الطلاق هو الدواء المر الذي قد تلجأ إليه المرأة أحياناً لاستئصال ورم القهر والظلم الذي أصبح يؤرق حياتها الزوجية، ويهدد مستقبلها النفسي، والله تعالى لم يشرع أمراً لخلقه إلا كان فيه خير عظيم لهم، والطلاق ما شرع إلا ليكون دواء فيه شفاء وإن كان مرّاً، وإن كان أمره صعباً على النفوس، حيث قال عز وجل: "وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا"، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالنساء خيراً"، وهذا فيه حث وأمر للأزواج والآباء والإخوة وغيرهم أن يستوصوا بالنساء خيراً، وأن يحسنوا إليهن، ولا يظلموهن، وأن يعطوهن حقوقهن ويوجهونهن إلى طريق الخير حتى في حالات الطلاق، إلا أن المطلقة في مجتمعنا تلقى أشد أنواع المعاناة، حيث يخبرنا المستشار الاجتماعي عامر الأسمري في السطور التالية عما تلاقيه المطلقة، وكيف يمكن رفع الظلم عنها..
بداية يقول الأسمري: "على عكس ما أوصى به الرسول صلى الله عليه وسلم، نجد المرأة المطلقة في مجتمعنا العربي بشكل عام ومجتمعنا السعودي بشكل خاص تعيش حالة من الرهبة والخوف وعدم الاستقرار النفسي، وكأن المعاناة مكتوبة عليها".
المعاناة قبل الطلاق
يقول الأسمري: "تعاني المطلقة قبل الطلاق من زوج لا يعرف قيمتها، ولا يحترم أنوثتها، والبعض من الرجال كالوحش الذي لا يعرف إلا الضرب والتجريح والإهانة، فكيف تعيش مع رجل كهذا وهي لا تعرف الاستقرار والمودة والحنان والرحمة، وكأنها في معتقل أو سجن لا تجد فيه إلا العذاب والرهبة؟!"
معاناتها بعد الطلاق
ويرى الأسمري أن الضغوطات النفسية والاجتماعية تلاحق المطلقة في محيطها الاجتماعي كله، حيث يقول: "أما المعاناة بعد الطلاق فتكون من أقرب الناس لها، فربما تجد أباً لا يعرف إلا التجريح والإهانة، كما أن بعض الأمهات لا يرحمن ولا يتفهمن الأمر بشكل جيد، فتتعامل الأم مع ابنتها المطلقة كأنها ضرتها في البيت، وتهطل عليها بالأوامر والعمل الشاق، وبعض المطلقات في بيوت أهاليهن أصبحن كالخادمات لا راحة ولا رحمة، وذنبهن أنهن لم يوفقن في رجل أو زوج يحفظهن ويفهمهن ويحترمهن، وقد ينظر الأخوة والأخوات لأختهم المطلقة بعين البغض والكره، وأنها السبب في تشويه سمعة العائلة الكريمة، وكأن الطلاق ذنب ومعصية أو كبيرة من كبائر الذنوب، إضافة إلى أنها تواجه من خارج العائلة أعظم وأشد ألماً، وعندما ترفع المطلقة دعوى في طلب الحضانة أو النفقة أو أي قضية خاصة بها، تجد العجب والعُجاب، فلا مواعيد متوافرة، ولا إنجاز لقضاياها في وقت قصير، وبعض الأحكام فيها ظلم، كذلك التعامل معها فيه قسوة وظلم".
المطلقة.. لماذا تعرض عن الزواج مرة أخرى؟
عند الزواج ثانية
وبخصوص معاناتها عند الزواج للمرة الثانية، يقول: "في هذه الحالة فهي بين خيارين كلاهما أصعب من الآخر، وهما: تربية أبنائها، أو الزواج وستر نفسها وعرضها حتى لا تقع في الحرام، ولا تعلم أيهما تختار، كما أن المرأة المطلقة تجد الهمَّ والغمَّ في اختيار مستقبلها؛ لأنها لا تتمنى أن تعيد التجربة السابقة نفسها، ولا تكون ضحية للمرة الثانية".
الحلول
وحول الحلول يقول الأسمري: "يجب على المؤسسات الحكومية والخاصة معالجة هذا الوضع، والوقوف في صف المطلقة وحمايتها، وخاصة جانب القضاء والضمان، وتوفير راتب شهري يسد حاجة المطلقات أو وظائف حكومية لهن دون معاناة وذل وإهانة، وأن يكون للإعلام دور في تحسين الصورة الذهنية حول المطلقة" مشيراً إلى أن نسبة الطلاق في السعودية تعدت الخمسين بالمائة، وأن هذه الإحصاءات تعد مرعبة وكبيرة.
المزيد: