الطفل يولد صفحة ناصعة البياض.. لا خطوط عليها ولا ألوان، والآباء بأسلوب رعايتهم وتربيتهم وتوجيههم لهذا دون ذلك.. يحفرون خطوطاً تدوم طويلا على الابن وترسم شخصيته؛ فتحدث صداها سلباً كان أو إيجاباً طوال العمر؛ الأسرة هي عالم الطفل الذي يعيش وسْطه ويتعلم منه الخطأ والصواب، ومن بعد الآباء تتشارك الحضانة فالمدرسة ووسائل الإعلام المختلفة في التربية وتكوين شخصية الطفل وإعدادها للحياة.. تشاركنا الرأي الدكتورة ابتهاج طلبة الأستاذة بكلية الطفولة المبكرة
التربية بين الأمس واليوم
- قال حافظ إبراهيم، شاعر النيل: «الأم مدرسة إذا أعددتها.. أعددت شعباً طيب الأعراق»، اليوم لم يعد الآباء قادرين وحدهم على تربية الأبناء؛ فهناك وسائل التكنولوجيا الحديثة التي لا تفارق أصابعهم؛ مما يؤثر على تفكيرهم.. وينعكس على سلوكهم
- وهذا لا يمنع ولا يحد أو يقلل من دور الآباء، والمجهود الذي ينبغي أن يبذلوه والعطاء الذي عليهم تقديمه للأبناء.. خاصة خلال السنوات الأولى من عمر الطفل، وهل ننسى أن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر.. لا يُمحى
العوامل المؤثرة في تربية الطفل
أولاً: الأبوان والأهل المحيطون بالطفل
- الأسرة - من العوامل الداخلية- هي لبنة البناء الأساسية وأول ما يتعرف عليه الطفل؛ حيث تقوم بدورها في تربية الطفل وتكوين شخصيته، وبالتالي تقوى شخصيته ويستطيع تكوين علاقات اجتماعية وأصدقاء وزملاء دراسة
- كما أن عدد أفراد الأسرة له علاقة بقدر ومساحة الرعاية المقدمة للطفل؛ حيث إنه كلما قل عدد الأفراد، تكون الرعاية المقدمة للطفل أكثر.. خاصة داخل الأسر المتوسطة الحال من الناحية المادية
- كما أن نوعية العلاقات السائدة بين الوالدين -التفاعل الأسري- تؤثر على تنشئة الطفل وتكوين شخصيته؛ حيث إن هناك فرقاً بين الطفل الذي يترعرع في ظل أسرة يسودها الود والتفاهم والمحبة؛ مما ينعكس على تكوين شخصيته بشكل إيجابي
- وبين الطفل الذي يتربى في ظل عائلة يسودها النزاع والتفكك؛ فينشأ طفلٌ ذو شخصية ضعيفة.. مترددة، لا تشعر بالأمان، مشتتة الذهن.. خائفة من فقد أحد الوالدين بالانفصال عاجلاً أو آجلاً
ثانياً: العوامل الخارجية.. زملاء الدراسة
- وتتمثل في الحضانة، المدرسة، أو الجامعة؛ حيث تؤثر تلك المؤسسات في تكوين شخصية الأبناء، بتواجدهم واختلاطهم لساعات تطول في محيط شبه أسري، مكون من مديرين ومدرسين وطلبة؛ مما يؤثر في فكر الطفل وسلوكه
- سواء أكانوا من الروضة أو المدرسة أو الجيران، من الطبيعي أن يتأثر الطفل بالأطفال الذين يشابهونه في العمر؛ حيث يقلد الطفل من يقاربونه ومن يلعبون معه في كافة الأعمال الصادرة عنهم، سواء أكانت الأعمال مقبولة أو مرفوضة
- إضافة إلى ثقافة المجتمع والعادات والتقاليد الخاصة به، والتي يشاهدها أو يسمع عنها أو يمارس بعضها تمشياً مع الزملاء أو الأصدقاء، والتي قد تكون مختلفة عما تربى عليه داخل أسرته
- وقد يكون هذا الاختلاط مفيداً للطفل في حال اختلاطه بالأصدقاء الجيدين المتشابهين معه في طريقة التربية والتفكير؛ مما يؤدي إلى المساهمة بشكل فعال في التربية، عكس الاختلاط بأصدقاء السوء؛ فإن الطفل يخسر الكثير
ثالثاً.. توجهات المجتمع
- توجهات المجتمع وثقافته التي تشكل ثقافة وشخصية الطفل القومية
- فكلما كان المجتمع هادئاً وحالته الاقتصادية مستقرة، أدى ذلك إلى التنشئة الإيجابية السليمة لأفراده، وكلما كان المجتمع تجتاحه الفوضى، أسهم ذلك في التنشئة السلبية والضارة
- ·والنقطة الأهم.. والتي تعد مشكلة الآباء اليوم، هي: وسائل الإعلام.. من أكثر العوامل الخارجية المؤثرة في تربية الأبناء؛ حيث تؤثر سلبياً من خلال نقل
- الثقافات المختلفة عن مجتمعنا، والتي تسهم في تغيير عاداتنا وتقاليدنا التي نشأنا عليها
- خاصة شاشات التلفزيون، وبقية الوسائل التي قد تبدو بسيطة لصغر حجمها؛ فينبغي على الوالدين توخي الحذر الشديد عند مشاهدة الأبناء لها، وانتقاء المناسب للمشاهدة، والابتعاد عن عديم الفائدة والمؤثر سلبياً في التربية
قواعد أساسية للتربية
- تسعى كل أسرة إلى تربية أبنائها التربية السليمة، التربية التي تخلق أفراداً صالحين متصالحين مع أنفسهم ومع غيرهم
- على الآباء القائمين على التربية أن يوجهوا أبناءهم إلى أهداف واقعية غير خيالية صعبة التحقيق، مناسبة أو تتناسب لكل مرحلة من مراحل التطور والنمو للأبناء
- السعي لغرس خصال الخير فيهم، والتوجيه لبناء الشخصية من الناحية الجسدية والنفسية والفكرية والروحية
- محاولة منع الأهل -الخالات والعمات والأجداد- من التدخل في تربية الأبناء؛ إذ تعد من الصعوبات التي يواجهها الوالدان في تربية أبنائهما؛ مما يؤدي إلى تشتت الطفل فيما بينهم
- ولتقليل هذه الصعوبة، ينبغي أن يكون الوالدان على دراية تامة بأساليب التربية السليمة، وما قد يواجههم من عوائق في سبيل تحقيق ذلك الهدف السامي