يرى علماء النفس، أن حب المراهقة لا يرتقي إلى مرتبة الحب الحقيقي، وأنه مجرد شعور بالإعجاب ينبعث من الاهتمام بالتعرف على الجنس الآخر، الذي تحركه الغريزة والتغيرات الهرمونية التي تؤثر على تفكير المراهقين، وتجعلهم غيرَ قادرين على تمييز مشاعرهم...وقد أوضحت العديد من الأبحاث والدراسات، أن ما يمر به المراهق من مشاعر وانجذاب نحو شخص ما، هو في حقيقة الأمر ليس إلا مجرد انعكاس لرغبات دفينة في معايشة أحداث القصص الرومانسية؛ وفقاً للدكتورة سيوكا سالستروم، عالمة نفس الأطفال والمراهقين في هانوفر، نيو هامبشاير.
تقول سالستروم: «إن المراهقين قد يفتقرون إلى القدرات المثبطة؛ لأن وظائف الدماغ التنفيذية لاتزال تتطور؛ نظراً لتجاربهم الحياتية مع الحب الرومانسي، قد يتجاهل الآباء مشاعر المراهقين، أو يقارنون الحب الرومانسي للمراهقين والبالغين؛ لذلك يتخذ الحب في سن المراهقة أشكالاً متعددة، منها وفق ما نشره موقع psychologytoday:
الهوس بالآخر
يعاني المراهقون في هذا العمر نوعاً من الحبّ المرضي الذي يُعرف بالهوس، وهو يصيب الفتيات أكثر من الصبيان، إن الهوس بالآخر يعني أن الفتاة تفكّر في الشخص الذي تحبّه ليلَ نهارَ، لدرجةٍ أنها عاجزة عن النوم من كثرة التفكير به، كما أن هذه الحالة تشهد تراجعاً كبيراً من مستوى العلامات المدرسية وشروداً ذهنياً مستمراً، يصل إلى حدّ التفكير بالانتحار وأذية النفس بحال لم تلقَ تجاوباً من حبيبها، ونذكر أن هذا النوع من الحبّ في المراهقة قد يكون تجاه إحدى الشخصيات المشهورة كالمغنين والممثلين وغيرهم.
الحبّ من طرفٍ واحد
قد يكون الحبّ من طرف واحد من بين أبرز الأشكال التي يمرّ بها المراهق، وهي الأكثر شيوعاً بين الصبيان والفتيات؛ ففي هذا العمر لا يقدر المراهق أن يتحكّم بمشاعره، وهو يفقد السيطرة تماماً عليها؛ مما يجعله ضحية الوقوع في حبّ شخص لا يبادله نفس المشاعر، إلا أن لهذا الأمر تأثيرات سلبية كبيرة على صحته النفسية؛ حيث إنه قد يفقد ثقته بنفسه بسبب رفض الآخر له وعدم التجاوب مع مشاعره.
وتضيف عالمة النفس سالستروم، أنه على الأهل أن يكسبوا ثقة طفلهم المراهق والتحدث معه بكل انفتاح وصراحة، حول كلّ ما يشعر به خلال هذه المرحلة؛ فعلى الأهل مساندة المراهق وتوجيهه نفسياً وسلوكياً دون منعه من عيش تلك المشاعر واختبارها.
– استشارة طبيب نفسيّ في حال ازدادت حالة المراهق سوءاً وتحوّلت إلى مرضية، ذلك ليصف العلاج المناسب ويجنّبه النهايات الحزينة.
أفضل طرق التعامل مع المراهقين
الاحتواء والعمل على تكوين علاقة صداقة معهم مبنية على أسس وحدود واضحة، تعتمد التوازن بين الانضباط والحرية، ومنحهم مساحة للتعبير عن وجهات نظرهم وتفهم ما يمرون به من اضطرابات نفسية وتغيرات جسدية وهرمونية.
المسئولية وتحفيز قدراتهم وطاقاتهم للاعتماد على أنفسهم ومشاركتهم واستشاراتهم في بعض الأمور الخاصة بالعائلة، وإبداء الاهتمام والإعجاب بآرائهم الصائبة، والنصح بلين في حال الخطأ، مع توجيههم بطرق غير مباشرة لتعزيز ثقتهم في نفسهم.
الجلسات الحوارية والرد على التساؤلات التي تشغل فكرهم بشتى جوانب الحياة، ومراعاة الإجابة الدقيقة على المواضيع الحساسة المتعلقة بالجنس أو الحيض والاحتلام، وغيرها من الموضوعات المحرجة.
التشجيع والدعم المستمر لهم، ودفعهم للانخراط في الأنشطة الهادفة وممارسة الرياضة، ومتابعة حياتهم العملية والاجتماعية، دون تدخل أو فرض، فقط النصح والإرشاد وتوضيح الفائدة والأضرار.
الخصوصية وعدم تخطي حاجز الثقة بينكم، واحترام مشاعرهم وتقلباتهم المزاجية، دون التقليل من ثورات غضبهم أو التهكم عليهم.
ما هي فوائد حب المراهقة؟
من عاش مرحلة المراهقة بطريقة سويّة بدون كبت أو إنكار أو حرمان، يخرج منها أكثر نضجاً بفضل هذه الدروس المستفادة:
· معرفة الذات، معرفة نقاط القوة ونقاط الضعف والميول الجنسية والاحتياجات العاطفية، تحديد القيم والمبادئ وقانون الأخلاق الخاص به/بها.
· المشاركة والحوار والمصارحة وحل المشاكل والعطاء واستقبال المشاعر وتقبّل الحب.
· التعلم من أخطاء سوء الاختيار، أو في التعامل مع الطرف الآخر.
· تطوير الثقة بالنفس وزيادة القدرة على الاختيار والتعامل مع الجنس الآخر.
· توثيق الإيمان بالقدرة على تخطّي الصعاب والألم.
· معرفة الفرق بين الانجذاب الجسدي والصداقة والتقارب والحب والالتزام تجاه شخص آخر.
· بدء العلاقات العاطفية في اتخاذ شكل أكثر واقعية بعد تجارب المراهقة.