على مدار 4500 عام حافظ المصريون على الإحتفال بعيد شم النسيم بطقوسه المدهشة وتقاليده الشعبية المتوارثة وعاداته الموغلة فى القدم ..
شم النسيم يبدأ بشم البصل..
يكاد لا يخلو بيت مصرى من طقس الترحيب الاحتفائي بشم النسيم، وهو شم البصل فكل أم تصحو مبكرا لتقسم بصلة نصفين وتدور بها على المنزل كله تشمم الجميع البصلة ليستيقظ الجميع بضحكاتهم على رائحتها النفاذة ثم يستعدون لتلوين البيض فالانطلاق للحدائق والمتنزهات التى تكتسى برداء الربيع الزاهى بصحبة الفسيخ والملانة والترمس والخس والبصل الاخضر وكثير من البهجة والسعادة..
شم النسيم عيد فرعونى
تعود تسمية شم النسيم لـ"عيد شمو عند الفراعنة وهو يرمز لبعث الحياة حيث كان المصريون القدماء يعتقدون أن ذلك اليوم هو أول الزمان، أوبداية خلق العالم، حيث اكتشفوا فلكيا أن هذا اليوم يتساوى فيه طول النهار مع طول الليل..
عادة تلوين البيض
تصور المصرى القديم الكون على هيئة بيضة انفجرت ومن هنا اتت عادة تلوين البيض وكان المصرى القديم يلونه بالاكاسيد ولم يكن يعرف بيض الدجاج بل عرف بيض الأوز(ميديوم) والنعام حيث عثر على جدارية توضح طيور أبو قردان والفلاح المصري يجلس والبيض قد جُمع في السلال استعدادا لتلوينه كقربان احتفالا بعيد شمو.
الفسيخ يقي شررياح الخماسين
يقول الباحث بتاريخ المصريات د. فؤاد عبد الجليل عن عادة اكل الفسيخ يقول المصريون القدماء كانوا يجيدون بشكل خاص تخزين وتمليح الأسماك وكانوا يعتقدون أن السمك المملح خير من الله يقيهم شررياح الخماسين، والتى تهب بعد شم النسيم .
البصل يبعد الارواح الشريرة
وعن عادة أكل البصل يقول مستوحاة من قصة ابن الملك الذي كان يعاني من مرض مجهول قيل أن سببه الأرواح الشريرة. تم علاج المرض برائحة البصل ، لذلك بدأ الفراعنة في تناوله في مثل هذا اليوم كوسيلة لإبعاد الأرواح الشريرة في العام الجديد.
الخس نبات مقدس لإله التناسل
الخس كان يقدم فى سلال القرابين وعلى موائد الاحتفال بالعيد وكان يسمى بالهيروغليفية (حب) كما اعتبره المصريون القدماء من النباتات المقدسة الخاصة بالمعبود (من) إله التناسل
الملانة ثمرة الحمص المقدس
وعن الملانة يقول د. فؤاد هى ثمرة الحمص المقدس واسمها (حور – بيك) أى رأس الصقر فهى تشبه رأس حور الصقر المقدس، وهى تسلق وتؤكل أو يتزين بها الفتايات لطرد الارواح الشريرة التى تغضب الإله.
لم تتوقف هذه الطقوس لآلاف السنين حتى خلال جائحة كورونا بالعام الماضى احتفل المصريون بشم النسيم داخل منازلهم لما فرضته أجواء الاجراءات الاحترازية وحظر التجول..
هل يحتفل المصريون بشم النسيم فى ظل رمضان واجراءات كورونا..
بهذا العام يتوافق عيد شم النسيم مع شهر رمضان المعظم بالإضافة للاجراءات الاحترازية بسبب جائحة كورونا والتى لم تنتهى مما دعا الكثيرون للتساؤل هل سيظل المصريون يحتفون بشم النسيم وسط كل هذه الاجواء..
أكل الرنجة والفسيخ في رمضان، جائز شرعا
ذكرت دار الإفتاء المصرية عبر صفحتها الإلكترونية، أنّ أكل الرنجة والفسيخ في رمضان، جائز شرعا، مشيرة إلى أنّ شم النسيم عادة مصرية ومناسبة اجتماعية ليس فيها شيء من الطقوس المخالفة للشرع، ولا ترتبط بأي معتقد ينافي الثوابت الإسلامية. على ان الحكومة المصرية تنصح المواطنين بتطبيق الاجراءت الاحترازية خلال الاحتفال بشم النسيم..
نبيلة عبد الرحيم – ربة منزل أربعينية تقول .. سنحتفل بشم النسيم بعد الإفطار وأعددت بالفعل البيض يلونه الاولاد بنهار رمضان حتى الإفطار أما الأسماك المملحة سنتناول منها القليل ولن تكون هى وجبة الإفطار الرئيسية ولكننا لن نوقف عادة شم النسيم.
أحمد سمير – معلم رياضيات خمسينى لديه ثلاث أولاد يرى أن هذه الاجواء لا تتحمل احتفال شم النسيم بعاداته المملحة الباعثة على العطش بنهار رمضان وسيرجئها للعام القادم..
د. نهى عبد الجواد استشارى التغذية العلاجية تحذر من تناول الأسماك المملحة على الإفطار حيث يزيد الملح من حاجة الجسم للماء، خاصة خلال ساعات الصيام، الأمر الذي يزيد من الشعور بالعطش ويعرض الصائم للجفاف ، كما ان تناول الأسماك المملحة لن يتوافق مع كورونا فى ظل موجتها الثالثة لافتة لاهمية تناول غذاء متوازن يحتوي على الفيتامينات والمعادن والألياف الغذائية والبروتين ومضادات الأكسدة، والتي يحتاجها الإنسان لتقوية جهازه المناعي وشددت على تقليل استخدام ملح الطعام قدر الإمكان.