مرض التصلّب اللويحي المتعدّد المزمن، يصيب الجهاز العصبي المركزي (أي الدماغ والنخاع الشوكي)، ويندرج تحت خانة أمراض المناعة الذاتيّة. صحيحٌ أنّ مرض التصلّب اللويحي المتعدّد المزمن نادر الحدوث، بيد أنّه الأوّل في فئة أمراض المناعة الذاتيّة، ويكمن خطره في أنّه يطال الشريحة العمريّة المنتجة أي بين 15 و45 سنة، وبخاصّة النساء (امرأتان مصابتان في مقابل كل رجل مصاب)، وقد يودي بهن إلى الإعاقة، مع إهمال العلاج.
و"التصلّب"، اختصارًا، مرض مسؤولة عن وجوده عوامل جينيّة، وأخرى بيئية، كالشدّة (السترس) والتدخين والنقص في الفيتامين "د".
معتقد خاطئ
ثمّة معتقد خاطئ مُتعلّق في أمراض المناعة الذاتيّة، الأمراض التي يعتبر البعض أنّها عبارة عن نقص في المناعة أو فائض فيها، ولو أن الحقيقة العلميّة تفيد بأن المصابين بالأمراض المذكورة، وعلى النقيض من ذلك، يتمتّعون بمناعة قويّة وفعّالة تحصّنهم من الفيروسات والبكتيريا والأمراض الجرثوميّة والسموم ومواد البيئة الضارّة التي تهاجم الجسم. لكن هؤلاء المرضى يشكون من خلل يجعل الأجهزة المناعية في أجسامهم تحارب مكوّنات تنتمي إلى أساس الجسم. ففي حالة "التصلّب"، يهاجم الجهاز المناعي غشاء العصب، المتمثّل في الـ"مايلين" أي المادة العازلة التي تغطّي الخلايا العصبيّة، ما يتسبّب بمشكلات في الاتصال بين الدماغ وأعضاء الجسم الأخرى. ويحارب الجهاز المناعي أيضًا المادة البيضاء، أي إحدى المادتين المكوّنتين للجهاز العصبي المركزي، ما قد يتسبّب بتلف الأعصاب أو تدهورها. وتنتج عن الهجوم على الـ"مايلين" أو المادة البيضاء، إصابات عدّة في الجهاز العصبي المركزي، الإصابات التي تختلف في الزمان والمكان.
تابعوا أيضاً: سعودية تطلق مبادرة مجتمعية عن التصلب اللويحي بجدة
تشخيص مرض التصلّب اللويحي المتعدّد
تشدّد اختصاصيّة إنعاش أمراض الدماغ والجهاز العصبي الدكتورة كالين جدم، في لقاء مع "سيدتي. نت"، على أهميّة التشخيص السليم والمبكّر، والعلاج المناسب المتمحور حول العقاقير الحديثة في الحالات المزمنة، بالإضافة إلى دور الـ"كورتيزون" في التخفيف من حدّة هجوم الجهاز المناعي.
سؤال الدكتورة جدم عن كيفيّة الكشف عن "التصلّب"، تجيب عنه معدّدة الوسائل الآتية:
- أثناء الفحص السريري، قد يشكّ الطبيب في وجود المرض، عندما يتحدّث المريض عن تنميل كان يشعر به في منطقة ما من جسمه منذ سنوات، فيضيف أن التنميل ما لبث أن انتقل إلى منطقة أخرى...
- التصوير بوساطة الرنين المغناطيسي الذي يتحرّى عن وجود لويحات جديدة، وأخرى قديمة في الجهاز العصبي المركزي، سواء في النخاع الشوكي، أو في أماكن أخرى من الدماغ، بعضها ناشط والبعض الآخر منها خامل، وذلك بناءً على "معايير ماكدونالد" المستخدمة في التشخيص.
- تشابه عوارض مرض التصلب اللويحي المتعدد مع أمراض أخرى، يستدعي إجراء فحوص دم متخصّصة أو فحص ماء النخاع الشوكي، للتأكد من وجود المرض من عدمه.
عوارض "صامتة"
عوارض المرض "صامتة" حينًا، فلا يكشفها سوى التصوير بوساطة الرنين المغناطيسي، أو واضحة أحيانًا، وبالتالي هي تتركّز في المكان الذي يهاجمه الجهاز المناعي بالجهاز العصبي. مثلًا، عندما يهاجم الجهاز المناعي عصب العين، سيشعر المصاب بالرؤية المغبّشة. وعندما يهاجم الجهاز المناعي مناطق الإحساس في الجسم، سيشعر المصاب عندئذ بخدر. وعندما يتركّز هجوم الجهاز المناعي على مناطق تتعلّق بالحركة، سيواجه المصاب الضعف الحركي أو الشلل. أمّا عندما يجتاح الجهاز المناعي الجهاز البولي، فإنه يولّد مشكلات في البول. إلى ذلك، هناك عوارض كضعف التركيز والتعب المزمن، مع تطوّر المرض.
إشارة إلى أن للمناطق الجعرافية دورًا في الإصابة، بخاصة تلك الباردة كشمال أوروبا وكندا والولايات المتحدة.
هام للمرأة المصابة
تشجّع الدكتورة جدم كلّ مصابة بمرض التصلّب اللويحي المتعدّد المزمن بمتابعة حياتها، بصورة طبيعيّة، وبالتخطيط للحمل عند الرغبة في ذلك، إذ لا علاقة مؤكدة على نقل المصابة المرض إلى وليدها، فالعامل موجود لكنّه ليس حتميًّا.
تابعوا أيضاً: الصحة السعودية: لا يوجد ما يمنع مرضى التصلب اللويحي من أخذ لقاح كورونا