الرحلة إلى عالم المعرفة وكسب حس لغوي أفضل وتفوق دراسي مميز، تبدأ بتعلم القراءة والتعود عليها، وللأسف الأمر لم يعد سهلاً أمام ازدهار العالم بمصادر للمعلومات بشكل سهل وأكثر جاذبية. ولكن يبقى للآباء دورهم في إيجاد طرق لجذب الطفل للقراءة. معنا يعقوب الشاروني أستاذ أدب الأطفال وصاحب أكبر رصيد في قصص الأطفال، والحاصل على العديد من الجوائز.
القراءة والكتاب
هي البوابة الأولى إلى عالم المعرفة، قالوا: إن الإنسان القارئ تصعب هزيمته، حياة واحدة لا تكفي، أندر من الكتاب.. القارئ الجيد، القراءة نافذة نتطلع من خلالها إلى العالم، الكتب هي ثروة العالم المخزونة، وأفضل إرث للأجيال القادمة بيت بلا كتب جسد بلا روح ، المطالعة للنفس كالرياضة للجسم، الكتاب مرشد في الصغر وتسلية في الكبر ورفيق في العزلة، قل لي ماذا تقرأ، أقل لك من أنت! ونقول: لازال للقراءة أهميتها في عصر كثرت فيه عناصر التشويق والترفيه والألعاب الساحرة.يت بلا كتب جسد بلا روح
السنوات الأولى من عمر الطفل هي الحاسمة في تكوين وتشكيل رغباته وميوله واتجاهاته، والرغبة في القراءة عادةٌ تكتسب ولا يولد بها الطفل؛ فهي تمده بالقدرة على التجمل وبعد النظر، تنمي لديه ملكة التفكير السليم وترفع مستوى الفهم، كما تساعده على بناء نفسه وتعطيه القدرة على حل المشكلات التي تواجهه، وغرس حب القراءة في نفس الطفل ينطلق من البيت، والوسائل الفعلية لجذب الطفل للقراءة كثيرة.
هل تعلمين أن الطفل يستفيد من القراءة وهو مازال جنيناً في بطن أمه في الشهر السابع.. وسرد الحكاية شيء ممكن في بداية حياة الطفل الرضيع، وهو بطبيعته يميل إلى تقليد الكبار، والآباء ذاتهم لا بد أن يتعودوا على القراءة بشكل يومي، «لي أم تقرأ لي»، جملة.. دعي طفلك يرددها على أصحابه، البيت به مكتبة صغيرة أو كبيرة، الأب أو الأم من المحبين للقراءة.. والطفل عندما يرى أباه أو أحد أفراد أسرته يقرأون ويتعاملون مع الكتاب؛ فانه يقلدهم ويمسك بالكتاب ويبدأ علاقة معه وإن لم يكن يعرف القراءة بعد.
اجعلي الكتب جزءاً من البيت
نعم، أدمجي الكتب في بيئة طفلك منذ مولده لتعويده على رؤيتها وتصفحها وحبها، اشتركي في إحدى المجلات والكتب التي تتناسب وعمر الطفل لينتظرها الطفل بشغف، اجعليه يتعود على أن يمسك الكتاب ويتصفحه، وأن تصبح كتبه الخاصة متوفرة أمام عينيه، واهتمي بجعل طفلك يستأنس بالكتب المصورة منذ نعومة أظافره كجزء من حياته ومعيشته، الطفل ابتداء من سن الثانية يستطيع متابعة أحداث القصة المدعمة بالصور، واحرصي على إنشاء مكتبة بالبيت حتى يتعود على احترام الكتب، وتتحفز رغبته في إنشاء مجموعة خاصة به وحده دون التدخل المباشر في ميوله الخاصة.
خصصي وقتاً للقراءة مع طفلك
أشاركك الرأي بأن الحياة بدأت تزخر بمصادر لمعلومات أكثر جاذبية من الكتاب، لكن لا بد من تحفيز الآباء لجذب الطفل للقراءة، باختيار المكان المناسب، وتخصيص وقت محدد لها.. بالتركيز على الكتب المصورة في السنوات الأولى كعامل مساعد يجذب الطفل، مع احترام حق الطفل في الرفض والامتناع، أوعدم تكملة القصة وتخطي الصفحات التي لا يرغب في قراءتها، وكوني صبورة ولا تنتظري نتائج فورية، واعرفي أن الإجبار يفقد الطفل المتعة.. ويحفزه على تركها في أول فرصة تتاح له، كما أن مساعدته على القراءة هدية سوف تثري حياة الطفل أكثر من أي شيء؛ خاصة في سنوات دراسته الأولى؛ مما يشكل دعماً معنوياً ونفسياً للطفل.
اربطي القراءة بهواية طفلك
بداية من سن السابعة والثامنة يمكن للوالدين إهداء الابن الكتاب المرتبط بهوايته، رياضة كانت أو رسماً أو أدباً، شرط أن يحمل مضموناً تربوياً مناسباً لعمره الزمني والعقلي، وأن يلبي احتياجاته القرائية، بإخراج جميل وألوان وأحرف مناسبة وصور جذابة، وما رأيك فى تشجيع طفلك على تكوين مكتبة صغيرة خاصة به تضم اختياراته وحده من الكتب والقصص؟ ولا مانع من اصطحابه معك للمكتبات التجارية ليختار ويشتري ما يريد؛ فيعيش جو القراءة وتنمو علاقته بالكتاب بشكل فعّال.
القراءة بالتدريج
وليكن الكتاب أو القصة الأولى عبارة عن صفحة وصورة وكلمتين، ثم صورة وأربع كلمات، ثم سطر.. مراعاةً لسن الطفل واحتياجاته، وليتك تلبين رغباته فيما يحب، مثل: قصص الخيال والمغامرات، أو قصص الحيوانات والأساطير، ولا تجبريه على قراءة موضوعات أو قصص لا يرغبها، ولا تتعجلي أن يقرأ طفلك وحده.. خذيه تدريجياً؛ وتابعي0معه حتى ولو كان يعرف القراءة؛ فأنت بذلك تغرسين حب القراءة في نفسه، واقرئي له القصة التي يختارها حتى لو كانت لا تعجبك ومللت من قراءتها.
لطريقة القراءة طعم خاص
دور الأم كبير في جذب الطفل للقراءة؛ إذ عليك القراءة المعبرة.. بمعنى تمثيل المعنى واستعمال أصوات مختلفة، اجعلي من حصة القراءة وقتاً ممتعاً مرحاً، وبعدها ناقشي طفلك فيما قرأته له، واحرصي على إلقاء بعض الأسئلة، وحاوريه فى المضمون بشكل مستمر، واجعلي القراءة روتيناً يومياً، أو مرتين كل أسبوع، ولا تنسي استغلالالمناسبات لتقديم الكتاب لطفلك كهدية.. وتأكدي أن هذه الأوقات ستكون جزءاً من ذكريات طفولتهم.
للقراءة شروط خاصة
بل تتطلب جهداً ووقتاً وصبراً.. يسبقه وعي وإدراك بقيمة ما يتعَبُ الوالدان من أجله؛ فترسيخ عادة حب القراءة في قلب الطفل، يعد هدفاً تربوياً، كلما بكرت به يكون أفضل، وتأكدي أن جذب الطفل للقراءة لا يفوت في المرحلة المتوسطة أو الثانوية من عمر الطفل. فكلهم في حاجة إلى سماع أو قراءة ما يسمو بأرواحهم وأخلاقهم، ويزرع في نفوسهم القيم الجميلة، ولا تقرأ لطفلك قصصاً أعلى من قدرته على الفهم، ومع القراءة سيتحسن مستواه، ولا مانع من شرح بعض المفردات الصعبة.
60% من إخفاقات ونجاحات الأنسان بفعل البيئة التي يعيش فيها، ليس هناك عمر محدد لتعلم حب الكتاب والقراءة، ابدئي بمجرد أن يبدأ طفلك اكتشاف الأشياء بحواسه من حوله، ولابد أن تكوني مسرورة بطلبه وتذكري أن الصغار لا يحبون الوعظ؛ فلا تكثري من تنبيههم بما تحويه القصة من موعظة، ولا تبالغي أيضاً في أسئلتك بعد القصة أو مطالبتك لهم بعمل تلخيص؛ حتى لا تصبح القراءة من أثقل المهمات على نفس الصغير.
أشركي حواس طفلك
المختلفة بشراء الكتب التي تصدر الأصوات بالضغط، والتي تحتوي خاصات اللمس، وكما علمت طفلك الكلام لأول مرة، علميه كيف يقرأ الكلمات ثم الجمل الكاملة، وتذكري دوماً أن حب القراءة يفتح الباب واسعاً للرقي العقلي والروحي للطفل، ويعطيه القدرة على التخيل وسعة الأفق والثقة بالنفس، وكيفية التعامل مع من حوله، ودورك التوجيه والإرشاد والتشجيع.