تمر هذه الأيام ذكرى الضاحك الباكي نجيب الريحاني والذي ترك بصمة فارقة في تاريخ المسرح والسينما العربية، خلال مسيرة فنية امتدت على مدار 30 عامًا، وقد قامت جينا الريحاني ابنته - 83 عاماً-مؤخراً بزيارة قبر والدها إحياءا لذكرى رحيله...
"سيدتي" كانت التقت ابنة الريحاني في معرض تصوير فوتوغرافي يحيي ذكراه، وجينا الريحاني هذه السيدة التي تشبه والدها إلى حد كبير في ملامحه وطريقة كلامه وحركاته وسخريته تستعيد ذكرى نجيب الريحانى من خلال الحوار التالي:
نجيب الريحاني أفضل من يتعامل مع المرأة
-
ماذا تقولين عن نجيب الريحاني.. وكيف كانت شخصيته؟
نجيب الريحاني والده الياس ريحانه من العراق.عاش والده مرحلة شبابه في الموصل وكان يعمل في تجارة الخيول وبعدها رحل إلى مصر وتزوج مصرية وأنجب منها أولاداً عدة منهم والدي، ووالدي رجل رومانسي، رقيق المشاعر يحب السيدة الجميلة وكانت أمي تقول إنه "أفضل من يتعامل مع المرأة".
أفضل الأوقات التي قضيتها معه كانت بين القاهرة وباريس حينما كان يصحبني في جولة لأشاهد القاهرة العظيمة "على حد تعبيره" ولكن تلك الزيارات كانت محفوفة بالخوف من أن تعرف بديعة مصابني زوجته بوجود أمي، بينما في باريس كنت أتجول معه في كل مكان بحرية وكان دائم الابتسام والتفاؤل ويتميز بخفة الدم والتعليقات الساخرة التي لا تنتهي والتي ينتقد بها كل الأوضاع السياسية والاقتصادية التي لا تعجبه..
ورثت الجانب الفني من والدي ...
تقول جينا: "ورثت حب الفن من والدي فأنا خريجة معهد التمثيل بألمانيا ووالدي لم يكن يريدني أن أعمل بالفن ولكنني مثلت عدداً من الأفلام في ألمانيا منذ أكثر من خمسين سنة وقدمت مسرحيتين وذلك قبل أن أتزوج".
"لعبة الست" أقرب أعمال نجيب الريحاني لقلبه ويسرا صديقة لجينا..
أقرب أعماله كانت فيلم "لعبة الست" فهو يظهر الريحاني بشخصيته الحقيقية كشخص فقير ، باجتهاده ومثابرته وإخلاصه تتحسن أحواله، وتؤكد جينا أن الريحاني كان يكنّ مكانة خاصة للراحلة تحية كاريوكا.
تقول جينا :"للأسف لم ألتق زملاء والدي ففي شبابي كنت أكرس وقتي كله لتربية أولادي والاهتمام بهم كذلك بسبب رفض زوجي لم أستطع التواصل مع الفنانين على أن يسرا هي صديقتي وهي أجمل الفنانات على الساحة".
الكوميديا اختلفت كثيراً ولا يوجد من يأخذ مكانة أبي
وتتابع جينا قائلة:"الكوميديا أصبحت تجارة والثقافة اضمحلت لحد كبير وقد تغيرت الثقافة في العالم العربي كثيراً ، ولا أجد فناناً يستطيع أن يأخذ مكانة أبي وأرى الكوميديان الحقيقي أختفى تماماً".
جائزة سنوية باسم الريحاني
وتضيف:"منذ سنوات وأنا أسعى لتنظيم جائزة سنوية باسم الريحاني بهدف اكتشاف المواهب الكوميدية الجديدة ولكنني ما زلت أبحث عن جهة تتبنى هذه الجائزة وتحدد المعايير العلمية والأكاديمية للاختيار والشروط ...وذلك بهدف تشجيعع الكوميديا الراقية وتكون هذه الجائزة تكريماً لأستاذ الكوميديا في العالم العربي والذي استمد الكثيرون نجاحهم من روحه الأصيلة"...
المرأة العربية استطاعت تحقيق الكثير
وتقول:"أجد المراة العربية استطاعت تحقيق الكثير فأيامي كانت السيدات يذهبن للمدارس لمجرد الحصول على شهادة ولم يكنّ يهتممن بالتعليم والثقافة ولكن الصورة اختلفت الآن بعد انتشار التعليم والتقدم الهائل في وسائل التكنولوجيا واجتياح العولمة كل مكان. أصبحت المرأة في كل مكان تستطيع أن تطالب بحقوقها وتحصل عليها ولقد استطاعت الكثير من النساء العربيات الوصول لمراكز متقدمة".
أمنيات من أجل تكريم الريحاني
تطالب جينا المهرجانات السينمائية العربية أن تحتفي بالفنان الريحاني كظاهرة سينمائية فريدة استطاعت أن تقدم أعمالاً فنية رائعة وأن يكرم كرائد من رواد السينما العربية بما يليق به.
جينا ابنة الريحاني الوحيدة
جينا نجيب الريحاني هى الابنة الوحيدة لنجيب الريحاني من زوجته الألمانية لوسي دي برناي تروي، والتي كانت تقيم بمصر في ثلاثينيات القرن الماضي والتقت الريحاني وارتبطا بقصة حب ، ثم سافرت لوسي لفرنسا واختفت أخبارها، والتقاها الريحاني في إحدى سفرياته لفرنسا بعد 16 عاماً، وتزوجها وأنجبا جينا في العام 1938، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عادت والدة جينا لمصر لتربيها هناك واتفقت مع الريحاني أن يظل زواجهما سرياً لأنه كان متزوجاً من بديعة مصابني ولا يمكنه فسخ الزواج لأنه كاثوليكي. وظل الوضع السري قائماً حتى وفاته سنة 1949 وكان الوحيد الذي يعلم هذه العلاقة بديع خيري.
-
جينا تزور قبر والدها
قامت جينا الريحاني بزيارة قبر والدها ، وظهرت وهي ترتدي الطربوش تمثلاً بوالدها في زمن الطرابيش ووضعت الورود على قبره يرافقها ابنها جون بير، إلا أنها غمرها التأثر في حضرة روح والدها..
يذكر أن نجيب الريحاني أحد أشهر صانعي المسرح العربي في القرن العشرين، جذب الانتباه بشخصية (كشكش بيه) والتي نقلها إلى السينما، وصنع نهضة مسرحية في زمن كان المسرح مازال يحبو كما حوّل عدداً من مسرحياته إلى أفلام جرى تصوير عدد منها بباريس وتركت في أذهاننا بصمة لا تنسى، من أشهر مسرحياته: (30 يوم في السجن) و(الدلوعة) و(الدنيا على كف عفريت) و(إلا خمسة)، نافس بمسرحه كلاً من علي الكسار وفوزي الجزايرلي وأيضًا يوسف وهبي، توفي إثر إصابته بمرض التيفوئيد قبل أن يُعرض فيلمه الأخير (غزل البنات) وتوفي الريحاني عن عمر يناهز 60 عاماً.