تلبية لشعار «خليك بالبيت»، الذي بات واقعاً حياتياً لدى الكثير من العائلات العربية في زمن انتشار فيروس كورونا، يؤكد محمد الضاحي (أخصائي إعلام في مجلس النواب في البحرين) في حديثه عن يومياته وعائلته خلال هذه الظروف، أن «العزل المنزلي الذي نلتزم به اليوم جاء تلبية لنداء «خليك بالبيت» من أجل سلامتنا جميعاً، ومن أجل إنجاح حملتنا الوطنية «كلنا ضد كورونا» لفريق البحرين التي يقودها الفريق الوطني برئاسة سمو ولي العهد».
الحجر المنزلي لإعادة ترتيب أولويات الحياة
قبل أن يتطرّق محمد الضاحي إلى قصة الحجر المنزلي الذي يقضيه مع زوجته سعاد بو علي وبناته الـ3: نوف ( 18 عاماً- طالبة في نهاية المرحلة الثانوية)، نورة (10 أعوام- الصف الخامس الابتدائي)، ومناير (4 أعوام- صف الروضة) يؤكد أنه «لا بدّ من وقفة احترام وشكر لما تقوم به الحكومة البحرينية من خلال تسديدها فواتير الكهرباء والماء لمدة 3 أشهر وتأجيل دفع الأقساط لمدة 6 أشهر، وهو قرار صائب وحكيم، وأتمنى من باقي الحكومات العربية القيام بمثل هذه الخطوة في ظل الأوضاع الصعبة التي يمرّ بها العالم العربي والأسر العربية بشكل عام».
أما عن الحجر المنزلي مع عائلته، فيقول محمد الضاحي إن «هذا الموضوع ليس تجربة سهلة على المواطن البحريني أو الخليجي، خاصة وأننا معتادون مثل كل العائلات البحرينية على السفر كل نهاية أسبوع إن كان إلى دبي، الكويت أو مسقط لزيارة الأهل، والعكس صحيح إن كان من خلال المشاركة، والحضور في عدد من المناسبات العائلية.
لا شكّ أن الحجر المنزلي ساعدنا في إعادة ترتيب الأولويات في حياتنا العائلية، ومنحنا فرصة لحماية أنفسنا وأفراد أسرتنا وجعلنا مضطرين إلى تغيير نمط الحياة بشكل مختلف لم نعتَدْ عليه في السابق، ولكن هذا الموضوع فجّر لدينا حبّ التواصل والخوف على جميع أفراد العائلة، وللأسف أقول إن هذا الشعور كنا قد فقدناه في الأيام الماضية نتيجة زحمة الضغوطات الحياتية والانشغالات اليومية».
يوميات كورونا: خصّصت غرفة في المنزل للعمل
حول يومياته في زمن كورونا، يقول محمد الضاحي الذي يعتبر أن عمله في مجلس النواب منذ أكثر من 18 عاماً جزء من شخصيته، إنه اجتمع مع أفراد أسرته وأخبرهم بأن عمله ومسؤوليته ستكون مهمة جداً من خلال نظام الـ«أون لاين» من المنزل.
يضيف محمد قائلاً:
يبدأ دوام عملي من الساعة الـ7 صباحاً، وحتى الـ3 بعد الظهر، وقد خصّصت غرفة بالمنزل للعمل الذي أقوم به وكأنني في المكتب. وبالطبع يجب أن أشرب قهوتي الصباحية التي أعدّها بنفسي قبل البدء بالعمل، ومن ثم أبدأ بتحميل الصحف وتصفحها جميعها، وهذا العمل يستغرق مني 3 ساعات يومياً، ثم أبدأ بتحليل المواضيع المهمة والتعقيب عليها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والردّ على اتصالات النواب، المواطنين وزملاء العمل والتواصل معهم. عند الساعة الـ10 تدخل مناير (ابنتي الصغيرة)؛ لتعلن أن الفطور بات جاهزاً وهو من إعداد زوجتي والبنات.
بعدها أعود لمتابعة العمل في الغرفة المخصّصة لذلك، وأودّ أن أشير إلى نقطة مهمة جداً خلال الحجر المنزلي وهي اجتماع أفراد الأسرة إن كان على الفطور أو الغذاء أو حتى العشاء، وهذا الأمر كان غائباً في السابق خاصة وأنني عندما أعود إلى المنزل يكون قد حلّ وقت النوم عند البنات، وفي الصباح لا أتمكّن من رؤيتهن بسبب توجّههن إلى المدرسة.
باتت العائلة تعيش مع بعضها البعض، وتتشارك كل النشاطات في المنزل وتتناول الفطور والغداء، ومن هنا زاد الإحساس والشعور بأهمية العائلة وبالخوف عليها وعلى سلامتها. لقد تعرّفت عن قرب على الجهد الذي تبذله زوجتي من خلال قيامها بالأعمال المنزلية اليومية والطبخ... وأمور كثيرة منها الاهتمام بدراسة البنات، اصطحابهن صباحاً إلى المدرسة...
لذلك أعود وأقول إن الحجر المنزلي نافذة شاهدنا من خلالها مدى الجهد الذي تبذله كل سيدة داخل وخارج المنزل والذي لم نكن نعرفه.
اليوم أصبحت أشارك البنات اللعب والمرح والقراءة وممارسة بعض الهوايات كالرسم على الجدران، وأعدّ لهم بعض وجبات الطعام الشهيّة، كما أنني أنصرف ليلاً إلى القراءة التي لم يكن لديّ وقت في السابق للقيام بها».
الزوجة سعاد: لمّ الشمل
أما الزوجة والوالدة سعاد فتقول في حديثها: «إنه بغض النظر عن زيادة المصاريف الكبيرة خلال الحجر المنزلي، ولكن الإيجابي في الموضوع تواجد كل أفراد العائلة في المنزل، لذلك أعتبر أن الحجر المنزلي قد ساهم إلى حدّ كبير في لمّ الشمل».
معنى الحرية التي فقدناها
حول الرسالة التي يوجّهها محمد الضاحي وزوجته للعائلات التي تمرّ بالتجربة ذاتها يشيران إلى «ضرورة التوضيح للأبناء أن الحجر المنزلي هو لحمايتهم وسلامتهم واستمرار حياتهم، بالإضافة إلى التزامهم بكل سبل وطرق الوقاية والنظافة الصحية، حثّهم على الحصول على المعلومات من القنوات الرسمية فقط، بالإضافة طبعاً إلى التزامهم بالتباعد الاجتماعي والتواصل العائلي اليومي للاطمئنان، فهذه التجربة القاسية علّمتنا معنى الحرية التي فقدناها».
ويضيف محمد: «خلال وجودي في المنزل أقوم بالعديد من الأعمال التي لم أكن أزاولها بسبب ظروف عملي في الإعلام، والذي كان يستهلك كل يومي وأذكر منها صيانة المكيفات، معدات المنزل، غسل السيارات وتلميعها، وهذا الموضوع يذكّرني بأيام المراهقة، بالإضافة طبعاً إلى القيام بالزراعة في الحديقة مع العائلة».
جائزة يومية للطبق المبتكر
أما سعاد فتقول إن «الحجر المنزلي جعلني أقضي وقتاً طويلاً مع بناتي ومراقبتهن خلال فترة الدراسة الصباحية، بالإضافة إلى مشاركتهن مشاهدة التلفزيون واللعب معهن، وأنا اليوم أقدّم لعائلتي سلسلة «تعلّم الطبخ في الحجر المنزلي» من خلال تحضير أطباق شهية، وقد رصدنا جائزة يومية لكل واحد منّا يقدّم طبقاً مبتكراً مع العلم أن زوجي وبناتي يفوزون دائماً؛ لأنهم يأخذون المقادير من مواقع الطبخ. كما أنهم يعدّون الـ«بيتزا» المنزلية بشكل شهي جداً، بالإضافة إلى الكيك طبعاً في عيد ميلاد ابنتي الصغيرة مناير الذي تزامن مع الحجر المنزلي، كما أصبحنا نعدّ الغداء ونتناوله جميعاً عند انتهاء زوجي من العمل.
أما خلال السهرة فيحلو لزوجي والبنات تحضير الحلويات والـ«آيس كريم»، والتي نحتفظ بكمية معقولة من مكوّناتها تحسباً لأي طارئ مثل المواد الغذائية الأخرى، لأنني لا أحبّذ تخزين ما يزيد على الحاجة، كما أننا نقوم بتغيير ديكور المنزل، ممارسة الرياضة، التفصيل والخياطة للتخلص من الملل».
التحدي هو زيادة الأوزان
تقول سعاد: إن «بناتي يفتقدن جدَّهُنَّ وجدَّتَهُنَّ، وينتظرن انتهاء الحجر المنزلي بفارغ الصبر؛ لتحضير مأدبة طعام مبتكرة على شرفهما والارتماء وسط أحضانهما».
ويختم محمد وزوجته يومياتهما قائلين: «ويبقى التحدي هو زيادة أوزاننا جميعاً، لذلك ابتكرنا رياضة صعود الدرج ونزوله لعدّة مرات يومياً، بالإضافة إلى العمل اليومي في تعقيم المنزل والحديقة وكاراج السيارات، وتبخير المنزل يومياً بالبخور واللبان العماني، ونتمنى أن يبقى العمل من المنزل حتى بعد انتهاء كورونا؛ لأنه ساهم في لمّ شمل العائلات وعوّدنا على الاعتماد على أنفسنا، كما جعل الرجال يشاركون في أعمال المنزل».