اشتهرت مدنٌ عديدة حول العالم بصفات خاصة، جعلت لها طابعاً مميزاً عن غيرها من المدن، فمنها ما اشتهرت بفن العمارة، والأبنية ذات التصاميم الفنية الحديثة، ومنها ما عرفت بتضاريسها الطبيعية، ومنها ما عرفت بأبراجها التي تعانق السحاب، وفي بعض الأحيان كان للطقوس التي يعيشها أهلها دورٌ في اكتسابها شهرة معينة، في هذا التحقيق سنسلط الضوء على مدن عريقة، سميت بالمدن الملونة، امتزجت فيها الأبنية والشوارع بالفن والألوان الزاهية، وتلونت أبنيتها وأحياؤها بألوان متنوعة، أو بلون واحد مبهج؛ لترسم أزقتها وأبنيتها لوحة متناهية الجمال في أحضان الطبيعة المحيطة، ولتجعل منها مقصداً للسياح من كل مكان.
أسرار بعض المدن العربية الملونة
المدينة الزرقاء (شفشاون)
بشمال المغرب، على سفوح جبال الريف، تأسست مدينة شفشاون عام 1470م، على يد ابن رشد، مدينة بطرقات ضيقة وأبنية مطلية جميعها باللون الأزرق، أطلق عليها اسم «المدينة الزرقاء»، وتعد واحدة من أجمل مدن العالم، شيدت لإيواء المسلمين الذين طردهم الإسبان، وظلت مغلقة بعد سقوط الأندلس.
ويعود اختيار لونها الأزرق هذا إلى روايات قديمة؛ تقول إن اليهود المغاربة هم من اختاروا لها هذا اللون قبل مجيء المسلمين إليها، فاللون الأزرق مذكور في التوراة، ويرمز للقدسية والتوازن، فهو يحاكي السماء لتذكيرهم بالله دوماً.
والسر في هذ اللون الأزرق الزاهي، الذي يستخدمه السكان لطلاء كل ما في المدينة؛ يعود لمزج الجير بمادة النيلة الزرقاء، التي كانت تستخدم في غسل الملابس.
وقد شهدت المدينة إقبالاً كبيراً من السياح في الستينيات.
المدينة الحمراء (مراكش)
عاصمة الملوك أو المدينة الحمراء، اعتمد سكانها على اللون المائل إلى الأحمر الآجوري، في طلاء أبنيتها وأسوارها. وأوصي بالالتزام باستخدامه في النصوص القانونية للبلاد.
فاكتست المدينة بأحيائها الفقيرة والغنية على حد سواء، بدرجات اللون الأحمر.
ويرجع السر في اختيار هذا اللون، إلى أن سكانها أرادوا التخفيف من درجات الحرارة العالية في المدينة، فاستخدموا اللون الأحمر؛ لقدرته على امتصاص الضوء القادم من السماء، ما يؤدي إلى تخفيف حرارة الجو.
ويمكن لسكان المدينة اختيار درجة بين تسعة أنواع من اللون الأحمر المستخدمة.
وقيل عن مراكش: «المدينة الحمراء، الفسيحة الأرجاء، الجامعة بين حر وظل ظليل وثلج ونخيل».
أشهر المدن الملونة في العالم
بوسيتانو - إيطاليا
مدينة على ساحل «أمالفي» في كامبانيا – إيطاليا، واحدة من أفضل الوجهات الرومانسية في إيطاليا، وواحدة من أهم قرى ساحل أمالفي للزيارة، عرفت قديماً كقرية لصيد الأسماك، ولكنها ما لبثت أن اشتهرت بين الكتاب والفنانين في عام 1950، لتصبح اليوم وجهة سياحية شهيرة تضم المنازل الملونة والعمارة الهندسية المذهلة والزهور الخلابة، علاوة على مناخها المعتدل.
هافانا - البحر الكاريبي
عاصمة كوبا، من أجمل المدن في منطقة البحر الكاريبي، تنتشر بها السيارات الكلاسيكية، وتشتهر بمبانيها الملونة التي تعود للقرنين السادس عشر والسابع عشر، وقد كانت الألوان في الأول تقتصر على الأزرق والأخضر، إلا أنها بعد ذلك شملت كل الألوان الأخرى، وتم إدخال الزجاج والنوافذ الملونة في القرن التاسع عشر. وتعد هافانا مقصداً للكثير من السياح؛ لما تتوفر بها من مبانٍ تاريخية وفنادق ومنتجعات فخمة ومناظر طبيعية رائعة.
لابوكا - الأرجنتين
أحد أشهر أحياء العاصمة «بوينس آيرس» في الأرجنتين، يقيم فيه المهاجرون الإيطاليون، تتكون شوارع المدينة كلها من الأبنية البسيطة الملونة مع التماثيل واللوحات الصغيرة.
من أهم المراكز الثقافية والسياحية في المدينة، فهو متحف فنون في الهواء الطلق، في الشوارع المرصوفة بالحصى والبيوت ذات الألوان الزاهية والأعمال الفنية الأصلية من جميع أنحاء العالم.
نيهافن - الدنمارك
تقع المدينة في «كوبنهاجن» بالدنمارك، وهي قناة مائية خلابة ترسو بها السفن الملونة، وهي متماشية مع المباني الملونة التي تتميز بها المدينة.
ويعد حي نيهافن من بين أجمل وأشهر الشوارع الموجودة في العاصمة الدنماركية، بني في القرن السابع عشر، ويتميز بموقعه الجغرافي الرائع؛ حيث يطل على عدة قنوات مائية.
كولمار- فرنسا
تقع المدينة بين فرنسا وألمانيا، وتحديداً في إقليم الألزاس، وتعتبر من بين أجمل المدن الفرنسية، وتشتهر بقنواتها المائية الرائعة، وجسورها التي تعبر فوق نهر اللاش، وقد تمت تسميتها بالبندقية الصغيرة؛ نظراً للتشابه الكبير بينها وبين مدينة البندقية الإيطالية. وتنتشر في مدينة كولمار العديد من البنايات التاريخية مثل الكنائس والمتاحف والمعارض والمنازل الملونة الخشبية، التي تعود إلى القرن السادس عشر، والتي تضفي سحراً خاصاً على المدينة.