يبلغ فالنتيو، وهو من أوروبا الشرقية، الـ40 من العمر، ورغم أن عمله في الدولة، سائق حافلة، إلا أنه يعمل في وكر للدعارة؛ يصطاد ضحاياه من النساء بطرق شتى، والنتيجة وقوعهن في شرك الاستغلال الجنسي، يشاركه في إدارة هذا العمل، وتانيا، وهي من نفس موطنه، وذوالفقار، وهو آسيوي الجنسية، فما مصير هذه الشبكة التي تابعت «سيدتي نت» نشاطها من قسم الشرطة وكواليس المحكمة؟
ماريانا، شابة كانت هي السبب في اصطياد هذه العصابة، عندما دعاها فالنتيو لزيارة الإمارات في رحلة استجمام على نفقته الخاصة؛ بقصد استغلالها جنسياً، وعند وصولها قام ببيعها لإحدى السيدات التي كانت تعمل معهم، وهم لا يعلمون أنها أحد مصادر الشرطة، وبالفعل دفعت له مبلغ عشرة آلاف درهم باليد اليمنى، وقبضت عليه باليد اليسرى؛ ليتكشف للشرطة عصابة تتاجر بأعراض النساء؛ مستغلة عجزهن وحاجتهن للعمل من جهة، وضعفهن من جهة أخرى.
بدأت القصة عندما تم إبعاد 6 نساء من الإمارات، بجناية الاعتياد على ممارسة الدعارة، وجنحة هتك العرض بالرضا، هن في الأصل كن ضحايا لهذه العصابة التي قامت بإحضارهن إلى الدولة بتأشيرات زيارة مستخرجة باسم فالنتيو وباسم ذوالفقار، فيما كانت تانيا؛ ترتب المواعيد للرجال طالبي المتعة لممارستها مع أولئك النسوة.
وساطة
فالنتيو تحدث عن عمله في مجال الاتجار بالبشر قائلاً: الدعارة «بزنس» يدر ذهباً، وأنه بالفعل أحضر ماريانا من بلدها بعد أن اصطادها عبر أحد مواقع التواصل الاجتماعي، وعرض عليها المجيء عقب أن علم برغبتها الجامحة في زيارة الإمارات، وبالفعل أرسل لها تذكرة السفر والتأشيرة واستقبلها في مطار الشارقة الدولي، وأخذها إلى مقر سكنه، وفي يوم القبض عليه سلمها إلى نورة، دون أن يدرك أنه يسلم نفسه لقبضة العدالة، واستلم المبلغ؛ بل وأخبر نورة أن لديه نساء أخريات إن رغبت، وأنه يجلب نساء جميلات وبكل المواصفات للعمل في الدعارة.
فالنتيو تحدث لـ«سيدتي نت» عن بداية عمله في هذا المجال؛ قائلاً: «تعرفت على تانيا في قبرص التركية؛ حيث عرضت عليّ العمل في مجال الدعارة، وتولى ذوالفقار مهمة استخراج التأشيرة لي على شركته، وتم الاتفاق على أن تكون مهمتي جلب فتيات لاستغلالهن جنسياً من خلال أخذهن إلى المراقص وتصيد الزبائن، على أن تكون المبالغ المدفوعة بالتناصف بينهن وبين تاتيانا وذو الفقار».
كانت بحسب قوله أول الضحايا فتيات تواصل معهن عبر الشات من جزيرة مكاو الصينية، واستخرج لهن التأشيرات وتذاكر السفر؛ لافتاً إلى أنه والعصابة، كانوا يستغلون الفتيات لأنفسهم أيضاً، وعبر ممارسة الرذيلة معهن، لكن دون مقابل.
وتابع: «أجبرنا الفتيات على دفع مبالغ تتراوح بين 15-18 ألفاً، قيمة الإقامة والتذكرة من عملهن، والذي كانت العصابة تضع يديها عليه لتسترجع ما تم دفعه؛ فالعمل في المجال شائك، وفيه خطورة، لكن مكاسبه كبيرة جداً، واعتبر مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة هامة لجلب الزبونات الراغبات في العمل بالدولة لحاجة مادية؛ فيتم استغلالهن على هذا الأساس».
حلم تحقق
ماريانا لم تكن تعلم أنها ستكون ضحية لعصابة اتجار بالبشر، واعتقدت لبرهة بأن وجودها على أرض دولة الإمارات، حلم تحقق؛ فقد تعرفت على فالنتيو عبر أحد مواقع التواصل الاجتماعي، ويعرف باسم «زملاء الصف بالمدرسة»، دخل عليها وبدآ في البداية بدردشة عادية، وبعد أسبوعين؛ عرض عليها الحضور للإمارات للاستجمام، وقال لها: إن لديه شركة، فأبلغته أنها امرأة فقيرة، ولا تستطيع شراء التذكرة أو تدبير نفقات الحضور إلى دبي؛ فقال لها: لا تقلقي، وأنه سيتحمل المصاريف، وهي دعوة خاصة منه يتحمل فيها كل المصاريف، بما فيها توفير السكن الذي ستقيم به، وذكر لها أن مدة زيارتها أسبوع؛ سيعرفها خلالها على معالم المدينة، تقول ماريانا: «شعرت بالقلق، وطلبت منه مهلة للتفكير، وكنت وقتها قد أعطيته رقم هاتفي المتحرك، واستمر بالتواصل معي، وكنت قد اطمأننت له، وشعرت بصدق دعوته، كما أنه أرسل لي مبلغ 150 دولاراً، ونسخة عن التأشيرة والتذكرة، وبالفعل غادرت متجهة إلى دبي عبر مطار الشارقة، وكان هو في استقبالي، وعندما خرجت؛ أجرى عدة اتصالات، وتحدث بالروسية، وفهمت عبارة البنت وصلت، أين أنت؟»
كاميرا خفية
توجهت ماريانا مع فالنتيو إلى مقر سكنه في دبي، وهو أستوديو، وفي اليوم التالي أخذها بجولة وعرفها على امرأة، قال لها إنها صديقته التي ستبقى عندها ليومين، ريثما يحضر سكناً أوسع، تتابع ماريانا: «طلب مني تسليم جوازي للسيدة، وعندما رفضت؛ هددني بتحميلي نفقات التذكرة والتأشيرة والـ150 درهماً التي حولها لي في البداية، وهي مبالغ بالنسبة لي، طائلة، لا يمكنني سدادها، وظلت تلح عليّ، وهو يصرخ محاولاً إرغامي على تسليم الجواز؛ لتظهر لنا الشرطة؛ فتم إلقاء القبض علينا، وأنا لا أعلم ما الذي يحدث؛ فشعرت بأنني في فيلم أو تعرضت لمقلب كاميرا خفية، ولم أدرك خطورة ما كنت فيه إلا بعد أن تكشفت لي الحقائق عبر الشرطة.
العصابة التي يساعدهم شخص يدعى حمود، وهو خليجي نجح في اصطياد 9 فتيات من خارج الدولة، وعمل فالنتيو يتمحور في الإيقاع بهن مقابل حصوله على 25 % من عملهن، عدا السماح له بالممارسة معهن قبل بيعهن «للقوادات» على حد تعبيره.
صور مخلة
ذوالفقار صاحب الشركة، تم ضبطه في أحد الفنادق بدبي، وقال: إن بدايته مع عالم الاتجار بالبشر؛ بدأت عندما تعرف على تانيا في أحد الملاهي، وكانت تسمي نفسها أليسا، وعلم من بعض المتواجدين في البار أن لديها فتيات، يقول: «عندها طلبت مني أن أجلب فالنتيو بتأشيرة عمل، وبدأت وسيلتنا الرئيسة لجلب الفتيات عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
يوم الضبط، تم تفتيش شقة فالنتيو وباقي المتهمين؛ فوجدوا دفترين لتقييد أعمال الدعارة، وإيصالات تحويل مالية، ونسخ عن جوازات، وصور تأشيرات لفتيات من جنسيات أوروبية مختلفة، وتذكرة سفر، وكاميرا تصوير فيها صور مخلة؛ فوجهت لهم تهمة «الاتجار بالبشر».
مواصفات
كشف نقيب في الشرطة، رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن جملة من المواصفات المطلوبة تتحرك على أساسها الوسيطات لاستقطاب الضحايا، وهي مواصفات مرتبطة بالجمال والسن ولون البشرة وغيرها، وهناك مواصفات خاصة جداً يطلبها بعض الزبائن.