في عام 2007 تابعت مجلة سيدتي حكاية الطفلة البريطانية «مادلين ماكان» ذات الأعوام الثلاثة والتي اختفت في ظروفٍ غامضة أثناء سفرها مع والديها وأختها وأخيها في رحلة سياحية إلى منتجع Praia da Luz في البرتغال حيث كانوا يقضون عطلتهم السنوية مع ثلاث عوائل أخرى من الأصدقاء، وبعد ثلاثة عشر عاماً من اختفاء الطفلة تعلن الشرطة البريطانية اليوم عن عثورها على رجل ألماني يشتبه بوقوفه وراء اختفائها مع أدلة قوية ودامغة يمكن أن تحوله من حالة الاتهام والاشتباه إلى الإدانة.
جريمة غامضة واختفاء مريب
وتبدأ الحكاية في إحدى أمسيات شهر مايو \ أيار من عام 2007 عندما ترك الوالدان أطفالهما الثلاثة في غرفتهم الخاصة في الطابق الأرضي من الشقة السكنية في المنتجع البرتغالي، وذهبا لتناول العشاء في مطعمٍ لا يبعد أكثر من 120 متراً عن السكن وكانت الأم حريصة على الذهاب إلى الغرفة كل نصف ساعة من أجل تفقد أطفالها المستغرقين في نوم عميق ولكنها اكتشفتْ في المرة الأخيرة اختفاء طفلتها «مادلين» خلال وقت لا يتجاوز نصف الساعة ومنذ ذلك اليوم والشرطة البريطانية والبرتغالية والإسبانية تحاول جاهدةً العثور على أية قرينة أو دليل يساعد في الوصول إلى مكان الطفلة إذا كانت مخطوفة أو إلى جثتها في حال تعرضها للقتل، ولم تترك الشرطة مكاناً قد تكون وصلت إليه دون أن تفتشه سواء على الأرض أو تحتها أو في قاع البحر وحتى وصل بهم البحث إلى المغرب ولكنهم لم يعثروا على أي أثر للطفلة مادلين وكأنها تبخرت في الهواء، ورغم مرور كل هذه السنين لم تتوقف الشرطة البريطانية عن التحقيق الذي وصلت تكاليفه إلى أكثر من 11 مليون جنيه استرليني مع دعم غير محدود من الإعلام الذي استضاف الأبوين في برنامج تلفزيوني بريطاني حصد ملايين المتابعين، وبدورها قامت الإعلامية أوبرا وينفري باستضافتهما في حلقة كانت مثار اهتمام العالم كما عرضت «نتفليكس» Netflix فيلماً وثائقياً من ثمانية أجزاء عن اختفاء مادلين.
هل قتل هذا الرجل الطفلة مادلين؟
واليوم تعلن الشرطة عن عثورها على سجين ألماني يبلغ من العمر ثلاثة وأربعين عاماً تؤكد كثير من الأدلة على أنه المتهم الرئيسي في هذه القضية وهو يقضي حالياً حكماً بالسجن في ألمانيا لارتكابه جرائم جنسية حيث تؤكد سجلات الشرطة الألمانية على وجوده في نفس مكان اختفاء مادلين وبنفس التاريخ كما أنه يمتلك سيارتين كان قد نقل ملكية إحداها إلى شخص آخر بعد يوم من الحادث وأجرى اتصالاً هاتفياً مع شخص مجهول قبل وقت قصير من اختفاء الطفلة وقال (مارك كرانويل) الذي يقود التحقيق إن هذا الشخص المجهول مهم جداً بالنسبة للتحقيق؛ لأنه يعرف الكثير مما يمكن أن يفصح عنه، وقد أعلنت الشرطة عن بعض التفاصيل بشأن رقم هاتف المشتبه به والرقم الذي طلبه ووقت المكالمة على أمل أن يتقدم أي شخص يعرفه أو يكون على دراية ببعض الأمور التي تتعلق بالجريمة للإدلاء بأية معلومة قد تكون مفيدة في جمع أدلة الإدانة. وبدورها تشارك الشرطة الألمانية في التحقيق كون المتهم مسجون على أراضيها، وكان يتردد على البرتغال بين عامي 1995 و2007 ويبيت هنالك في شاحنة تخييم بيضاء اللون.
آخر فصول هذه الجريمة
وإذا ثبتت إدانه هذا الرجل بالأدلة القاطعة، فان هذا يعني إسدال الستار على آخر فصول هذه الجريمة التي شغلت بريطانيا والعالم وحيرت كبار المحققين في أربع دول، وأوصلت بعضهم إلى حالة من اليأس فيما اتهم محقق برتغالي كبير في وقت سابق والدي الفتاة باقتراف هذه الجريمة وأصدر كتاباً بهذا الشأن، ولكن الشرطة البريطانية لم ترفع يدها عن القضية ولم تستسلم رغم التكلفة الباهظة ويبدو أن الجهود قد أثمرت أخيراً وإن طال الوقت.
وستكون مجلة «سيدتي» مع قرائها في رصد آخر المستجدات في وقائع هذه الجريمة التي بدأنا بمتابعتها منذ يوم حدوثها عام 2007 وسنوافي القراء بكل ما يتعلق بدوافعها وكيفية حدوثها والسر وراء غموضها حال توفر المعلومات التي تصدر من مكاتب التحقيقات.