يعود تاريخ صباغة الخيوط إلى عصور قديمة، ويقول البعض إنه يرجع إلى العصور الفرعونية؛ حيث اكتشفت مادة الكبريتات التي كانت تستخدم في صباغة وتبييض الأقمشة.
تطورت الصبغات وطرق الصباغة بتطور العصر؛ فأضيفت مواد كيميائية أخرى، وظهرت طرق صباغة جديدة، بالإضافة إلى تطور الصناعة نفسها في التصميم، مثل مزج الألوان لتخرج خيوط ممزوجة بمجموعة من الألوان المتداخلة.
إلا أن بعض الحرفيين القدماء حافظوا على الأساليب التقليدية لهذه الصناعة، وبالأخص في مصر؛ ففي القاهرة، يحافظ سلامة محمود سلامة «83 عاماً»، الذي يملك واحدة من آخر المصابغ اليدوية في العاصمة المصرية، على حرفته وينقل خبراته من جيل إلى جيل، وتعد مصبغته واحدة من القلة الباقية من المصابغ اليدوية في المدينة، والتي كان عددها في الأصل 23 مصبغة.
صباغة بالطرق الفرعونية
ولعل أهم ما يميز هذه المصبغة؛ كونها حافظت ونقلت طرقاً قديمة و«بلدية» كما يقال، في الصباغة؛ فمنذ نشأتها عام 1901، اشتغلت في جميع أنواع الخيوط، التي تستخدم في صناعة النسيج أو في صناعة الأحذية اليدوية أو في الكليم أو السجاد، من الحرير إلى البوليستر والصوف.
ويعمل في المصبغة حالياً مجموعة من العمال، لا يتجاوز عددهم أصابع اليد، ويوضح سلامة أن عمل مصبغته معروف على نطاق مصر والدول الأخرى؛ فيقول: «زبائننا يأتون من كل أنحاء مصر ومن السودان، كما أن هناك سيدة تأتي إلينا من الولايات المتحدة»، لكنه يأسف للمنافسة التي تلقاها صناعة النسيج المصري من المنتجات الصينية المماثلة.
ويوضح سلامة أن الزبائن يأتون إلى مصبغته لأنه يستطيع أن يتعامل مع أية كمية من الخيوط؛ صغيرة كانت أم كبيرة؛ ففي حين أن المصابغ الصناعية تتعامل مع نصف طن من الخيوط كحد أدنى، يستطيع هو أن يصبغ كيلوغراماً واحداً أو نصف كيلوغرام.
عملية صباغة الخيوط
تتم صباغة الخيوط بعد غزلها؛ حيث تكون على هيئة شلل أو بكر؛ فتتغلغل الصبغة إلى داخل الخيوط كما في حالة صباغة الشعيرات، ويطلق على الأقمشة المنسوجة من خيوط مصبوغة «Skein dyed» أو «Yarn dyed» حسب شكلها أثناء الصباغة.
يقوم العمال في أجواء تعبق ببخار الماء ورائحة الأصباغ الكيميائية، بتفكيك الخيوط الطويلة ويضعونها على عصي خشبية، ثم يغمرونها في أحواض كبيرة مملوءة بالماء الساخن الممزوج بالألوان، ثم يتم وضع بعض الملح لتثبيت اللون عليها، ثم يقومون بتصفية الخيوط من الماء، قبل عصرها في آلة كهربائية؛ ليتم تعليقها بعد ذلك في الهواء لتجف.
وتختلف طرق الصباغة تبعاً لنوع الألياف المراد صباغتها وتبعاً لنوع الصبغة المستعملة، كذلك تختلف صباغة الخيوط عن صباغة المنسوجات.
تعد الأصباغ الطبيعية أول ما استعمله الإنسان من صبغات، وكانت مصادرها النباتية جذور النباتات أو بذورها، كما استعملت بعض الحشرات كمصادر حيوانية، أما المصادر المعدنية فكانت مياه الآبار الطبيعية، ولكن هذه الصبغات الأخيرة كانت تسبب ضعفاً للألياف.
وتقسم تبعاً لاستخدامها إلى المجموعات، منها: أصباغ الخلات، الأصباغ الحمضية، الأصباغ القاعدية، الأصباغ المباشرة، أصباغ نفتول أو أزويك، وغيرها الكثير، ولكل منها ميزات تفرقها عن غيرها، إما من حيث السعر، أو جودة اللون.
أقدم نسيج ملون في العالم
نشر موقع لايف ساينس المختص بالعلوم في عام 2016، أنه قد تم اكتشاف أقدم نسيج مصبوغ باللون النيلي في بيرو؛ مما يعني أن استخدام هذا التلوين الأزرق يعود إلى ما لا يقل عن 6200 عام.
وفي السابق، كانت أقدم عينة من النسيج الأزرق المصبوغ تعود إلى حوالي 4400 عام، واكتشفت في مصر، بالإضافة إلى نصوص تشير إلى الصبغة الزرقاء، تعود إلى حوالي 5000 عام في الشرق الأوسط.