة
اختارت سارة أن تسافر نهاراً لتتجنّب المبيت في أماكن خالية ليلاً، ومن القاهرة إلى الفيوم إلى بني سويف، مروراً بأسيوط وسوهاج وسواكن السودانية، مدنٌ وقرى عديدة، مرّت بها سارة في هذه الرحلة الفريدة، عاشت من خلالها مواقف كثيرةً.
ذاع صيت سارة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً بعد أن قام دارجان مصريان بنشر صور لها على صفحات خاصة بعشّاق هذه الرياضة، فأصبحت الفتاة تلقى ترحيباً من هؤلاء في بعض المدن التي تمرّ بها، إذ يهرعون لتقديم المساعدة لها ومشاركتها جزءاً من الطريق.
ولم تكن الرحلة خالية من المتاعب، فكما روت في تصريحاتها الإعلاميّة، حدث أن انقطعت السلسلة الحديدية لدرّاجتها فاضطرت للتوقّف واصلاحها بنفسها، كما أنّها تعرّضت حسب روايتها في إحدى المرات إلى الاعتداء بالحجارة، من قبل بعض النسوة اللواتي طاردنها بعد أن أصابهنّ الهلع من لباسها ونظارتها الشمسيّة الخاصة بالدراجات الهوائيّة.
من السودان إلى السعوديّة
في القسم الثاني من رحلتها اختارت الرحالة التونسية أن تركب الباخرة من مدينة بورتسودان في السودان، على الساحل الغربي للبحر الأحمر، باتجاه مدينة جدّة.
لتكون سارة بذلك أوّل من دخل التراب السعودي عبر ميناء جدّة، بنظام التأشيرات السياحية، وعلى الرغم من أنّه لا يسمح للسياح بالدخول إلا من معابر محدّدة، ولم تكن جدة من بينها، فقد تمكّنت من عبور الميناء بجدة من دون تعقيد في ساعات قليلة.
في اليوم الموالي قصدت الشابة التونسية مدينة مكة المكرمة أين التقت شقيقها القادم من فرنسا لأداء العمرة، وتقول الرحالة التونسية عبر صفحتها على الفايسبوك إنها فوجئت بالحفاوة الكبيرة التي لقيتها بالمملكة السعودية.