وجود طفل من ذوي التوحد في الأسرة يتطلب الكثير من الجهد والصبر والإدراك والوعي من والديه؛ حتى يتمكن ذلك الطفل من اجتياز جميع التحديات والاندماج بشكل طبيعي في المجتمع، وهو ما ينعكس إيجابياً على الجميع. إنجاب الدكتورة عاتكة لطفلمن ذوات التوحد كان نقطة تحول حقيقية في حياتها حيث جندت نفسها في البحث والدراسة في مجال التوحد حتى باتت اليوم ناشطه إعلامية في مجال التوعية بالتوحد، وقائدة فريق روح التوحد التطوعي لأسر التوحد، ومهَّد لها ذلك الانضمام لعضوية العديد من المؤسسات والهيئات الفيدرالية العالمية للأمم المتحدة والحصول على الدكتوراه الفخرية في التوحد من فيدرالية الأمم المتحدة، وكذلك الدكتوراه الفخرية من جامعة بروكسل في الريادة والإبداع في التوحد.
بداية المعاناة

بعد إنجاب الدكتورة عاتكة الملا ابنتها ماجدولين، بداية المعاناة كانت مع مرض الصرع ورحلة البحث عن علاج والسيطرة عليه، وبعد ذلك بدأت في ملاحظة أعراض أخرى على مولودتها، وساهم اطلاعها وقراءتها عن التوحد في أن تقوم بنفسها بتشخيص إصابتها بالتوحد، وعن ذلك تقول: لكم أن تتخيلوا الوضع قبل عشرين سنة عندما اكتشفت إصابة ابنتي بالتوحد في تلك الفترة لم يكن هناك أي اهتمام بالتوحد بالمقارنة بالوضع الحالي وتطور الخدمات الصحية والمراكز والجمعيات ذات العلاقة بالتوحد، ولكن بفضل الله ساهمت معرفتي واطلاعي على التوحد في أن أقوم بتشخيص ابنتي بنفسي، ولكن عدم توافر مراكز ومستشفيات خاصة بالتوحد قبل 20 عاماً جعل مهمتي صعبة في إثبات صحة توقعاتي عن إصابة ابنتي ماجدولين بالتوحد، وهو ما قادني للقيام بالمزيد من البحث والقراءة حتى أملك إجابة لكل الأسئلة والاستفسارات التي أبحث عن الإجابة عنها، لم يكن تهمني معرفة أسباب الإصابة، بقدر معرفة نوع التوحد ودرجته، وما يمكنني أن أفعل، وإلى أين أتجه، وكيف أصل معها لبر الأمان.
علمتني ابنتي

وعن أبرز ما تعلمته الدكتورة عاتكة من ابنتها ماجدولين قالت: علمتني ماجدولين أن أتمهل في كثير من الأمور، وقبل أن أخطو أي خطوة أن أقوم بدراسة ذلك ألف مرة، وأن أسلك مساراً آخر في حياتي بعيداً عما كنت أتخيله. وتابعت الدكتورة عاتكة: ماجدولين صقلت روحي وليس شخصيتي فقط، وساهمت في أن أقترب أكثر من الله من أي مرحلة في حياتي، وكانت هي في بعض الأحيان تمثل لي السند؛ لذلك أعتبرها نعمةً من رب العالمين وهبني إياها، وهديةً لحياتي وطريقاً لي للجنة، ولكل أب وأم يشعران بالمعاناة مع ابنهما أو ابنتهما.
لحظات الفخر
وفي سؤال عن أكثر اللحظات التي شعرت فيها بالفخر بمادولين ، قالت: أكثر اللحظات التي أشعر فيها بالفخر على ما بذلته من جهد وتعب مع ماجدولين وأن تعبي لم يذهب سدى؛ هو عند مشاهدتي لردة فعل أي شخص يقدم لها شيئاً ما وتبادر بشكره، هنا أشعر بالفخر بالإنجاز وبجني ثمار ما غرسته.
رسالة للمجتمع
وفي رسالة موجهة من الدكتورة عاتكة ملا للمجتمع عبر سيدتي قالت : أتمنى من المجتمع الوعي والالتفات لفئة التوحد المعروف بالإعاقة الغامضة، وليس مطلوباً منكم القيام بالتعمق في ثقافة وفهم التوحد، المطلوب منكم فقط أن تمنحوهم الحب ، وعند ذلك سيحصل القبول ، باختصار: "كونوا عوناً لهم".
اقرأ المزيد : الصبر والإصرار في قصة أم لطفلين من ذوي التوحد